خلال الأسبوع الماضي شهدت القاهرة عددا من الأحداث واللقاءات المهمة واستقبلت القاهرة عددا من الرؤساء والمسؤولين الدوليين والوزراء العرب والأجانب.
وكانت رسائل القاهرة كاشفة لحجم التحديات والظروف الاستثنائية التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط.
فما بين اجتماعات عربية على المستوى الوزاري فى اجتماع الدورة الـ 162 لـ وزراء الخارجية العرب الذى شهدته القاهرة وخرج بمجموعة من التوصيات التى تستوجب الوقوف عندها، ولقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي بالممثل الأعلى للاتحاد الأوربى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل ثم القمة المصرية الألمانية والتى استقبل خلالها الرئيس السيسي الرئيس فرانك فالتر شتاينماير رئيس ألمانيا الاتحادية والوفد المرافق له.
فى الوقت الذى ما زالت فيه رحى حرب الإبادة الجماعية من قبل الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطينى تواصل عملها من أجل تصفية القضية الفلسطينية في ظل الصمت العالمي، حرصت القاهرة على أن تضع القضية الفلسطينية على قمة مباحثاتها مع كافة الأطراف.
فهى قضية القضايا بالنسبة للدولة المصرية وبدون إيجاد حل لها لا يمكن للشرق الأوسط أن يعيش حالة من الاستقرار؛ كما لن يتحقق السلام طالما ما زالت تلك القضية تنزف دما فى ظل سيل من الأكاذيب لحكومة نتنياهو ، لم تستطع القرارات الدولية إيقافها حتى الآن .
(1) جاء الوزاري العربي في دورته 162 على مستوى وزراء الخارجية في هذه الدورة بمشاركة رفيعة المستوى وغير مسبوقة، إذ شارك فى أعمال الاجتماع 21 وزيرا ما بين وزير خارجية ووزير مكلف أو وزير دولة، بجانب مشاركة وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، والمشاركة الأممية الواسعة من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي فى أعمال الاجتماع.
وجاءت قرارات الوزاري العربي فى دورته العادية لتشمل 21 بندا معظمها بشأن الوضع فى الأراضى الفلسطينية المحتلة والصراع العربى الإسرائيلي فقد تم التوافق على تدخل الدول الأعضاء فى الجامعة العربية والأعضاء فى اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية، على التدخل رسميا لدعم دعوة جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية حول انتهاكاتها لالتزاماتها بموجب الاتفاقية خلال العدوان الإسرائيلى الغاشم والمستمر على قطاع غزة .
وكذا تكليف المجموعة العربية فى نيويورك ببدء خطوات تجميد مشاركة إسرائيل فى الجمعية العامة للأمم المتحدة، لعدم التزامها بمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة ، وتهديدها للأمن والسلم الدوليين، وتقديم طلب بهذا الخصوص لرئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، وحشد الدعم اللازم لذلك.
بالإضافة إلى دعم قرار الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بالتوجه إلى قطاع غزة بهدف وقف العدوان المتواصل على قطاع غزة، والانسحاب الكامل والفورى لقوات الاحتلال الإسرائيلى منه، وتمكين الحكومة الفلسطينية من تولى مهامها بشكل فعال فى جميع أراضى الدولة الفلسطينية.
تنفيذ قرار إدراج قائمة المنظمات والمجموعات الإسرائيلية المتطرفة التى تقتحم المسجد الأقصى المبارك والمرتبطة بالاستيطان الإسرائيلي، على قوائم الإرهاب الوطنية العربية، والإعلان عن قائمة العار للشخصيات الإسرائيلية التى تبث خطاب الإبادة الجماعية والتحريض ضد الشعب الفلسطينى تمهيداً لاتخاذ الإجراءات القانونية ضدها، واتخاذ الإجراءات اللازمة لمقاطعة جميع الشركات العاملة فى المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية فى الأراضى الفلسطينية والعربية المحتلة عام 1967.
دعم توجه دولة فلسطين للحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة ، ودعوة مجلس الأمن إلى قبول هذه العضوية استناداً إلى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة.
كما حذر الوزراء العرب من الأعمال والتحركات الإرهابية الخطيرة التى يقودها بعض أعضاء الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة فى مدينة القدس المحتلة، ومن بينها الاقتحامات المتصاعدة بعض أعضاء الحكومة بآلاف المستوطنين الإسرائيليين للمسجد الأقصى المبارك، وما أعلن مؤخراً عن خطة لبناء كنيس يهودى فى المسجد الأقصى المبارك، والتحذير من أن هذه الأعمال الإرهابية الخطيرة المستفزة من شأنها أن تؤدى إلى إشعال حرب دينية فى المنطقة.
وشدد وزراء الخارجية العرب ، رفضهم للمزاعم والأكاذيب التى رددها رئيس حكومة الاحتلال فى محاولة يائسة لتبرير رفض انسحابه من محور صلاح الدين «فيلادلفيا»، واعتبروها ادعاءات تستهدف عرقلة جهود وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى والرهائن التى تقوم بها مصر وقطر والولايات المتحدة الأمريكية وأن تلك المزاعم بمثابة محاولات لتشتيت الانتباه وصرف الأنظار عن الانتهاكات والسياسات العدوانية والتحريضية التى تتخذها إسرائيل بحق الشعب الفلسطينى فى كامل الأرض الفلسطينية المحتلة.
وأعلن الوزارى العربى دعمه الكامل لجبهات خط المواجهة العربية.
القرارات الصادرة عن الاجتماع جاءت لأول مرة رغم أنها اقتربت من 21 قرارا مستهدفة القضية العربية الأولى (القضية الفلسطينية) لتصبح قمة فلسطين بحق.
(2) جاءت قرارات اجتماع وزراء الخارجية العربية متمركزة حول الأوضاع فى الأراضى المحتلة، فى الوقت الذى كانت التظاهرات داخل إسرائيل يعلو صوتها مطالبة حكومة نتنياهو بضرورة عقد صفقة لتبادل الرهائن واتهموا نتنياهو بأنه يضحى بأبنائهم من أجل بقائه فى الحكومة.
التظاهرات الأضخم فى إسرائيل لم تكن هى وحدها التى وجهت هجوما لنتنياهو بل إن بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية كشفت أكاذيب رئيس الحكومة الإسرائيلية بشأن محور فيلادلفيا، لتؤكد أن ما يتحدث عنه نتنياهو بشأن المحور ودخول الأسلحة من خلاله ليس سوى مجموعة من الأكاذيب فندها «آفى اشكنازي» المراسل العسكرى لصحيفة معاريف الإسرائيلية، فى مقال له بعنوان «لن تصدقوا من الذى أدخل سيارات التويوتا إلى حماس؟».
قائلا: محور فيلادلفيا ليس المحور الرئيسى لتهريب الأسلحة إلى حماس .
الأنفاق فى غزة بنتها المنظمة بالخرسانة التى حصلت عليها من إسرائيل، والمخارط تم شراؤها من البلاد من مصانع تم إغلاقها أو تجديدها.
فعلى الرغم من خطاب نتنياهو المصقول، يبدو أن رئيس الوزراء يعانى من مشكلة صغيرة فى الذاكرة. ربما بسبب عمره، ربما بسبب ضغوط الحرب، ربما بسبب ساعات العمل الطويلة.
نتنياهو يحاول تجاوز معارضة المؤسسة الأمنية لمحور فيلادلفيا .
وألقى فى الهواء الشعار الجديد «هذه ليست مسألة تكتيكية بل مسألة استراتيجية سياسية».
ويضيف «أفى» دعونا نتعامل مع بعض الحقائق من كلام رئيس الوزراء.
محور فيلادلفيا ليس المحور الرئيسى لتهريب الأسلحة إلى حماس، سيارات تويوتا التى ارتكبت مذبحة سكان سديروت وأوفاكيم، جلبتها حماس عبر ميناء «أشدود» وتم نقلها عبر معبر كرم أبو سالم .
حماس قامت ببناء الأنفاق فى غزة، وحصلت على الخرسانة من إسرائيل عبر معبر كرم أبو سالم .
لقد تم بناء الصواريخ والقذائف فى مخارط فى غزة و خان يونس . وتم شراء المخارط من إسرائيل، من المصانع التى تم إغلاقها أو تجديدها وتم نقل الآلات كنفايات حديدية إلى غزة .
وهناك قامت حماس بتحويلها إلى آلات لصنع الصواريخ؛ إنها لم تأت عبر فيلادلفيا .
اشكنازي، أشار إلى أن رئيس الحكومة الإسرائيلية كان يرفض من قبل على مدى 15 عاما من حكمه الدخول إلى محور فيلادلفيا، متسائلا: ماذا تغير؟
ليجيب الصحفى الإسرائيلي.. الجواب رئيس الوزراء.. يقصد أن ما تقوم به حكومة نتنياهو ليس لحماية إسرائيل إنما لحمايه رئيس الحكومة من السجن.
لم يكن «افى اشكنازى» فقط من كذب حديث رئيس وزراء إسرائيل بشأن محور فيلادلفيا، بل هناك عدد من وسائل الإعلام الإسرائيلية اتهمت نتنياهو بالكذب من أجل البقاء فى السلطة.
(3) خلال الأسبوع الماضى التقى الرئيس السيسي بممثل الأعلى للاتحاد الأوروبى للشئون الخارجية والسياسة الأمنية «جوزيب بوريل» وأكد الرئيس السيسي على ضرورة العمل على الوقف الفورى لإطلاق النار وإيصال المساعدات للشعب الفلسطينى لتخفيف المعاناة عنه، وضرورة إيجاد حل لإحلال السلام وإعلان الدولة الفلسطينية.
العلاقات المصرية مع الاتحاد الأوربى شهدت ازدهارا كبيرا فى عهد الرئيس السيسي وهناك ثقة متبادلة بين المفوضية الأوربية والقيادة المصرية، الأمر الذى فتح آفاقا أوسع للتعاون وكذا ثقة فى رؤية مصر لحل ومواجهة الأزمات فى منطقة الشرق الأوسط وعلى رأسها الأوضاع فى الأراضى الفلسطينية.
الممثل الأعلى للاتحاد الأوربى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل عقب لقاء الرئيس السيسي بالقاهرة قام بزيارة إلى شمال سيناء ومن أمام معبر رفح أكد أن ما يحدث فى غزة من قِبل الاحتلال الإسرائيلى يعد هجوما مروعا وليس دفاعا عن النفس، ويمثل انتهاكا جسيما لحقوق الإنسان.
كما جاءت مجموعة من رسائل الرئيس السيسي خلال المؤتمر الصحفى الذى عقده مع الرئيس الألمانى «فرانك ڤالتر شتاينماير» بالقاهرة تؤكد على أهمية أن تقوم أوروبا بدور كبير من أجل تشجيع الأطراف على التوصل لوقف إطلاق النار فى قطاع غزة .
إن ما يجرى من استخدام لسلاح الجوع ضد الشعب الفلسطينى أمر خطير جدا، وكان له تأثير على مصداقية وفكرة القيم الخاصة بحقوق الإنسان التى يتحدث عنها العالم منذ سنوات طويلة فهى انتهاك صارخ لحقوق الإنسان، خاصة أن ذلك يتم على مرأى ومسمع الجميع من القوى الدولية.
فهناك أكثر من 40 ألفا سقطوا فى الصراع ب غزة ثلثيهم من الأطفال والنساء.
كما أن ملف مياه النيل من أولويات الدولة المصرية وبخاصة فيما يتعلق بسد النهضة والتفاوض مع إثيوبيا للوصول لاتفاق قانونى ملزم بشأن ملء وتشغيل السد، وعلى مدى أكثر من 10 سنوات نحاول التوصل إلى اتفاق طبقا للمعايير والقوانين الدولية للأنهار العابرة للحدود ومصر ليست لديها وسيلة أخرى للحصول على المياه غير نهر النيل الذى يتحرك منذ آلاف السنين بلا عوائق، ومياه النيل بالنسبة لمصر أمر وجودي.
وجاءت كلمة الرئيس السيسي خلال الحدث الرئاسى الافتراضى «نداء عالمى لقمة المستقبل» نهاية الأسبوع الماضى تحمل أيضا مجموعة من الرسائل منها.
الرسالة الأولى: يجب تعزيز العمل متعدد الأطراف، وفى القلب منه؛ جهود منظمة الأمم المتحدة ، بما يحقق أهدافنا المشتركة فى التنمية المستدامة، والحفاظ على السلم والأمن الدوليين، وتمتع الشعوب كافة بحقوق الإنسان، بشكل شامل وعادل.
الرسالة الثانية: لا بد من إصلاح هيكل النظام المالى العالمي، وتعزيز مشاركة الدول النامية فى آليات صنع القرار الاقتصادي، وتقوية دور الأمم المتحدة فى الحوكمة الاقتصادية الدولية، بما يسهم فى تسهيل حصول دول الجنوب على التمويل اللازم لتحقيق التنمية المستدامة، فضلاً عن معالجة أزمة الديون التى تتراكم على الدول النامية، جرّاء أزمات عالمية لم تتسبب فيها تلك الدول.
الرسالة الثالثة: لا بد من تعزيز جهود القضاء على الفقر والجوع على المستوى العالمى ومواجهة تحديات الأمن الغذائى التى تتفاقم نتيجة عوامل متعددة، على رأسها نُدرة المياه سواء لأسباب طبيعية أو مصطنعة، الأمر الذى يتطلب تعاونًا دوليًا للوفاء بحق الجميع فى النفاذ للمياه واحترام القانون الدولى فى إدارة الأنهار العابرة للحدود لضمان تحقيق التوافق بين الدول المعنية وعدم وقوع أضرار على أية دولة.