عززت الدولة المصرية من قوتها الناعمة بالتزامن مع جهودها الإصلاحية المتواصلة في شتى المجالات على مدار ثماني سنوات، من أجل استدامة التنمية وترسيخ قوة عناصرها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، حيث تعد القوة الناعمة بمثابة القاطرة لتعزيز دور مصر ومكانتها على الساحة العربية والإقليمية والدولية ومواجهة التحديات، بما يمكنها من طرح ورعاية المبادرات الهادفة إلى تحقيق الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة، فضلاً عن العمل على تحقيق التقارب مع الشعوب من مختلف الثقافات، بجانب الاستثمار في رأس المال البشري، واستغلال الإرث الثقافي والتاريخي والثقل الإنساني والحضاري للترويج للثقافة والحضارة المصرية، الأمر الذي ينعكس إيجاباً على تدعيم مكانة مصر على خريطة الاستثمار والسياحة ويضعها في موقعها الصحيح كقوة مؤثرة في محيطها الإقليمي بل والعالمي، وهو ما دفع إلى احتلال مصر مواقع متقدمة في مؤشرات التصنيف الدولية، باعتبارها نموذجاً متميزاً في القوة الناعمة.
وفي هذا الصدد، أصدر المركز الإعلامي لمجلس الوزراء، تقريراً تضمن إنفواجرافات تحت عنوان " القوة الناعمة لمصر.. أين كنا وكيف أصبحنا " وذلك بعد ثماني سنوات من جهود الارتقاء بمجالات قوتها الناعمة، وفي إطار تصنيف مؤسسة "براند فاينانس" لمصر كواحدة من أفضل دول العالم أداءً في مؤشر القوة الناعمة.
فقد تطرق التقرير للحديث عن الجهود الحكومية والنظرة الدولية في إطار الارتقاء بمؤشر التراث والثقافة، والذي يعتمد في التقييم على بعض الركائز الفرعية منها تحقيق الريادة في المجالات الثقافية والسياحية والرياضية و التراث الغني، ومدى توافر المعالم السياحية والأثرية التي يمكن زيارتها.
فبالنسبة لتحقيق الريادة الثقافية، أشار التقرير إلى اختيار القاهرة عاصمة للثقافة في العالم الإسلامي من قبل منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو)، فضلاً عن تسجيل الاحتفالات المرتبطة برحلة العائلة المقدسة على قوائم اليونسكو.
كما نظمت مصر العام الثقافي المصري الصيني عام 2016، وكذلك تم إطلاق العام الثقافي المصري الفرنسي 2019، وإطلاق فعاليات عام التعاون الإنساني المصري الروسي 2021، بالإضافة إلى تنظيم فعاليات الدورة 21 لمؤتمر الوزراء المسئولين عن الشئون الثقافية بالتعاون مع المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم عام 2018.
يأتي هذا فيما افتتح الرئيس دورة اليوبيل الذهبي لمعرض القاهرة الدولي للكتاب بمشاركة 35 دولة عربية وأجنبية، كما انطلقت فعاليات الدورة 54 للمعرض مطلع هذا العام وشارك بها 1074 ناشراً من 53 دولة، وكذلك تم إقامة النشاط الثقافي للأكاديمية المصرية للفنون بروما موسم 2020/2021.
وذكر التقرير أنه تم تسجيل (السيرة الهلالية – التحطيب – الأراجوز – الممارسات المرتبطة بالنخلة والنسيج اليدوي بالصعيد) على قوائم الصون العاجل للتراث الثقافي غير المادي بمنظمة اليونسكو، كما نجحت مصر بالتنسيق مع عدد من الدول العربية في تسجيل الخط العربي.
واستكمالاً لاستعراض الجهود الحكومية والنظرة الدولية في إطار الارتقاء بمؤشر التراث والثقافة، ففيما يتعلق ب التراث الغني والمعالم السياحية الجذابة، أبرز التقرير تقدم مصر 32 مركزاً بمؤشر تنمية السياحة والسفر، حيث احتلت المركز 51 عام 2021، مقابل المركز 83 عام 2015، كما تقدمت 7 مراكز في مؤشر الإرث والذى يقيم عوامل الجذب التاريخية والجغرافية والثقافية، حيث احتلت المركز 6 عام 2022، مقابل المركز 13 عام 2016.
وركز التقرير في هذا الإطار على تصنيف مصر ضمن أفضل المقاصد السياحية للسفر إليها في عام 2023 وفقاً لـ CNN Travel، فضلاً عن تطوير مواقع مسار العائلة المقدسة والذي يعتبر مصدراً للسياحة الدينية على مستوى العالم، علاوة على إدراج المتحف المصري بالتحرير على القائمة التمهيدية لمواقع التراث العالمي، وكذلك استرداد 29150 قطعة أثرية منذ عام 2014 وحتى عام 2022.
وإلى جانب ما سبق أشار التقرير إلى اكتمال تشييد مبنى المتحف المصري الكبير، والذي تبلغ مساحته أكثر من 300 ألف متر مربع، وما حظي به من إشادة المؤسسات الدولية ومن بينها، توقع ستاندرد آند بورز تعافياً كبيراً لقطاع السياحة خلال عام 2023، خاصةً بعد استضافة مصر مؤتمر COP27، إلى جانب المتحف الكبير المقرر افتتاحه خلال العام الجاري، بينما أشارت فوربس إلى أنه بمجرد افتتاح المتحف المصري الكبير، سيكون أكبر متحف أثري في العالم، مع أكثر من 100 ألف قطعة أثرية معروضة بما في ذلك كنوز توت عنخ آمون.
وألمح التقرير أيضاً إلى إقامة فعالية "الأقصر.... طريق الكباش" في نوفمبر 2021 والتي وصفتها أغلب الصحف العالمية بالاحتفالية المبهرة وبأنها أعادت رونق وسحر الأقصر المدينة الجميلة، كما ألقت الضوء على المظاهر الجمالية والحضارية لها بالإضافة إلى إبراز ما بها من مقومات سياحية وأثرية متميزة والترويج لها كأكبر متحف مفتوح في العالم.
وأظهر التقرير عدد من الدول الحاصلة على 3 نقاط فأكثر في مؤشر القوة الناعمة، ومن بينهم الولايات المتحدة الأمريكية والصين وروسيا والهند، والبرازيل والمكسيك وفرنسا، أما الدول التي سجلت من نقطتين فأقل من 3 نقاط فمنها اليابان والسعودية، وتونس، ونيجيريا، والأرجنتين، وألمانيا، وكندا، وأوكرانيا.
وأضاف التقرير أن من بين الدول التي سجلت من نقطة واحدة لأقل من نقطتين الكونغو الديمقراطية والجزائر وفنزويلا وتايلاند والمغرب، أما الدول التي سجلت أقل من نقطة فمنها إيران والعراق وبوليفيا والسنغال وأنجولا وإندونيسيا وأستراليا والسويد.
وبالنسبة للدول التي سجلت تراجع في قيمة المؤشر فمن بينها إثيوبيا وكازاخستان والفلبين وفنلندا والكاميرون وباكستان وبيرو.
وجدير بالذكر أن هناك دول تمت إضافتها لأول مرة بتقرير 2022 ومنها مدغشقر والسودان، علماً بأن مؤشر القوة الناعمة قد صنف مدى التغير في قيمة المؤشر لعدد من الدول عام 2022 مقارنة بعام 2021.