تحتفل
مصر فجر غد بظاهرة تعامد الشمس على
معبد أبو سمبل في حدث يحرص آلاف الزوار من المصريين والسياح على حضوره كل عام.
واستعدت
وزارة السياحة والآثار للحدث بتجهيزات مكثفة حيث تم ترميم كافة الأماكن التي تحتاج إلى تقوية وتثبيت النقوش الرائعة وألوانها عن طريق استخدام مواد خاصة.
ويعد
معبد أبو سمبل أحد أكثر
المعالم الأثرية روعة في مصر، وقد بني في عهد الأسرة الـ 19 بقرار من الملك رمسيس الثاني، وشيد الملك رمسيس الثاني معبده الكبير في أبو سمبل، وشيد بجواره معبداً لزوجته الملكة نفرتاري.
واكتشف الرحالة السويسري "ابراهام بوركهارت" المعبد عام 1817 وقد تعرض
معبد أبو سمبل عقب بناء السد العالي للغرق نتيجة تراكم المياه خلف السد العالي وتكون بحيرة ناصر.
وبدأت الحملة الدولية لإنقاذ آثار النوبة في عام 1959، بعد أن كانت تحت التهديد بسبب ارتفاع منسوب مياه نهر النيل، بعد عملية بناء السد العالي في أسوان، لذلك أسرعت الحكومة المصرية متمثلة في وزير الثقافة الأسبق الدكتور ثروت عكاشة، في مخاطبة اليونيسكو لاتخاذ خطوات جادة وتوجيه نداء دولي لكل دول العالم للمشاركة في مشروع إنقاذ آثار النوبة.
وفي عام 1964 بدأ فريق عمل متعدد الجنسيات من علماء الآثار والمهندسين ومشغلي المعدات الثقيلة الماهرة في العمل معا لإنقاذ معبدي أبو سمبل (
معبد أبو سمبل الكبير والصغير).
واستغرق العمل لنقل المعبدين قرابة ست سنوات، حيث تم البدء في تقطيع المعبدين بعناية فائقة إلى كتل كبيرة، تصل الواحدة منها إلى 30 طنا وتم نقلها وأعيد تركيبها مرة أخرى في موقع جديد على ارتفاع 65 متراً، وعلى بعد 200 متر عن سطح مياه بحيرة ناصر، في واحدة من أعظم تحديات الهندسة الأثرية في التاريخ ليتم بعد ذلك الحفاظ على هذه المعابد لتبقى حية حتى يومنا الحاضر شاهدة على عظمة البناء في
مصر في الماضي والحاضر.
وقبل البدء في عملية نقل المعبدين وبالتحديد في عام 1956 تم إنشاء مركز تسجيل الآثار المصرية لتسجل وتوثيق المعابد، حيث لعب دورا مهما في عملية الإنقاذ باعتباره الجهة العلمية المنوطة بتوثيق وتسجيل الآثار المصرية، حيث قام المركز بتوثيق وتسجيل المعبدين بالكامل قبل وأثناء وبعد عملية الإنقاذ عن طريق الرفع المعماري، والتصوير الفوتوغرافي، والرسم الخطي (الفاكسميلي)، لجميع المناظر والنقوش الموجودة على جدران المعبدين من الخارج والداخل، وهي محفوظة الآن في أرشيف المركز.
جدير بالذكر أنه بدأ بناء هذين المعبدين في حوالي عام 1264 قبل الميلاد، واستغرق البناء حوالي عشرين عاماً حتى عام 1244 قبل الميلاد.
وقد كرس
معبد أبو سمبل الكبير( معبد رمسيس الثاني) لعبادة رع حور آختي وبتاح وآمون رع، أكبر ثلاثة آلهة في الدولة المصرية في ذلك الوقت، تتكون واجهة المعبد الكبير من أربعة تماثيل ضخمة لرمسيس الثاني، الواحد منها بارتفاع 22 م.
وقد تم تصميم المعبد لتشرق الشمس على وجه تمثال رمسيس الموجود في قدس الأقداس.
ويقع إلى الشمال من معبد رمسيس الثاني، المعبد الصغير لزوجته نفرتاري ولا يفصلهما إلا وادٍ صغير.. وقد كُرس لعبادة الإلهة حتحور.
ويعد معبدا أبو سمبل جزءاً من مواقع التراث العالمي لليونسكو المعروف باسم "آثار النوبة"، والتي تمتد من أبو سمبل إلى فيلة (قرب أسوان).. نحتت المعابد كنصب دائم للملك رمسيس الثاني وللملكة نفرتاري، احتفالاً بانتصاره في معركة قادش.
وكانت الكاتبة البريطانية "إميليا إدوارد" والفريق المرافق لها، أول من رصد ظاهرة تعامد الشمس في شتاء عام 1874، ويعد كتابها المنشور عام 1899 بعنوان "ألف ميل فوق النيل"، هو أول توثيق مكتوب لهذه الظاهرة الفريدة التي تبدأ مع شروق الشمس وتستمر لمدة 20 أو 25 دقيقة فقط.
ويبلغ عمر هذه الظاهرة نحو 33 قرنا من الزمان، التي تعكس التقدم العلمي الذي توصل له القدماء المصريون في علم الفلك والنحت والتخطيط والهندسة والتصوير.
وتخترق أشعة الشمس الممر الأمامي لمدخل معبد رمسيس الثاني بطول 200 متر حتى تصل إلى قدس الأقداس الذي يكون من منصة تضم تمثال الملك رمسيس الثاني جالسا وبجواره تمثال الإله رع حور أخته والإله آمون وتمثال رابع للإله بتاح، وتتعامد الشمس على وجه 3 تماثيل فقط، هي تمثال الملك رمسيس الثاني، جالسا وبجواره تمثال الإله رع حور أخته، والإله آمون، بينما لا تتعامد على تمثال الإله بتاح لأنه إله الظلام عند المصريين القدماء.
وكانت ظاهرة "تعامد الشمس" تحدث يومي 21 أكتوبر و21 فبراير من كل عام، جاء عام 1964، بعد نقل
معبد أبو سمبل وتقطيعه لإنقاذه من الغرق تحت مياه بحيرة السد العالي في بداية الستينيات من موقعه القديم، الذي تم نحته داخل الجبل، إلى موقعة الحالي، لتصبح تلك الظاهرة الفريدة تتكرر يومي 22 أكتوبر و22 فبراير من كل عام.
وهناك روايتان لسبب تعامد الشمس، الأولى: هي أن المصريين القدماء صمموا المعبد بناء على حركة الفلك لتحديد بدء الموسم الزراعي وتخصيبه، والرواية الثانية: هي أن هذين اليومين يتزامنان مع يوم مولد الملك رمسيس الثاني ويوم جلوسه على العرش.