لا شك أن أهل القرآن المشتغلين به تلاوة وتدبرًا، وحفظًا وتعلّمًا، وتعليمًا وتفسيرًا، لهم منزلة رفيعة، ومكانة سامية، فهم خير الناس لاتصالهم بأعظم كتاب وأفضل كلام، ولا شك أيضًا أن هذا القدر وهذه المنزلة من أسمى وأرقى وأعلى ما يمكن أن يحوزه مسلم بعمل من الأعمال التي يرجو بها القرب من الله عز وجل».
في شهر رمضان شهر القرآن.. تقطف «أكتوبر - بوابة دار المعارف» من بستان زهور أهل القرآن، زهرة، ليشتم رحيقها كل محب لكتاب الله ولتكون قدوة لأولادنا فمع أهل القرآن نعيش.
ما أجمل أن تكون أولى زهرات أهل القرآن فتاة وهبت حياتها لكتاب الله، فبعد أن كانت تدرس فى الشعبة العلمية ب الثانوية الأزهرية وكانت على مقربة وقدرة كافية لأن تلتحق بما يوصف بكليات القمة « الطب أو الصيدلة» إلا أنها أرادت أن يكون القرآن قمتها، وقررت أن تكون دراستها فى علوم القرآن.. إنها الحافظة لكتاب الله «هاجر سعد السعيد إسماعيل» من قرية ميت الطاهر مركز منية النصر بمحافظة الدقهلية، ٢١ عامًا، طالبة بالفرقة الرابعة كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالمنصورة.
توجه هاجر رسالة مفادها أن كل مسلم هو من أهل القرآن إلا أن يأبى، ونحن فى شهر رمضان، يتلمس الناس التقرب إلى الله لنيل الفوز بالرحمة والغفران والعتق من النار، فعلى كل منا أن يكون له طقوس مع القرآن فهناك من يهب نفسه لقراءة وحفظ القرآن الكريم، ومنهم من يستمتع بالبحث عن معانى القرآن.
تقول هاجر سعد: بدأت مشوارى فى حفظ وتلاوة القرآن الكريم وتجويده بطرق متقطعة، وكان عمرى خمس سنوات، ووالدى ووالدتى هما من كانا يقومان على تحفيظى بطريقة القراءة، والحفظ فوالدى كان مؤذنًا بالأوقاف وحاليًا بالمعاش، ووالدتى ربه منزل، إلى أن وصلت للمرحلة الإعدادية، وبعدها ذهبت للشيخ حسين مندور وحفظت على يديه، بطريقة منتظمة، ومستمرة إلى أن ختمت حفظ القرآن الكريم مع التجويد، وبتوقيت زمنى على مدار ثلاث سنوات، وخصصت وردا قرآنيا ثابتا كل يوم، حتى عمر ١٥ عاما، وفى المرحلة الثانوية، كانت مرحلة المراجعة والتكرار، وكان الشيخ حسين مندور هو من يقوم بتشجيعي، وتعليمى فى متابعة التكرار، والتجويد، وفى تلك الفترات، لم يكف أهلى عن التحفيز والتشجيع الدءوب فى الاستمساك بكتاب الله، وحفظه، وتجويده.
وأضافت هاجر: عندما وصلت للصف الثالث الثانوى شعبة علمي، شعرت برغبة شديدة فى الالتحاق بكلية الدراسات الإسلامية، لأن فيها أشرف العلوم، ودراسة كتاب الله عز وجل، خاصة أن شقيقتى الكبرى كانت شعبة شريعة، ومن حبى لكتاب الله دخلت قسم التفسير.
وتابعت: فى بداية المرحلة الجامعية، كانت فترة الإتقان وأخذ الإجازة، وكانت على يد الشيخ حافظ محمود الصانع رحمه الله، معلم القرآن الكريم بمدينة المنصورة، وكانت بتوجيه الشيخ وليد عيد، من أجل أخذ السَند والإجازة لمشايخ متقنين القرآن الكريم.
وفى قرية كفر الطويلة مركز شربين بمحافظة الدقهلية، حيث تسكن هاجر، هناك يوم يسمى اليوم القرآني، هذا اليوم يقوم الطلاب فيه بسرد كل ما تم حفظه من القرآن، وكان هناك العديد من المشايخ بلجنة التحكيم منهم الشيخ خالد الطنطاوى أحمد، والشيخ حسن عثمان الأزهري.
وعن هذا اليوم تقول: طلب منى القراءة من الساعة ٨ صباحا، حيث انتهيت من ختم القرآن الكريم فى تمام الساعة الخامسة والربع تقريبًا، أى قرابة ٩ ساعات وربع، وكانت هناك فواصل للصلاة والاستراحات، أثناء تسمية خاتمة سرد.
وأوضحت هاجر، أنه تم التواصل معها من قبل الأزهر الشريف لدخول مسابقة القرآن الكريم، وحتى الآن شاركت بعدة مسابقات منها مسابقة بورسعيد والمنصورة والتى ستكون الجائزة للفائز الأول رحلة عمرة، حيث أضافت هاجر أن أمنيتها الوحيدة هى زيارة الرسول صلى الله عليه وسلم ومجاورته، مختتمة «أشكر أهلى لما قاموا به تجاهي، وأتمنى أن أكون عونًا لهم».
وعن كيفية الاستمرار فى حفظ القرآن، تقول هاجر: إن من يترك القرآن بالطبع سيتعرض للنسيان، ولهذا أنا لدى ورد يومى مع القرآن والأذكار، كما أنى دائمة الاستماع لإذاعة القرآن الكريم لأغذى مسامعى بصوت مشايخنا أمثال الشيخ عبد الباسط عبد الصمد والشيخ محمد رفعت والشيخ المنشاوي.
هاجر أكدت أن بدايتها كانت مع القرآن الكريم داخل كُتاب القرية الذى تعلمت فيه القراءة الصحيحة للقرآن الكريم.
المفاجأة أن الحافظة لكتاب الله هاجر سعد لا تجدها على صفحات الفيس بوك، وهى غير مهتمة بوسائل التواصل، ويكفى أن نقول إن هاجر ترفض أن يكون بين يديها «موبايل» لتكون قريبة للاتصال مع الله عبر المصحف الذى تحمله بين يديها.
حفظ الله هاجر ومن على شاكلتها وبارك لوالديها اللذين غرسا فيها حب القرآن منذ نشأتها.