شدد رئيس الوزراء البولندي ماتيوز موراوسكى، اليوم الثلاثاء، على دور الدول القومية ذات السيادة في "الحفاظ على حرية الأمم".. وقال: إنه "لا شيء يحافظ على حرية الأمم وثقافتها وأمنها الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والعسكري أفضل من الدول القومية، وأن أن الأنظمة الأخرى هي وهمية أو طوباوية".
جاء ذلك فى خطاب ألقاه أمام جامعة هايدلبرج بألمانيا بحضور فينفريد كرتشمان، السياسي من حزب الخضر، ورئيس وزراء ولاية بادن فورتمبيرج الفيدرالية الألمانية.
واستعرض موراوسكي - خلال خطابه، بحسب البوابة الإخبارية لـ"يوراكتيف" - رؤيته لمستقبل أوروبا، مؤكدا "دور الدول القومية ذات السيادة ضد فدرلة الاتحاد الأوروبي".. لافتا إلى أن "الحكومة البولندية المحافظة كانت في طليعة الداعمين لأوكرانيا ضد روسيا وكانت دائما مؤيدة لحلف شمال الأطلسي".. ولكن فيما يتعلق بعملية التكامل في أوروبا أعرب موراوسكى عن شكوكه بشأن تعميق مؤسسات الاتحاد الأوروبي.
وقال رئيس الوزراء البولندي إن "بدائل الدول القومية ذات السيادة فى أوروبا ستكون "يوتوبيا تكنوقراطية"، كما يتصورها البعض في بروكسل أو إمبريالية جديدة.
وتمارس ألمانيا ضغوطا للتخلي عن مبدأ التصويت بالإجماع فيما يتعلق بالشؤون الخارجية والسياسة الضريبية - وهو إجراء تم وضعه كشرط كي تقبل برلين انضمام دول أعضاء جديدة - لكنه أثار مقاومة خاصة من جانب بولندا.
وحذر استعرض موراوسكى - خلال خطابه - من أنه "إذا سعت مختلف الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي للهيمنة على الآخرين، فإن أوروبا تخاطر بالسقوط مرة أخرى في نفس الأخطاء التي ارتكبت في الماضي".. كما انتقد بشدة المفوضية الأوروبية، التي أعلنت مؤخرا أنها ستقاضي بولندا بسبب حكمين من المحكمة الدستورية، يتحديان مبدأ سيادة قانون الاتحاد الأوروبي.
وتابع: ضرب الآخرين بسوط "القيم الأوروبية" دون الاتفاق على تعريفها أو فهم التغييرات التي يجب أن تقوم بها دول معينة يدمر الاتحاد الأوروبي ذاتيًا، وتساءل قائلا: "هل نريد حقًا نخبة عالمية أوروبية تتمتع بقوة هائلة ولكن بدون تفويض انتخابي؟".. مطالبا ألمانيا بتقديم تعويضات عن الأضرار التي لحقت بها خلال الحرب العالمية الثانية.. واستطرد قائلا: "لا أريد أن أتطرق إلى هذه المسألة في خطابي، لكن لا يمكنني تجاهلها".
وأوضح رئيس وزراء بولندا أن "بلاده لم تتلق قط تعويضات من ألمانيا عن جرائم الحرب العالمية الثانية والتدمير والممتلكات المسروقة وكنوز الثقافة الوطنية"، لافتا إلى أن "التعويض ضروري للتوفيق بين الجناة والضحايا".
وأضاف: أنه "في هذه اللحظة الحاسمة من تاريخ أوروبا نحتاج إلى مثل هذه المصالحة لأننا نواجه تحديات مشتركة ضخمة".
تجدر الإشارة إلى أن الحكومة الألمانية اعتبرت في وقت سابق إنها "لا ترى أي أساس قانوني لمطالبة بولندا بالتعويضات وتعتبر القضية مغلقة".
يذكر أن خطاب موراوسكي يأتي بعد خطابات أخرى ألقاها مؤخرا قادة أوروبيون آخرون حول مستقبل الاتحاد الأوروبي، مثل المستشار الألماني أولاف شولتز في براغ فى أغسطس الماضي، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في خطاب ألقاه في جامعة السوربون في بداية ولايته الأولى في 2017.. وفي خطابه الذي ألقاه في براغ، قال شولز: إن معاهدات الاتحاد الأوروبي ليست "منقوشة على الحجر" وأن التوسيع يجب أن يكون مصحوبا بإصلاحات.