نجوم فى ذاكرة رمضان.. «2» عادل إمام

نجوم فى ذاكرة رمضان.. «2» عادل إماممحمود عبد الشكور

الرأى31-3-2023 | 22:59

لن أتحدث هنا عن مسيرة عادل إمام الطويلة والممتدة فى المسرح والسينما، ولكنى سأتحدث فقط عن علاقة عادل بالدراما التليفزيونية، التى تأكدت بعد ابتعاده عن السينما، وكانت عودته بمسلسلات رمضانية سنوية تقريبا، بداية من مرحلة "فرقة ناجى عطا الله"، ثم تلك الأعمال التى كتبها له يوسف معاطي، من "العراف" و "صاحب السعادة" إلى "مأمون وشركاه" و "عفاريت عدلى علام"، وأخيرا مرحلة "عوالم خفية" و "فالنتينو"، اللذان تعاون فيهما مع أسماء أخرى بعيدا عن معاطي.

لكن علاقة إمام مع الدراما التليفزيونية أقدم من تلك العودة بكثير، فأول عملين شاهدتهما له فى الصبا فى السبعينيات كانا من إخراج محمد فاضل، وهما على التوالي: "الفنان والهندسة" أمام فاطمة مظهر، والثانى بعنوان "الرجل والدخان" أمام ليلى طاهر، والمسلسل الأول هو تقريبا أول بطولة تليفزيونية لعادل إمام، ويسبق بطولاته فى السينما، وكل ما أتذكره من هذا العمل الذى لم أشاهده مرة ثانية، أغنية إعلانات كان يؤديها عادل مع فاطمة مظهر تقول كلماتها: "كبريت حبيبى أمان يا لالي"، وتشير بيانات المسلسل إلى أنه من تأليف على سالم، مؤلف مسرحية مدرسة المشاغبين فى نفس الفترة، التى نقلت عادل إلى مكانة مختلفة فى المسرح، بل إنها غيرت شكل الكوميديا المسرحية، ودفعت بجيل جديد من الكوميديانات إلى أدوار البطولة، بينما كتب كلمات مسلسل "الفنان والهندسة" الشاعر سيد حجاب.

أما المسلسل الثانى "الرجل والدخان"، فلا أتذكر منه سوى أن "عادل" كان يحب المرأة الجميلة ليلى طاهر، وأنها كانت تردد اسمه "الأستاذ بسيوني"، فيسمعه كما لو كان صدى متكرر عذب ومؤثر، وكان هذان العملان أول معرفة لى بشكل وهيئة عادل إمام، قبل أن يعرض التليفزيون مسرحيته الناجحة "مدرسة المشاغبين"، التى عرضت بحفاوة تليفزونية كبيرة باعتبارها مسرحية الـ 2 مليون مشاهد، كما كتبوا فى تترات المسرحية.

مع انطلاق عادل سينمائيا فى بطولات بعد فيلم "البحث عن فضيحة"، ابتعد قليلا عن شاشة السينما، ولكنه سرعان ما عاد مع أحد أفضل أدواره وأشهرها، ومع أحد أفضل المسلسلات الرمضانية التى لا تنسى، وهى حلقات " أحلام الفتى الطائر"، من تأليف وحيد حامد، وإخراج محمد فاضل، التى عرضت فى العام 1978، وحققت نجاحا مدويا، وأتذكر أن الطقس وقت العرض الأول للمسلسل كان شتويا أو خريفيا، لأننا كنا نلتحف بالبطاطين أثناء المشاهدة، وكان أكثر ما لفت نظرى أن المسلسل سبق تقديمه فى الإذاعة من قبل من مؤلفه وحيد حامد، ولكن تحت عنوان مختلف هو "بلد المحبوب"، وكنت قد استمعت إليه قبل مشاهدة الحلقات التليفزونية، والغريب أن العمل الإذاعى كان من بطولة توفيق الدقن فى دور إبراهيم الطاير.

غاب عادل بعد ذلك عن التليفزيون، وانشغل بصعوده السينمائى المدوّي، ثم عاد فى الثمانينيات بعمل مميز آخر، ولكن هذه المرة مع المخرج يحيى العلمي، والمؤلف صالح مرسي، فكان مسلسل "دموع فى عيون وقحة"، الذى أعاد من جديد مسلسلات الجاسوسية إلى الصدارة.

ليس صحيحا أنه أول عمل تليفزيونى من ملفات المخابرات المصرية، فقد سبقته أعمال أخرى، أبرزها حلقات ناجحة جدا فى السبيعينيات، بعنوان " جاسوس على الطريق"، ولكن "دموع فى عيون وقحة" كان إضافة مميزة ومختلفة، وكانت عناصره أكثر تكاملا.

بعد هذا النجاح، كان من المفترض أن يقوم عادل إمام ببطولة حلقات "رأفت الهجان"، ولكن ملاحظاته على الكتابة، واختلافه مع صالح مرسى حول بناء السيناريو القائم على الفلاش باك، ذهبا بالدور إلى محمود عبد العزيز، ولكن دلالة القصة تتجاوز مسألة الاختلاف إلى رغبة عادل أن يدقق فى اختيار الدراما التليفزيونية، التى يعود بها فى كل مرة، إدراكا منه لتأثير هذه الأعمال، وربما لأنه تحقق فنيا من خلالها، بعيدا عن كليشيهات السينما، ومتطلبات نجوميتها، التى يتوقعها منه جمهورها.

النجاح المسرحى والسينمائي، أبعدا عادل عن التليفزيون لسنوات طويلة، وكان قد نجح فى الاستمرار سينمائيا، رغم صعود المضحكين الجدد، وبعد أن قدم أعمالا سينمائية ناجحة فى عز نجاحهم، مثل " أمير الظلام" و "السفارة فى العمارة" و "حسن ومرقص" و "عريس من جهة أمنية" و "التجربة الدانمركية"، ثم كانت هناك أعمال أقل نجاحا جماهيريا وفنيا مثل "زهايمر" و "بوبوس"، وبسبب تعذّر تقديم "فرقة ناجى عطا الله" كفيلم سينمائي، لأسباب تتعلق بتكاليف إنتاجه، تم تحويله إلى مسلسل ناجح من تأليف يوسف معاطي، وأعتقد أن هذا العمل من أفضل تجارب عادل التليفزيونية مع معاطي، وكذلك حلقات "العراف"، ثم تراجع المستوى بعد ذلك، أو بمعنى أدق، فإن هدف التواجد بعمل رمضانى جديد صار أكبر من الاهتمام بتقديم ما هو أفضل، وبما قد يضيف إلى مسيرة النجم العابر للأجيال.

ربما ينبغى أن نتوقف أيضا عند تجربة "عوالم خفية"، الذى بدأ بحبكته البوليسية، وكشفه للفساد على مستويات مختلفة فكان عملا جريئا ومهما، ولكن مسلسل "فالنتينو" من تأليف أيمن بهجت قمر كان تراجعا إلى فئة المسلسلات العادية، بل وبدت مشاهد عادل قليلة، وظهر مرهقا أو مجهدا فى بعض الحلقات، ويبدو أن ذلك من تأثير التقدم فى العمر أو المرض.

لا نعرف بالتحديد، لماذا خفت البريق؟، وإن ظل اسم عادل إمام فى مقدمة أبطال التليفزيون، ومن أكثر الأعمال المنتظرة، حتى لو كانت أقل من مستوى التوقعات.

ومع ذلك ظل عادل دوما ظاهرة حقيقية فى امتداد النجاح والحضور، وفى استمرار العمل من "الفنان والهندسة" إلى "فالنتينو"، وظل جزءا من ذاكرة رمضان سواء فى التليفزيون أو الإذاعة، فكثيرون لا يعرفون أن مسلسلات إذاعية شهيرة اشترك فيها قدمت فى رمضان، مثل "أرجوك لا تفهمنى بسرعة" من بطولة عبد الحليم حافظ، ومسلسل "على باب الوزير" الذى تحول فيما بعد إلى فيلم شهير.

ظلت مسلسلات التليفزيون بالتحديد أيضا مجالا أكثر حرية لتحقق المشخصاتى داخل النجم عادل إمام، الذى احتكرته واستهلكته أفلام السينما، واستأثرت به مسرحياته الناجحة.

أضف تعليق