بعد آخر رصاصة !

الرأى3-3-2023 | 16:17

جثث مشوهة وأوبئة معدية، ونساء أرامل، وأبناء يتامى، فضلاً عن دمار شامل للأخضر واليابس، ولكل متحرك وثابت فى المنطقة والجوار!

هذا ما تخلفه الحروب.. بعد أن تصمت المدافع ويتوقف إطلاق الرصاص.
ومن ثم يجب أن يرفع المجتمع " كف" الاعتراض فى وجه كل عدوان غاشم ومعتدٍ أثيم.
توقفوا.. لقد دمرتم الأرض وهتكتم العرض وقتلتم البشر وهشمتم الحجر.. هذه "الصرخة" المحذرة من تلك النتائج المدمرة.. أطلقها الكاتب العراقى على الزيدى فى مسرحيته الجديدة.. " بعد آخر رصاصة"، التى تعرض حاليًا على خشبة مسرح الغد بالعجوزة.
وهى مسرحية مدهشة لمخرج معجون بالفن.. وكأنه كان ينتظر الفرصة المناسبة، مع أنه ممثل جيد ومن أسرة فنية، فهو شقيق الفنان محمد صبحى والممثل مجدى صبحى، إنه الفنان شريف صبحى، الذى شارك من قبل فى العديد من المسرحيات والمسلسلات والأفلام السينمائية.
أما الممثلون.. فهم ثمانية.. أربعة رجال وأربع نساء وشابة تبدو كالطفلة!
هؤلاء الثمانية شكلوا فى المسرحية ثلاث أسر دمرتها الحرب، التى اختطفت الأزواج فغاب الحب واختفت المودة وانقطعت صلة الرحم.
الأسرة الأولى " جد" كفيف وزوج مقطوع الذراع وطفلة بائسة مظلومة، والثانية عريس ترك عروسه ليلة عرسها وعاد حالما باستئناف ما توقف! أما الثالثة فأم بقلب حجر وزوجة احترفت الدعارة وزوج فاقدًا لدليل الرجولة!
هذا التشوه الذى تركته الحرب فى الثمانية " رجال ونساء" تنافس الجميع فى إظهاره والتعبير عنه بإحساس عالٍ وصادق، ليس بالتقمص فقط ولكن " بلبس الشخصية" فى الجوهر والمظهر، حتى الملابس كانت مهلهلة وكأنها مسروقة من الجنود القتلى!
لقد استعان المخرج فى البداية بعرض سينمائي سريع عن الحروب وما تسببه من دمار وأنهاه بالتخيل؛ ماذا لو لم تحدث الحرب؟ بالطبع لن تنطلق الرصاصة ولن تنزف الدماء ولن تتشرد الفتاة ولن تسقط البيوت وإنما ستتدفق المياه وينبت الزرع.
نعم.. كان العرض متعة بصرية وسمعية، وقد اجادت صديقتى الفنانة مى رضا " المظلومة" فى الدفاع عن ابنها " المجهول" ضد رغبة أبيه فى قطع ذراعه لتأهيله للشحاتة بتحريض من الجد!
وأجاد أيضًا تمثيلًا وغناء آسر على، والزوج الحالم إبراهيم الزهيرى والمخضرم محمد دياب، والغاضب والمحبط طارق شرف والأم المفترية إيناس المصرى، والزوجة المنسية وفاء عبده والمحرومة إيمان مسامح والطفلة الصامتة مريم سعيد.
وكل التحية للصديق الفنان سامح مجاهد الذى تحول مسرح الغد تحت قيادته إلى "خلية نحل"، لا أحد يقاوم ما تخرجه من عسل!

أضف تعليق

رسائل الرئيس للمصريين

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2