محمود سالم..

الرأى18-3-2023 | 08:59

قال الشاعر:

سلاما على الدنيا إذا لم يكن بها

صديق صدوق صادق الوعد منصفا

وهكذا كان صديقى وحبيبى محمود سالم، الكاتب الصحفى الكبير، الذي وافته المنية الأسبوع الماضي بعد صراع قصير ومفاجئ مع المرض.

نعم.. كان صديقا مخلصا، صدوقا لا يكذب ولا حتى يتجمل، صادق الوعد لا يتأخر عن الالتزام بما وعد به من قبل، منصفا، لم يكن يرضى بالظلم، بل كان يتصدى بقوة فى الدفاع عما يشعر أنه ظلم، كان موضوعيا فى كتاباته وتحليله للأخبار والقضايا، لا يهون ولا يهول، ولكنه كان يركز على الحقيقة المجردة مع شرح واف سلس لجوانب الموضوع وعرضه بطريقة محببة متدفقة وكأنك تستمع منه إلى قصة قصيرة!

وكان متواضعا.. رغم كفاءته المهنية وخبرته الحياتية ومناصبه القيادية وكتاباته المتخصصة، التى أهّلته للكتابة فى أقوى الصحف والمجلات العربية الأكثر انتشارا ( مجلة الحوادث اللبنانية على سبيل المثال).

وقد نعاه صديقنا د. محمود محيى الدين - من مقر عمله بأمريكا - بأنه أحد أفراد مدرسة " السهل الممتنع" فى الصحافة الاقتصادية، متمكنا من أدواته فى التحرير والتحليل الاقتصادى، ورغم كفاءته المهنية وخبرته الطويلة إلا أن تواضعه جعله يختار عنوان مقاله الأسبوعى " مجرد فكرة" فلم يدعى امتلاك الحقيقة!

هكذا كان محمود سالم، وكنا نحن الثلاثة (هو ومصباح قطب وأنا) ننتظر بعضنا؛ لنرى ماذا سيكتب كل منا فى الموضوع أو الندوة، التى حضرنا تفاصيلها وشاركنا فى مناقشاتها!

لقد جمعتنا ظروف التخصص فى الكتابة الاقتصادية وتحولت الزمالة إلى صداقة عميقة امتدت لأكثر من ثلاثين عاما، وكنا نتحرك معا فى الداخل والخارج لدرجة أنه إذا غاب أحدنا لسبب خاص كان الكل يسأل: أين ثالثكم؟ وأيا كان هذا الثالث؟!

نعم لقد جمعتنا صداقة ومحبة وأخوة لأننا تشابهنا فى الكثير من الطباع، والتصرفات، والجدية فى المواعيد والإخلاص فى العمل، فضلًا عن كرهنا للفساد بكافة أشكاله!

ولكنه تميز عنا بعصبيته أحيانًا وتشدده فى تشجيع نادى الزمالك والحزن الشديد عندما يخسر!

وكثيرًا – وأثناء سفرنا بالخارج – ما كان يطلب نجله تليفونيًا ليتابع إحدى مباريات الفريق، ويسعد كثيرًا عند الفوز ونضطره للغرامة ودفع حساب المشروبات!

رحمة الله عليك يا محمود.. وغفر لك الله وأدخلك فسيح جناته على ما قدمته لأهلك ومهنتك وزملائك فقد ساعد أجيالا متعددة من الصحفيين الشباب وتدرب على يديه خلق كثير.

ومع ذلك.. فأنا مضطر لترديد قول الشاعر:

ما أكثر الإخوان حين تعدهم

ولكنهم فى النائبات قليل!

بارك الله فى نجلك المهندس مصطفى وكريمتك الدكتورة مريم وزوجتك الفاضلة، التي تحملت فترة مرضك الصعبة بكل صبر وإخلاص.

أضف تعليق

حكايات لم تنشر من سيناء

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2