النصف من شعبان وتحويل القبلة.. 3 أمور يغفلها الكثيرون عن هذه الليلة

النصف من شعبان وتحويل القبلة.. 3 أمور يغفلها الكثيرون عن هذه الليلةالنصف من شعبان

الدين والحياة6-3-2023 | 05:13

يحتفي المسلمون مع غروب شمس الغد، بـ ليلة النصف من شعبان، وذكرى تحويل قبلة الصلاة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام حيث الكعبة المشرفة.

وفي أسرار ليلة النصف من شعبان، يقول الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، إن ليلة النصف من شعبان‏ ليلة عظم النبي صلى الله عليه وسلم شأنها فقال‏:‏ إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن ‏(رواه ابن ماجة 1/445‏ وابن حبان في صحيحه 17/48)

كما ورد في فضل تلك الليلة أحاديث بعضها مقبول وبعضها ضعيف‏، غير أن الضعيف يعمل به في فضائل الأعمال‏، ولذلك يحرص الصالحون على قيام ليلها وصيام نهارها‏.

1- دعاؤها مستجابة

وتبدأ ليلة النصف من شعبان من مغرب يوم الاثنين 6 مارس حتى فجر الثلاثاء 7 مارس، وهيَ ليلة أرضى الله فيها رسوله ﷺ وجَبَر خاطره بالقِبلة التي كان يتمناها ويرضاها، لقوله تعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا}، والدعاء فيها مستجاب لقول ابن عمر رضي الله تعالى عنهما : { خَمْسُ لَيَالٍ لا تُرَدُّ فِيهِنَّ الدَّعْوَةُ : أَوَلُ لَيْلَةٍ مِنْ رَجَبٍ، وَلَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، وَلَيْلَةُ الْجُمُعَةِ، وَلَيْلَةُ الْفِطْرِ، وَلَيْلَةُ النَّحْرِ }

ومن دعائها: اللهم في هذه الليلة كما راضيت نبيك الكريم وحققت له ما يتمناه قلبه، راضي قلوبنا بتحقيق ما نتمنى، وقُر أعُيننا بما ننتظره منك، وأجبُر خواطرنا جبرًا عظيمًا، وقدِّر لنا الخير حيث كان ثم رَضّنا به وبكل شيءٍ كتبته لنا، وحوِّل أحوالنا إلى أحسنها كما حوَّلت القِبلة يارب العالمين.

2- الهدف من تغيير قبلة الصلاة

وحول تحويل القبلة في شعبان‏,‏ وهو حدث عظيم في تاريخ الأمة الإسلامية‏,‏ حيث كان تحويل القبلة في البدء من الكعبة إلى المسجد الأقصى لحكمة تربوية وهي العمل على تقوية إيمان المؤمنين وتنقية النفوس من شوائب الجاهلية‏: (وَمَا جَعَلْنَا القِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ) [البقرة:143]‏ فقد كان العرب قبل الإسلام يعظمون البيت الحرام ويمجدونه‏.‏

وتابع: لأن هدف الإسلام هو تعبيد الناس لله وتنقية القلوب وتجريدها من التعلق بغير الله وحثها على اتباع المنهج الإسلامي المرتبط بالله مباشرة‏,‏ لذا فقد اختار لهم التوجه قبل المسجد الأقصى‏,‏ ليخلص نفوسهم ويطهر قلوبهم مما علق بها من الجاهلية‏,‏ ليظهر من يتبع الرسول اتابعا صادقا عن اقتناع وتسليم‏,‏ ممن ينقلب على عقبيه ويتعلق قلبه بدعاوى الجاهلية ورواسبها‏.

وأكمل علي جمعة: بعد أن استتب الأمر لدولة الإسلام في المدينة‏,‏ صدر الأمر الإلهي الكريم بالاتجاه إلى المسجد الحرام‏,‏ ليس تقليلا من شأن المسجد الأقصى ولا تنزيلا من شأنه‏,‏ ولكنه ربط لقلوب المسلمين بحقيقة أخرى هي حقيقة الإسلام‏,‏ حيث رفع سيدنا إبراهيم وسيدنا إسماعيل قواعد هذا البيت العتيق ليكون خالصا لله‏,‏ وليكون قبلة للإسلام والمسلمين‏,‏ وليؤكد أن دين الأنبياء جميعا هو الإسلام‏: (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ المُسْلِمِينَ) [الحج:78] وليس تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام إلا تأكيدا للرابطة الوثيقة بين المسجدين‏,‏ فإذا كانت رحلة الإسراء من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى قد قطع فيها مسافة زمانية قصر الزمن أو طال‏.

3- رحلة تعبدية‏

كان تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام رحلة تعبدية‏,‏ الغرض منها التوجه إلى الله تعالى دون قطع مسافات‏,‏ إذ لا مسافة بين الخالق والمخلوق‏: (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ) [الحديد‏:4] ‏وعندما يتجه الإنسان من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام فهو بذلك يعود إلى أصل القبلة (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ) [آل عمران:96] فهي دائرة بدأت بآدم مرورا بإبراهيم حتى عيسى عليهم السلام‏, ولكنها لم تتم أو تكتمل إلا بالرسول الخاتم صلى الله عليه وسلم فقد أخره الله ليقدمه‏,‏ فهو وإن تأخر في الزمان فقد تحقق على يديه الكمال‏.

وقد كرم الله نبيه صلى الله عليه وسلم في هذه الليلة بأن طيب خاطره بتحويل القبلة والاستجابة لهوى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تعالى: (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) [البقرة:144] وما الأمر في هذا كله إلا أنه انتقال من الحسن إلى الأحسن وهذا شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأمور كلها‏.‏

وجاء تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام أيضا لتقر عين الرسول صلى الله عليه وسلم فقلبه معلق بمكة‏,‏ يمتلئ شوقا وحنينا إليها‏,‏ إذ هي أحب البلاد إليه‏,‏ وقد أخرجه قومه واضطروه إلى الهجرة إلى المدينة المنورة التي شرفت بمقامه الشريف فخرج من بين ظهرانيهم ووقف على مشارف مكة المكرمة قائلا‏:‏ والله إنك لخير أرض الله وأحب الأرض إلى الله ولولا أني أخرجت منك ما خرجت ‏(رواه الترمذي 5/722)‏ وبعد أن استقر صلى الله عليه وسلم بالمدينة المنورة‏,‏ ظل متعلقا بمكة المكرمة فأرضاه الله عز وجل بأن جعل القبلة إلى البيت الحرام‏,‏ فكانت الإقامة بالمدينة والتوجه إلى مكة في كل صلاة‏,‏ ليرتبط عميق الإيمان بحب الأوطان.‏

أضف تعليق

المنصات الرقمية و حرب تدمير الهوية

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2