حرب العاشر من رمضان.. الأزهر والكنيسة «جنود» في المعركة

حرب العاشر من رمضان.. الأزهر والكنيسة «جنود» في المعركةحرب العاشر من رمضان

الأزهر الشريف و الكنيسة هما أهم المؤسسات الدينية فى مصر، ولعبا دورًا كبيرًا فى حرب العاشر من رمضان السادس من أكتوبر وكان لهما تأثير رئيسى فى التوعية والتحفيز والتوجيه المعنوى للمقاتلين على الجبهة، وكان التعاون ملموسا لتوفير أسباب النصر على العدو فقد كانا سلاحا معنويا قويا فى الإعداد المعنوى و الدينى والروحى، وهو الدور الذى قام به الأزهر الشريف و الكنيسة على مر العصور من حفاظ على الانتماء للوطن وحفظ الأرض والعرض وهى أبرز أسلحة العقيدة المصرية.

كتب الأزهر الشريف تاريخًا مشرفًا فى التأهيل النفسى للجنود خلال فترة الحرب، وكان من ضمنهم الشيخ حسن المأمون، والشيخ محمد الفحام، والشيخ الشعراوي، وجميعهم شاركوا فى تحقيق النصر المجيد فى يوم العاشر من رمضان.

وكان اهتمام الإمام الأكبر حسن المأمون بزيارة الجبهة عام 1968، بهدف عقد ندوات للجنود بالوحدات العسكرية، ووجه حينها النداء إلى الحكام العرب والمسلمين، مطالبهم باستخدام سلاح البترول، قائلًا: "أيها المسلمون إن مصر لا تحارب إسرائيل وحدها، إنها تكافح العدوان الموتور، الممثل فى أمريكا وبريطانيا".

فى 17 سبتمبر 1969، تولى الشيخ الفحام مشيخة الأزهر، وفى عام 1972 قام بزيارة الجبهة لرفع الروح المعنوية للجنود والضباط. وفى مارس 1973 تولى الشيخ عبد الحليم محمود مشيخة الأزهر وهو من أكثر علماء الأزهر إسهاما فى التهيئة المعنوية للجنود.

وسيذكر التاريخ أن د. عبد الحليم محمود، عمل على تعبئة الروح المعنوية لقواتنا المسلحة على الجبهة، من خلال أساتذة جامعة الأزهر ورجال الدعوة، الذين أفتى بعضهم بأنه نظرًا لحرارة الجو وحاجة الحرب إلى كامل الطاقة، فإنه من المستحب الأخذ برخصة الفطر لتكون عونًا فى الانتصار على العدو، إلا أن بعض الجنود أجابوا قائلين: "لا نفطر إلا فى الجنة".

وعقب اشتعال الحرب ألقى د. عبد الحليم محمود بيانًا أوضح فيه أن المعركة مع إسرائيل هى حرب فى سبيل الله، وأن من يمت فيها فهو شهيد له الجنة، ومن تخلف عنها ثم مات، فإنه مات على شعبة من شعب النفاق.

وشهدت حرب العاشر من رمضان نزول علماء الأزهر لساحات القتال برفقة الجنود، وكان لمؤسسة الأزهر الشريف دور كبير فى النصر، بدءًا من العمل على تثبيت المعنويات لدى الجنود فى وقت الأزمات، ومرافقتهم فى أماكن التحصين والثكنات العسكرية، وصولًا إلى الخطوط الأولى من المعركة.

كما حمل عدد من علماء الأزهر السلاح، وتكاتفوا بجانب جنود القوات المسلحة، ليثبتوا أمام الجميع أن الشعب بأكمله يد واحدة، هدفهم الحفاظ على تراب الوطن، وتحقيق النصر لاستعادة كرامة البلاد مرة أخرى.

وجمعت لقاءات عدة الشيخ محمد متولى الشعراوى والجنود على الجبهة فى سيناء، ونبه الشعراوى فى حديث مع ضباط وجنود القوات المسلحة فى أحد لقاءات الإعداد النفسى والمعنوى لهم، بأن الجيش دائمًا يجمع بين قوة العقيدة الإيمانية وقوة الإعداد العسكرى شارحًا المعنى الحقيقى للجهاد وكيف يجاهد كل فرد من موقعه ومكانه ومن أقواله "أنا ومهمتى وأنتم ومهمتكم، نلتقى فى أننا جميعًا جنود الحق أنا بالحرف وأنتم بالسيف، وأنا بالكتاب وأنتم بالكتائب، وأنا باللسان وأنتم بالسنان" وأضاف "أن الأصل الأصيل فى الحفاظ على الأوطان هو الحفاظ على القيم الإيمانية، مؤكدًا أننا نغار على أوطاننا لا نغار على الأرض لأنها أرض، لكن نغار عليها مخافة أن يستولى عليها مخافة من يفتننا فى ديننا".

وفى نفس السياق كان دور الكنيسة مؤثرًا، حيث أرسل البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، رسالة للجنود فى الحرب كما حث القساوسة والكهنة على بث روح الوطنية فى الشعب المصرى، وكذلك رفع الصلوات للدعاء للجنود فى الحرب، وتطوعت الراهبات لعلاج الجرحى بعد المعارك الطاحنة التى خاضها الجنود فى الحرب.

وبعث قداسة البابا شنودة الثالث عدة منشورات إلى الجنود على الجبهة، والشعب المصرى فى وقت الحرب، كذّب فيها فكرة أن "إسرائيل هى شعب الله المختار"، وقال "إن سيناء مقبرة الإسرائيليين، وإننا ندافع عن أراضينا، ودفاعًا عن الحق".

وأضاف أيضًا "أول ما نقوله فى موضوع الحرب، هو أن بلادنا حاليا قد عاشت محبة للسلام طول تاريخها، ولم تدخل الحرب إلا مضطرة، فقد بذلنا كل جهودنا من أجل حل مشكلتنا حلا سلميا، وصبرنا أكثر من 6 سنوات، نفاوض ونناقش ونعرض الحلول بلا جدوى".

وفى خطابه الثانى قال "فى شبه جزيرة سيناء، الآن تدور حرب طاحنة بين مصر وإسرائيل، وكان الأحرى بإسرائيل قبل أن تدخل حربا من أجل سيناء، أن ترجع إلى التوراة، وترى ما كتب موسى النبى العظيم، لتعلم ماذا يقول الوحى الإلهى عن علاقة سيناء بإسرائيل".

وأضاف: "إن سيناء لم تكن يوما موطنا لإسرائيل، بل كانت على العكس، أرض متاهة ومكان تأديب، فعندما خرج بنو إسرائيل من مصر، يقول الكتاب المقدس إن الله شاء أن يتيهوا فى برّية سيناء، وقضوا 40 سنة، حتى مات كل المتمرّدين والعصاة".

وعقد اجتماع كنسى تقرر فيه المساهمة المجانيّة الماليّة والأدبيّة للمجهود الوطنى، وأوصى المجتمعون الراهبات بتقديم خدماتهم إلى المستشفيات والهيئات الاجتماعيّة بالإضافة إلى الأمر الكنسى لرفع الصلوات من أجل تحقيق سلام وعادل فى الشرق الأوسط والنصر للقوات المسلحة، ودعا البطريرك المواطنين المؤمنين للإسهام بسخاء من أجل المجهود الحربى، للمقاتلين الجرحى فى مستشفيات القاهرة برفقة مجموعة من المطارنة والقمامصة والكهنة والرهبان، كما تمت زيارات لمستشفى ألماظة بصحبة تلاميذ المدارس الكاثوليكية.

أضف تعليق

إعلان آراك 2