أثار تمرير
مشروع قانون إصلاح نظام التقاعد من قبل الحكومة الفرنسية، عبر اللجوء لإحدى المواد الدستورية، دون عرضه للتصويت على مجلس النواب، غضبًا عارمًا، إذ خرج الآلاف فى تظاهرات اجتاحت عدة مدن، للتنديد بالقرار، ما أدى إلى مواجهات بين المتظاهرين وقوات الأمن لم تخل من أعمال عنف وتخريب.
وقال الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، فى تصريحات مساء أمس الأول، إنه قرر تمرير قانون التقاعد الذى يقضى برفع سن التقاعد من 62 إلى 64 عامًا، لأن المخاطر الاقتصادية والمالية كانت كبيرة، لتنقل وسائل إعلام محلية، فى وقت لاحق، عن رئيسة وزراء فرنسا، إليزابيث بورن، إعلانها تمرير مشروع القانون دون موافقة البرلمان، عبر تفعيل الفقرة الثالثة من المادة 49 من الدستور 49.3، التى تجعل مشروع القانون بأكمله، مسؤولية الحكومة، ما أثار استهجان مجلس النواب، خاصة المعارضة، الذين طالبوا بسحب الثقة من الحكومة.
وما أن أعلنت
الحكومة الفرنسية عن تمرير القانون حتى توافد آلاف المتظاهرين إلى ساحة كونكورد - أكبر ميادين العاصمة باريس- للاحتجاج على القرار، ورفع المتظاهرون أعلام النقابات والأحزاب اليسارية، فيما انتشرت فى مواجهتهم أعداد كبيرة من رجال الشرطة الذين قطعوا الجسر المؤدى إلى مقر البرلمان، وفضّت قوات الأمن التجمع، وتم توقيف 217 شخصا.
وشهدت عدة مناطق غرب فرنسا - تحديدًا مدينتى رين ونانت- مظاهرات تخللتها أعمال عنف وإطلاق مفرقعات باتجاه قوات الأمن وتخريب لأملاك عامة، كما أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع وحاولت تفريق الحشد، كما شهدت العديد من المدن الأخرى، مثل مرسيليا، احتجاجات خرجت بشكل عفوى للتنديد بتمرير مشروع إصلاح سن التقاعد، حيث وقعت مشاجرات بين شرطة مكافحة الشغب والمتظاهرين الذين أجج غضبهم تمرير القانون عبر اللجوء لمادة دستورية التصقت فى أذهان الكثيرين منهم باعتبارها مرادفًا لـ«الوحشية»، ولعزوف الحكومة عن الإنصات للشعب.
وسلطت وسائل إعلام الضوء على التظاهرات، إذ بثت قناة «بى إف إم» الفرنسية مشاهد لحشود غفيرة، وبينهم سياسيون، إذ قال السياسى، جان لوك ميلنشون، من اليسار المتطرف، إن القانون يفتقر إلى المشروعية، كما ندّدت النقابات بالقانون واعتبرته إنكارًا للديمقراطية، ودعت إلى تجمعات خلال نهاية الأسبوع الجارى، كما أعلنت عن يوم تاسع من الإضرابات والمظاهرات، الخميس المقبل.
كان مشروع القانون قد وصل لمرحلته النهائية، وكان يفترض عرضه على تصويت النواب، بعد تمريره من قبل مجلس الشيوخ، لكن الحكومة اجتمعت قبل بدء جلسة البرلمان، وأقرت اللجوء للمادة (49.3)، وهذا رغم إعلان «ماكرون»، فى وقت سابق أنّه لا يريد اللجوء إلى هذه المادة وأنه يفضل تصويت النواب على القانون.