تميزت مصر منذ بدء التاريخ بموقع استراتيجى فريد، فسكان الوادى الخصيب فصلتهم الصحراء الشرقية و الغربية و البحران المتوسط والأحمرعن هجمات جيرانهم فتركز النشاط العسكرى فى حفظ أمن و استقرار الدولة ووحدتها و كانت أسلحة العصور الأولى بسيطة كالسيف والخنجر .
أسهمت فترة السلم تلك فى تفرغ المصريين لبناء أول حضارة منظمة وخالدة كما يشهد بذلك مولد الفن الفرعونى و الكتابة و الهندسة و العمارة (الأهرام مثال لذلك ) .
ومع نهاية عصر الدولة الفرعونية الوسطى تعرضت البلاد لأول غزو خارجى وهو غزو الهكسوس (والاسم معناه الحكام الأجانب) و دخلت مصر العجلة الحربية والخيل والأسلحة الحديثة لأول مرة ، استوعب المصريون التقدم العسكرى للهكسوس وتفوقوا عليهم واستطاع الملك أحمس طردهم خارج الحدود بعد سلسلة معارك استشهد فيها أخوه كاموس و دعمته أمه الملكة أياح حتب كنموذج للوطنية والتضحية .
وعندما بدأت الدولة الفرعونية الحديثة فضل حكامها التوسع فى كل الجهات للحد من هجمات الدول المجاورة ولذلك أُطلق على تلك الفترة عصر المجد الحربى.
كانت الدولة الحديثة على نقيض الفترات السابقة لها فى تاريخ مصر إذ تميزت بطابع حربى و اتضحت ملامح الجيش المصرى فتكونت الفرق والسرايا وتحدد العدد و العتاد لكل فرقة فهناك فرقة الرماة وفرقة المركبات وفرقة الاستطلاع وفرقة الإعلام وحملت تلك الفرق أسماء الآلهة والملوك كفرقة آمون وفرقة الشمس ، وبدأ الجيش يتكون من مقدمة و مؤخرة و ميمنة و ميسرة واتبع الجيش خططا عسكرية منها الحرب المفاجئة والتراجع التكتيكى لتنظيم الصفوف والتمويه.
و لقد سجل تاريخ الدولة الحديثة كثيرًا من المعارك التى خاضها الجيش المصرى و حقق فيها انتصارات كبرى ، خاصة زمن الملك تحتمس الثالث ومعركته الشهيرة مجدو (فى فلسطين) فى1468 ق.م و الملك رمسيس الثانى ومعركته الشهيرة قادش(فى سوريا) .
وانتهت الحرب بتوقيع أول معاهدة سلام فى التاريخ بين رمسيس الثانى وملك الحيثيين فى 1280 ق.م ومازالت نصوص المعاهدة محفورة فى معبد أبوسمبل جنوب مصر .
استمر المجد العسكرى حتى بدأ بعض الملوك الاستعانة بجنود مرتزقة من ليبيا وأثيوبيا و كذلك تدخل رجال الدين والكهنة فى الحكم وحينها بدأت القوة العسكرية الوطنية فى الأفول ما مهد لغزو الفرس لمصر و تلاهم الإسكندر الأكبر لتنتهى بذلك الحقبة الفرعونية من تاريخ مصر
* الكاتب:مرشد وخبير آثارى وسياحى .