لعبت المعلومات دورا كبيرا فى حرب العبور بالعاشر من رمضان وكان لها دور بارز فى خطة الخداع الاستراتيجى والتى كانت أحد أسباب النصر، وكان جهاز الاستطلاع أحد تلك الأجهزة التى قدمت معلومات عن تحركات العدو واللواء أركان حرب نصر سالم، رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق، كان أحد أبطال الاستطلاع فى حرب الاستنزاف وأثناء حرب العاشر من رمضان.
ويقول سالم إن جهاز الاستطلاع مهمته الحصول على معلومات عن العدو وعن مسرح الحرب وطبيعة الأرض والموارد والطرق والجبال والوديان فهو يعمل على مدار الساعة وطوال أيام السنة وضابط الاستطلاع يقدم للقائد رؤية واضحة عن العدو وما هى نقاط القوة وكيف يمكن إضعافها وما هى نقاط الضعف لاستغلالها.
وأكد سالم أن عناصر الاستطلاع كان لهم دور فى حرب مصر فى حرب 1967 حيث بقيت عناصر الاستطلاع موجودة على أرض سيناء حتى بعد الانسحاب وظلت تعمل خلف خطوط العدو تبلغ القيادة تحركات قوات العدو فكانت بمثابة شعاع نور وسط عتمة النكسة وكانت الأوامر هى استمرار كل فى مكانه إلا أن العقبة كانت قلة المؤن والذخيرة والوقود والتى تكفى لمدة أسبوع واحد فقط، وبدأت القيادة تعد عناصر استطلاع جديدة لكن بمواصفات أخرى تتناسب مع الوضع على الأرض.
وأضاف سالم: بدأت تلك المجموعات تتجهز مع سحب المجموعات القديمة فى سرية تامة من خلال الاستعانة بأبناء سيناء فى ذلك وخلال ست سنوات من 1967 وحتى 1973 لم يخل جبل فى سيناء من عناصر الاستطلاع فكل المعلومات عن سيناء تبلغ للقيادة أولا بأول لذا ظهر هذا الجهد فى تخطيط الحرب والعمليات حيث كانت المعلومات التى تم تنفيذها من خلال عناصر الاستطلاع وكان من المخطط تنفيذ ضربتين جويتين لإحداث خسائر للعدو إلا أن ما حدث هو تنفيذ ضربة واحدة كانت كافية لإحداث الخسائر المطلوبة والمدفعية كانت إصابتها مؤثرة ويرجع هذا إلى جانب دقة المعلومات التى تم جمعها عن العدو طيلة السنوات الست.
وخلال المعركة، استمرت عناصر الاستطلاع تبلغ المعلومات طوال الحرب فكانت عناصر الاستطلاع تتقدم القوات بالإضافة إلى العناصر التى عبرت مع القوات واستمرت عناصر الاستطلاع تتقدم القوات حتى انتهاء الحرب وانسحاب العدو من سيناء.
وتحدث سالم عن دوره أثناء حرب أكتوبر فيقول: بدأ دورى كعنصر استطلاع فى العاشر من رمضان مع بداية الحرب فكان أول بلاغ عن لواء مدرع للعدو موجود فى عمق القناة بحوالى 100 كم وكان يستعد للتحرك لضرب قواتنا إلا أن قواتنا دمرته يوم 7 أكتوبر ورغم ذلك عمل العدو على إصلاح تلك الدبابات استعدادا لضرب قواتنا مرة أخرى، ومن أطرف المواقف أننا وجدنا الدبابات تفر إلى الحفر من ضرب الطائرات التى اتضح أنها طائرات إسرائيلية فكان مشهدا من أجمل المشاهد التى رأيتها أثناء الحرب.
وقال سالم: استمرت فترة عملى خلف خطوط العدو فى الإبلاغ عن أهداف منها أحد الكمائن الإسرائيلية ومطارات للعدو تم ضربها أكثر من مرة والإبلاغ عن تحرك أى قوات للعدو فى اتجاه القناة وكان يتم ضرب كل الأهداف فى حينه فكانت الفترة رائعة فى المواقف البطولية حبا فى مصر وخلال تلك المواقف واجهنا الموت أكثر من مرة ومرت بنا الكثير من المخاطر والصعوبات.
وأكد أن عناصر الاستطلاع هى أول من أبلغت عن الإمداد الجوى الأمريكى للقوات الإسرائيلية فكنا نبلغ عن مواصفات القوات ومعدات العبور ومراكز القيادة التى تم الإبلاغ عنها وهى معلومات تراكمية قدمتها عناصر الاستطلاع وساهمت فى سير الأحداث لصالح القوات المسلحة المصرية.
وأشار إلى أصعب اللحظات التى مرت فى الحرب وهو موقف اعتبره معجزة ففى أحد الأيام كلفت باستطلاع مكان ما، فتحركت مسافة لا تقل عن 7 كيلو مترات، ثم اكتشفت من على الخريطة أن هناك لسانا جبليا صخريا يحيط بموقع العدو، ويشرف عليه فاخترت أعلى نقطة فيه، وتسلقتها لكننى لم أكن أعلم أن هذه النقطة ستكون قريبة جداً من العدو، فبعد أن تسلقت الجبل فى تمام الساعة الثامنة صباحاً فوجئت أننى فى قلب معسكر العدو، وأن برج مراقبة العدو على مرمى حجر، أيقنت أن الشهادة قادمة، لكننى أصررت على إكمال مهمتى وتمنيت الشهادة ثم فردت سلك الإرسال، وأرسلت المعلومات فى خمس دقائق مرت كالدهر، وفى هذه الأثناء لم أجد أحداً يتقدم ناحيتي، وبنظرى إليهم وجدتهم منشغلين، ولم يكتشفوا أمرى بعد فرجعت غير مصدق أنهم لم يرونى بالرغم من وجودى فى قلب معسكرهم