الإختلاف بين البشر من الأمور الطبيعية التى جبل الله تعالى البشر عليها حيث قال تعالى ﴿ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ﴾ وهذه سنه من سنن الله فى خلقه وهذا الإختلاف جعله الله وسيلة للتكامل بين أجناس البشر بالتواصل مع الآخرين لتبادل المعارف وأكتشاف ما لديهم لزيادة التنوع والمنافع ، ولقد خلقنا الله مختلفين للتعارف وليس للتعارك وللتكامل وليس للتصادم ليستفيد كل من الآخر لتعم
المنافع البشرية بأسرها .
والمتأمل للواقع الذى نحياه يجد العديد من المعارك والتحديات بين المختلفين حيث لم يتخذوا
الاختلاف كثقافة بنّاءة ، ونهج مُتبع ، وسلوك للتقارب الفكرى ، مهما كان مصدر أو مستوى أو حدة هذا الإختلاف وهذا لإحداث حالة من الوعى والرُقى والمسؤولية المجتمعية بين الدول والشعوب المؤمنة بثقافة الإختلاف حضارياً وانسانياً .
والتكامل المنشود من تعميق ثقافة الإختلاف يوضح بما لا يدع مجالاً للشك او الإجتهاد الخاطئ أن الإنسان لا يعيش منعزلاً عن الآخر ولا عن مجتمعه ، بل إنه يُلبى الكثير من إحتياجاته تعاوناً مع من حوله من أفراد المجتمع .
فقد نختلف في الأديان والأوطان أو الأفكار أو أنماط الحياة ، قد نختلف فى الكلمات والمعانى واللهجات ،المواهب ولكننا لا نختلف فى أهم رابط وهو الرابط الإنسانى وهذا ما يدعونا الى ان نجعل
الاختلاف جسراً للتكامل والتواصل .
فالإختلاف الذى يؤدى الى التكامل بين البشر حتماً سيؤدى إلى الإرتقاء والتقدم، كما حدث ويحدث بشكل مستمر فى المجالات العلمية و التكنولوجية .
فلا يجب أن يتحول الإختلاف إلى خلاف فاختلاف الأراء لا يجب أن يؤدّى إلى العداوة فالإختلاف بين البشر أمر بنّاء، وأمّا الخلاف فو أمر هدّام ، الإختلاف دليل صحةٍ وعافية بين الناس، أمّا الخلاف فمؤشّر انحطاطٍ و تخلّفٍ فى المجتمعات الإنسانية.
وعلى ذلك فإنه ينبغى تقبّل جميع الآراء والاختلافات والعمل على حلها وتجاوزها بالتحاور الجاد والأسلوب الليّن والكلمة الطيبة وتجنب تحول الإختلاف الى خلاف وعدم التعامل بعيداً عن الإحترام وارتفاع الأصوات والصياح الذى إن دل فإنما يدل على ضعف الحجج ، ويجب السعى الى نقاط الإلتقاء لبدء التحاور لإيجاد الحلول المناسبة لنقاط الإختلاف .
كما ينبغى العمل على تطبيق مبادئ التعايش رغم الإختلاف، حيث أن درجات التعايش بين فئات المجتمع تُعد معياراً دقيقاً على تقدم المجتمع وأمنه واستقراره .
وعلينا ان نتعلم قيم التسامح فيما بيننا و نشر ثقافة قبول الأخر وتعميق قبول ثقافة الإختلاف والعمل على عدم تحول الإختلاف الى خلاف لتسود المحبة والوئام المجتمعات .
ويمكن التغلب على الخلافات واحتوائها بعدة وسائل منها اللجوء إلى الحوار، واحترام اراء الآخرين وفهم وتقبل أفكارهم
و التركيز على نشر الإثراء الثقافى والعلمى، والتركيز الإعلامى فى وسائل الإعلام المختلفة ووسائل التواصل الإجتماعى الأخرى لنشر وتعزيز هذه الثقافة ، ورفع معدلات التدريب والتثقيف على برامج تتعلق بثقافة قبول الآخر ، وعندما تتحق هذه الثقافة قد تُمنح البشرية راحة من عناء الإختلاف .
كفى الله مصر وشعبها شرور الخلاف .