«سوبريميسا» كيف يقضى الأسبان وقت غداءهم ؟

«سوبريميسا» كيف يقضى الأسبان وقت غداءهم ؟«سوبريميسا» كيف يقضى الأسبان وقت غداءهم ؟

*سلايد رئيسى4-5-2018 | 17:33

كتبت: أمل إبراهيم

في أسبانيا لا يذهب الناس إلى المطاعم لتناول الغداء فحسب، إنما أيضا للالتقاء بالأهل والأصدقاء، والدردشة وسرد القصص والمرح والضحك، للتخلص من التوتر والقلق الناتج عن أسباب، لو فكرت قليلا، ستدرك أنها تافهة.

أما إذا كنت تنوي الذهاب إلى المطعم لتناول الطعام فقط، فبإمكانك أن تطلبه بالهاتف وسيأتي إليك في منزلك.

إذ يهتم الإسبان بالجانب الاجتماعي لوجبة الغداء أكثر من اهتمامهم بنوعية الطعام. ولهذا لا تنتهي وجبة الغداء عندما يشعر الأشخاص الملتفين حول المائدة أن معدتهم قد امتلأت عن آخرها، بل إن هذا في الواقع هو بداية ما يعرف بوقت "سوبريميسا"، وهي كلمة إسبانية، لا يوجد لها مرادف في اللغة الإنجليزية، مع أن معناها بسيط، وهو الوقت الذي يقضيه الشخص على المائدة بعد الانتهاء من تناول الطعام.

ولا تخلو جلسة ما بعد الغداء من الضحك والأحاديث الودية المرحة التي لا يتبادلها الناس عادة إلا بعد الاستمتاع بوجبة دسمة.

ويقول داني كارنيرو، الطاهي بمطعم لا كوزموبوليتا في مدينة مالقة "مالاغا" الإسبانية، الذي يقصده أشهر الطهاة في إسبانيا لتناول الطعام: "أرى أن جلسة ما بعد الغداء هي جزء أساسي من وجبة الغداء، فإن بقاء الناس على مائدة الطعام لبعض الوقت بعد الانتهاء من تناول الغداء يدل على أنهم راضون عن الطعام. ولكن في الغالب يستمتع الناس بجلسة ما بعد الغداء أكثر من استمتاعهم بالطعام، كأنما تحيط بها هالة سحرية".

ويلتزم الإسبانيون ببعض القواعد في جلسة ما بعد الغداء، أهمها عدم مغادرة المائدة مطلقا، إلا في حالات الضرورة القصوى بالطبع. إذ يتعين على الجميع البقاء بعد الانتهاء من الأكل حول المائدة التي تحمل آثار الوجبة الدسمة، من أكياس السكر المبعثرة ومنشفات المائدة المستخدمة وطبق الحلوى شبه الفارغ.

وتعني كلمة "سوبريمسا" أن تطيل الغداء لأنك تستمتع بالوقت إلى درجة أنك تريد أن يستمر لأطول فترة ممكنة، فإذا غادرت المائدة ستفسد المتعة.

ويتبادل الناس على مائدة الغداء أحاديث طويلة تطغى عليها مشاعر الألفة والمودة والامتنان، كما تثير هذه الأجواء حس الدعابة وتشيع روح المرح. فمن المعروف أن الوقت الأمثل لإلقاء النكات هو بعد الانتهاء من تناول وجبة مشبعة، ولا سيما إن كان المستمع ثملا بعض الشيء.

وقد تمتد جلسة الغداء حتى الانتهاء من تناول الطعام والمشروبات، وأحيانا تطول، إذا كان الجميع مستمتعين بالحديث. وقد نشأت في جنوب إسبانيا، حيث تشتد حرارة الشمس صيفا، وتشجع الناس على الجلوس معا على المائدة لفترات أطول، لأن الخروج في الشمس الحارقة وقت الظهيرة يعد ضربا من الجنون.

لا شك أن هذه الجلسات الطويلة حول مائدة الغداء لا تحدث يوميا، ولكنها تعد إحدى السمات الثابتة للمناسبات العائلية، مثل أعياد الميلاد وأعياد الزواج وعطلة نهاية الأسبوع. ويحرص الكثير من الإسبانيين أيضا على الاجتماع حول المائدة لتناول غداء طويل في الأيام العادية، وقد يتلكأ الجميع في مغادرة المائدة بعد الانتهاء من الأكل.

ويفضل الإسبانيون جلسات "سوبريميسا" الطويلة بعد تناول الغداء في وقت الظهيرة، ولكن هذا لا يعني أن جلسات السمر بعد تناول العشاء غير شائعة أيضا في إسبانيا.

ويقال إن تناول الوجبة الدسمة في وقت الغداء أفضل صحيا من تناولها في وقت العشاء، ولكن هذا ليس السبب الحقيقي الذي يدفع الإسبانيين للاجتماع على مائدة الغداء، بل إنهم على الأرجح يشعرون بمتعة كبيرة في الجلوس على المائدة في وقت الظهيرة.

ويمكن القول إن الإسبانيين ينتهزون فرصة الغداء حتى يجتمعون معا ويلتفون حول الطاولة لأطول فترة ممكنة، فإذا كان الطعام شهيا، كعادة الأكل الإسباني، فإنه سيزيد الجلسة بريقا وسحرا.

أضف تعليق

المنصات الرقمية و حرب تدمير الهوية

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2