تظل مواقف صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم نموذجًا يحتذى به على مر العصور والقرون واختلاف الأزمان، لهم منزلة عظيمة وحقوق على الأمة الإسلامية كثيرة، وهذه الحقوق من الأمور التي تدخل ضمن الاعتقاد فهم أول من آمنوا بالرسول صلى الله عليه وسلم، إذ صحبوا النبي صلى الله عليه وسلم وآزروه ونصروه، واتبعوا هديه، وهم أول الذين يبتغون فضلًا من الله ورضوانًا، وينصرون الله ورسوله، ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة.
هو واحد من العشرة الذين أرسلهم الرسول صل الله عليه وسلم، للاستطلاع فحاصرهم المشركون واستشهدوا جميعًا وأسروا خبيب، أخذه المشركون معهم إلى مكة ليقتلوه أمام أهل مكة، وكانت قد دخلت الأشهر الحرم فقالوا ننتظر حتى تنتهي الأشهر الحرم وكبّلوه بالحديد وحبسوه في بيت أحد المشركين وأوصوا زوجة هذا الكافر أن تراقبه.
وقالت هذه الزوجة عن الصحابي: «كنت أرى في يده عنقود العنب وليس في مكة كلها أي عنب»، وهذا من قدرة الله عز وجل، وبعد انتهاء الأشهر الحرم أخذ الكفار سيدنا خبيب ليقتلوه فخرجت قريش كلها على بكرة أبيها لترى مقتل خبيب فأخذوه وصلبوه على جزع نخلة وأمر أبو سفيان الرماة أن يضربوه بدون أن يقتلوه فانطلقت السهام من كل صوب تجاه خبيب ثم أوقفهم أبو سفيان وذهب إليه قائلا: يا خبيب استحلفك بالله أتحب أن تكون في بيتك آمنًا ويكون محمد مكانك، فقال خبيب: والله ما أحب أن أكون في بيتي آمنًا ويشاك رسول الله صلى الله عليه وسلم بشوكة في يده.
فقال أبو سفيان: ما رأيت أحدًا يحب أحدًا كحب أصحاب محمد لمحمد صلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم ثم قال: تمن شيئًا يا خبيب قال أتمنى أن أصلي ركعتين فصلاهما ثم نظر إليهم ودعا الله قائلا: «اللهم أحصهم عددًا، واقتلهم بددًا، ولا تبقى منهم أحدا»، فقتلوه رضى الله عنه.
ونزل جبريل عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم مبلغاً إياه عن مقتل الخبيب فقال وعليك السلام يا خبيب وقال لا يترك الخبيب مصلوبا وأمر أحد الصحابة أن يذهب إلى مكة ليحضر جثته أو يدفنها فذهب أحد الصحابة وانتظر دخول الليل حتى ينام أهل مكة وعندما قام بفك وثاقه إذ بالجسد الطاهر يسقط على الأرض فخاف الصحابي أن تسمع قريش صوت ارتطام الجسد بالأرض فيقول فأسرعت واختبأت فلم أر أحدًا فذهبت كي أحمل الجسد فلم أجده فبحثت عنه يمنة ويسرة حتى أصبح الصباح ولم أجد الجسد فرجعت إلى رسول الله فأبلغته بالذي حدث فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا عليك لاعليك فقد دفنته الملائكة، فسمى دفين الملائكة رضي الله عنه وأرضاه.
وبعد مرور 20 سنة من وفاته وفي عهد عمر بن الخطاب كان يوجد صحابي اسمه سعيد بن عامر كان والى الكوفة فجاء أهل الكوفة ليشتكوا إلى أمير المؤمنين عمر قائلين إن هذا الوالي به مرض الصرع يكون جالسًا فيرتعش ويرتجف ثم يسقط على الأرض فناداه عمر سائلا إياه ماذا يصيبك يا سعيد فقال يا أمير المؤمنين لقد كنت واقفا يوم دعوة خبيب فأصابتني هذه الدعوة فكلما تذكرته حدث لي الذي يحدث.