ذكر الكاتب جوناثان ستيل في مقال نشرته صحيفة "الجارديان" البريطانية أن الحرب الحالية في أوكرانيا وما تمثله من تحديات وصعوبات على المستوى الدولي تنذر بشكل واضح بقرب زوال حقبة الهيمنة الأمريكية على العالم .
وأشار الكاتب إلى أن السطوة الأمريكية باتت مهددة بالزوال في الوقت الحالي في أعقاب ظهور قوى أخرى على الساحة الدولية مثل الصين، فضلا عن اندلاع الحرب في أوكرانيا والتي لم تحظي بموافقة الأمم المتحدة إلا أنها تسببت في الكثير من الدمار وإزهاق الأرواح .
ويلفت الكاتب أنه بعد مرور ما يقرب من 30 عاما على تفكك الاتحاد السوفيتي تلوح في الأفق بوادر نهاية النظام العالمي ذي القطب الأوحد الذي تتزعمه الولايات المتحدة، موضحا أنه على الرغم من أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يمثل تحديا كبيرا للهيمنة الأمريكية على مستوى العالم إلا أن هناك تحديا أخر يتمثل في الصين .
ويقول المقال أن هناك تحديات أخرى تواجه السيطرة الأمريكية في العديد من المناطق في العالم ولاسيما في الجنوب حيث يوجد العديد من قادة تلك الدول يشعرون بالتململ من السياسة الأمريكية، موضحا أنه على سبيل المثال بدا ذلك واضحا في فبراير من العام الماضي خلال تصويت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على قرار لإدانة العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا حيث قام ما يربو على 140 دولة بالتصويت إلا أن عدد الدول التي انضمت للولايات المتحدة فيما يخص فرض عقوبات اقتصادية على موسكو لم يتجاوز 40 دولة.
وفي الوقت نفسه، كما يشير المقال، على الرغم من تدفق المساعدات العسكرية من الدول الغربية على أوكرانيا بحجة الدفاع عن نفسها في مواجهة القوات الروسية، فهناك العديد من الدول في عدة مناطق من العالم مثل آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية يتشككون في صحة النوايا الغربية بشأن المساعدات العسكرية ل أوكرانيا ولديهم قناعة أن الهدف الحقيقي وراء تلك المساعدات هو القضاء على نظام الحكم الحالي في روسيا.
ويلفت المقال إلى دراسة أجراها المجلس الأوروربي للعلاقات الخارجية والتي تشير إلى وجود مؤشرات قوية أن الرأي العام في العديد من الدول المساندة لواشنطن فيما يخص حرب أوكرانيا بدأ يتحول من التأييد إلى المعارضة حيث بدأت الشعوب هناك تشعر بالملل من طول مدة الحرب وتريد أن ترى نهاية سريعة لتلك الحرب حتى لو اقتضي الأمر تقديم أوكرانيا لبعض التنازلات والمتمثلة في التخلي عن جزء من أراضيها لروسيا في سبيل وضع حد لتلك الحرب. ويشير الكاتب في هذا السياق إلى تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التي يعرب فيها عن صدمته من مستوى اهتزاز مصداقية الدول الغربية في دول الجنوب.
ويردف الكاتب أن هناك بعض المحللين الذي يرون أن الوضع الراهن قد يؤدي إلى نشوب حرب باردة جديدة ولكن هذه المرة بين الغرب والصين بينما يرى محللون آخرون أنه في غضون 10 أعوام قادمة سوف يبزغ نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب يفتح المجال أمام دول العالم أن يكون لها حرية الاختيار في عدم الانضمام لدولة في مواجهة دولة أو دول أخرى.
ويشير الكاتب في ختام المقال إلى أنه على الرغم من أن السطوة الأمريكية في القارة الأوروبية مازالت واضحة بفضل الحرب الروسية في أوكرانيا إلا أنه من الواضح أن تلك السطوة تأثرت بشكل كبير في المناطق الأخرى من العالم وهو ما ينذر بزوالها من تلك المناطق في القريب العاجل.