اختيار «كليات القمة» كما يطلق عليها دائما، يكون هو الاختيار الأمثل لطالب الثانوية العامة المتفوق، فهو يرضى دائما أسرته بالدخول إلى مجال الهندسة أو الطب كما يرضى غروره أيضا، بعد حصوله على مجموع كبير يؤهله لكليات القمة، ويعتبر عدم التحاقه بهذه الكليات خسارة مجهود وتعب وسهر الليالي، وهذا ما يراه المجتمع المحيط به دون النظر إلى موهبة ناشئة عنده أو هوايات يمكن صقلها لتصبح مهنة.
لكن الشخص الموهوب فعلاً تظل موهبته ضاغطة عليه تنتظر الوقت المناسب لتخرج إلى النور، وتكون الفرصة سانحة عندما تتغير الظروف بتغير طبيعة المجتمع والمكان والوقت. رسالة كندا - حسام عبد القادر
وهذا ما يحدث مع كثيرين، ولذلك نجد نسبة لا بأس بها من الأطباء والمهندسين متفوقين جدا فى مجالات إبداعية لا علاقة لها بتخصصاتهم.
هذا ما حدث مع أحمد بندق، بطل حوارنا اليوم، طبيب الأسنان الناجح فى مجاله الذى تحول إلى مخرج وممثل ومصور أبدع فى أعمال كثيرة فى وقت قليل جدا، مما لفت أنظار الكنديين له قبل العرب.
بندق كما نطلق عليه بدون ذكر اسمه الأول، مصرى حتى النخاع، شكله وطريقته وأسلوبه يظهر من أول لقطة، قصدى من أول دقيقة، الجدعنة وخفة الدم واللباقة، داعم لكل من حوله لا يتأخر عن خدمة أحد، هذه «الكاريزما» ساعدته كثيرا أن يكون صداقات كثيرة فى وقت قليل جدا، كما ساعدته على وجود متابعين وظهور نجومية فى وقت قياسي.
ينتمى أحمد بندق إلى كفر الزيات بمحافظة الغربية، ونشأ فى محافظة الجيزة، وتخرج من كلية طب الأسنان وعمل طبيبا أكثر من 15 عاما، منهم فترة طويلة فى المملكة العربية السعودية، لم يكن يتخيل أن هواياته الفنية التى كان يمارسها أحيانا أثناء الجامعة يمكن أن تتحول إلى مهنته ومستقبله، لأنه انخرط فى مجال الطب وممارساته المختلفة من مهام طبيب الأسنان، ولكن حياته تغيرت تماما عندما أخذ قرار الهجرة إلى كندا عام 2015.
يقول بندق «من التحديات الصعبة للمهاجرين موضوع معادلة الشهادة، خاصة فى المجالات العلمية، إضافة إلى تكلفتها الباهظة فهى أيضا صعبة جدا وكلما كانت خبرة الطبيب كبيرة كلما صعب عليه المعادلة، لأنه يبدأ من البداية، مما قد تسبب له إحباطا، حيث تصبح كل السنوات الماضية والخبرات التى اكتسبها لا قيمة لها، ولكنه النظام الكندي، ومثله الأمريكى ودول كثيرة أخرى لا تعتد بالشهادات الأخرى».
ويوضح قائلا «جئت محملا بالآمال العريضة كطبيب أسنان، ولكن عندما وجدت معضلة معادلة الشهادة، كان لا بد من التصرف والبحث عن عمل لأنى مسؤول عن أسرة».
ولأن بندق شخصية عملية جدا، قرر ألا يضيع وقتًا فى معادلة الشهادة، ووجد أن الفرصة سانحة لكى يعود لشغفه القديم، وهو الفن، ولمم لا، فهوايته القديمة يمكن أن تكون هى مستقبله الجديد.
وبالفعل أخذ عدة كورسات فى التمثيل، ثم التحق بمعهد «تريباس Trebas» وهو من معاهد السينما المهمة جدا فى مونتريال بكندا، وتعلم فيه الإخراج والتصوير، وخلال الدراسة اشترك بالفعل فى أعمال فنية ومثل فى فيلم، وصور عدة إعلانات، وبسبب تميزه استعان به أساتذته ليعمل معهم فى أعمالهم الفنية، لينطلق بندق إلى عالم الفن والتصوير والإخراج بكل قوة.
يقول بندق: «كانت أول فرصة حقيقية لى عندما اشتغلت مدير تصوير فى فيلم wetmore، وتوالت الأعمال وخلال فترة قصيرة كنت أمثل وأصور وأخرج، وشعرت أنى وجدت نفسى أخيرا».
ويضيف بندق «من الأدوار المهمة التى مثلتها هو دور الإمام فى فيلم بعنوان «الخوف»، وهو فيلم عن الحوار بين الأديان، ومثل معى ممثل مصرى هو وائل الشبكشي، وهو فيلم لم يعرض بعد».
استمرت الأعمال وبدأ بندق يركز على التصوير والإخراج أكثر من التمثيل، وأخرج العديد من الإعلانات، ثم شارك فى مسلسلات «سيت كوم» وبدأ أيضا يقوم بإخراج الحفلات والعروض الفنية، وكون فريق عمل بالتعاون مع غنوة عيد، وقدموا سلسلة من الإعلانات حققت نجاحا كبيرا لأن أسلوب الإخراج كان مختلفا، كما أخرج مهرجان الفولكلور المصرى الذى نظمه بالتعاون مع الإعلامية المصرية نور صبحي، وقدمته الفنانة رضوى نصر.
ويقول أحمد بندق أهم مشروعاتى هو تكوين فرقة من الفنانين المصريين بكندا، وبالفعل تقابلت مع كل من منير يوسف وهو ممثل ومخرج، وميدو بريقع وهو كاتب وفنان، وإسلام عوض سيناريست ومخرج مسرحي، وأيضا ندى غباشي، وستكون هذه الفرقة نواة لمشروعات فنية كبيرة داخل كندا وخارجها، وسنقوم بالتعاون مع فرق أخرى وممثلين آخرين من كل العرب، مثل رانيا الحلو وغيرها.
ويؤكد بندق أنه يضع ال فنان أشرف عبد الباقى نموذجا أمامه فى النجاح، لأنه بدأ من خلال فنانين غير معروفين والذين أصبحوا مشاهير فيما بعد، ولدينا هنا بكندا نماذج فنية رائعة جدا تحتاج الفرصة فقط.
وسيكون التركيز على حلقات «لايت كوميدي»، ولدينا فكرة لعمل حلقات بعنوان «يا فرحة ما تمت» كل حلقة خمس دقائق، سوف نقدمها على المنصات الإلكترونية، ومن المتوقع أن نبدأ التنفيذ خلال الصيف القادم.
وهناك مشروع لتقديم عروض مسرحية أيضا، ما زلنا نعمل عليه، ونرى ما يمكن تنفيذه، وهو مشروع ضمن مشروعات الفريق.
كان هذا نموذجا نفتخر به ضمن الطيور المصرية المهاجرة والتى تشرف مصر فى كل أنحاء العالم.