قدرات الدولة المصرية و حماية الأمن القومي

الأسبوع الماضى شهد العديد من الأحداث المهمة ليس بسبب حالة عدم الاستقرار التى تعيشها المنطقة أو الاضطرابات الدولية المؤثرة بشكل أو بآخر على دول الشرق الأوسط، لكن أهمية تلك الأحداث أنها كاشفة بشكل واضح لحجم التحديات والتهديدات، وكيف أن التحرك بخطوات سريعة واستشراف مبني على معلومات دقيقة والعمل بشكل علمى وإخلاص ودقة فى تنفيذ المهام لحماية الدولة المصرية وتنمية قدراتها، كان هو المسار الصحيح، لتكون قادرة على الصمود فى وجه تلك التحديات، ولديها القدرة على مواجهة التهديدات فى الوقت المناسب، وفق القواعد والأسس الراسخة للدولة المصرية، المرتكزة على إرث حضارى ضخم، وعمل متواصل من قِبل قيادتها، وإيمان لا يتزعزع من قِبل شعبها بالحفاظ على الدولة الوطنية.

(1) فما بين استمرار نجاح الدولة المصرية فى العديد من الملفات وحالة الجنون التى أصابت عددًا من قادة الحكومة الإسرائيلية وعلى رأسهم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الذى غاصت قدماه فى أكبر مجزرة فى تاريخ الإنسانية بقطاع غزة ، وسيل الأكاذيب التى يحاول الفِكاك منها بعد أن فشل فى تحقيق نصر مزعوم، فلم يستطع الوصول إلى الرهائن أو القضاء على « حماس » الذريعة التى يحاول بها البقاء فى كرسيه والبعد عن ظلمات السجن المرتقب.

ففى الوقت الذى كانت فيه الدولة المصرية تواصل مساعيها من أجل الوصول إلى وقف لإطلاق النار فى قطاع غزة ، والوصول إلى صيغة توافقية لإطلاق سراح الرهائن ووصول المساعدات إلى الفلسطينيين فى قطاع غزة وباقى الأراضى الفلسطينية المحتلة.

كان نتنياهو يعمل على زيادة رقعة الصراع فامتدت الاعتداءات الإسرائيلية إلى الضفة الغربية كاشفة حجم المخطط الإسرائيلى بشأن تصفية القضية الفلسطينية وهو ما ترفضه مصر وتدينه بشدة وتحذر من عواقب الاستمرار من جانب الاحتلال الإسرائيلى فى هذا المسار؛ لما قد يسببه من زيادة حِدة الصراع، ولن يحقق السلام والاستقرار فى الشرق الأوسط.

التصريحات غير المسئولة التى تحدّث بها نتنياهو حول محور فيلادلفيا جاءت كاشفة لحجم التخبط داخل الحكومة الإسرائيلية، وكذا التعوّد على ترويج المزيد من الأكاذيب حتى بات رئيس الحكومة من كثرتها يصدق تلك الأكاذيب.

ففى الوقت الذى كشفت فيه تحقيقات عسكرية إسرائيلية عن فساد وسرقات لأسلحة من مستودعات تم بيعها لصالح مافيا تجارة الأسلحة فى إسرائيل ووصل البعض منها للمقاومة، لا يزال نتنياهو يردد أكاذيبه حول أن المقاومة تحصل على السلاح عبر الأنفاق وهو يعلم أن مصر من جانبها أغلقت كل الأنفاق التى كانت موجودة من قبل خلال مواجهتها للإرهاب فى سيناء، ليس من أجل أحد إنما حفاظًا على أمنها القومي.

لقد كشفت وسائل الإعلام الإسرائيلية ومنها القناة الـ 12 أن القوات الإسرائيلية عندما دخلت الأنفاق من الجانب الفلسطينى وجدها مغلقة من الجانب المصري فى محور فيلادلفيا.

أما بشأن وصول الأموال المزعوم للمقاومة يعلم الجميع أن إسرائيل نفسها هى من كانت تحمى شهريًا 30 مليون دولار تحملها طائرة قطرية تهبط فى مطار بن جوريون ثم تُنقل إلى قطاع غزة فى حراسة الجيش الإسرائيلى وذلك قبل 7 أكتوبر 2023.

إن محاولات الدفع بمزيد من الأكاذيب على لسان نتنياهو وحكومته لن يحل الأزمة بل سيزيدها تعقيدًا.

لقد جاء بيان الخارجية المصرية ردًا قويًا على تصريحات نتنياهو المكذوبة وغير المسئولة والكاشفة عن محاولة الجانب الإسرائيلى لإطالة أمد الأزمة من أجل البقاء فى السلطة.

كان البيان شديد اللهجة معبرًا عما يجيش فى صدور المصريين.. وواضعًا المجتمع الدولى أمام مسئولياته بهذا الشأن.

فمصر لا يمكن لها أن تقبل مثل تلك المحاولات الخبيثة سواء محاولات تصفية القضية على حساب دول الجوار أو تغيير أى شيء مما كان على أرض الواقع قبل 7 أكتوبر 2023.

فمحور فيلادلفيا بحسب اتفاقية كامب ديفيد لا توجد به قوات إسرائيلية، كما يجرى تشغيل معبر رفح من قِبل السلطة الفلسطينية من جانبها، ومن قبل مصر من جانبها، طبقًا للمعايير الدولية وتماشيًا مع القانون الفلسطينى وهو ما نصت عليه الاتفاقية الأمنية الصادرة فى نوفمبر 2005 بين السلطة الفلسطينية و إسرائيل وبضمان من الاتحاد الأوروبى وهو ما عُرف باتفاقية المعابر؛ والتى نصت على «يجرى تشغيل معبر رفح من قبل السلطة الفلسطينية من جانبها، ومن قبل مصر من جانبها، طبقًا للمعايير الدولية وتماشيّا مع القانون الفلسطيني، بحيث تخضع لبنود هذه الاتفاقية».

لقد حاول نتنياهو الإثنين الماضى ترويج مزيد من الأكاذيب، ولم يدرك عواقب ما يفعل؛ ف الدولة المصرية تدير ملفاتها بحكمة واحترافية شديدة، وصبرها دائمًا لا يختبر، فقراراتها مدروسة بدقة وليست عشوائية كما يفعل البعض.

قدراتها محسوبة ومعلومة للجميع، فمصر إذا تحدثت ينصت لها العالم، وإذا غضبت فعلى الأطراف الأخرى أن تخشى.

فصمت الأسود يسبق زئيرها، وإذا زئرت الأسود فعلى الجميع أن يدرك أن الأمر لا بد أن يعود إلى موضعه الصحيح.

لم تعتدِ مصر يومًا لكنها لا تقبل أيضًا العدوان، ولا تفرط فى حبة رمل واحدة من ترابها الوطني.

إن محاولة اختبار صبر الدولة المصرية وقوة جيشها الرشيدة، أمر محفوف بالمخاطر وعلى من يحاول السير فى ذاك الاتجاه أن يدرك عواقب ذلك قبل أن يفكر، لا قبل أن يحرك قدمه من مكانها.

فالأفكار الشيطانية مكشوفة بالكامل، ليس لأننا نكشف الطالع لكننا ندرك حجم التحديات والتهديدات ونعمل على نفس المستوى وأكثر لمواجهتها، ونمتلك القدرة والقوة والعلم.

فـ «أكتوبر» ليس ببعيد وما هى سوى أيام قليلة ونحتفل بالعيد الحادى والخمسين لذكرى النصر.

فمصر لم يكن لها يومًا أن تهدد لأنها إذا قررت فعلت، لكنها تحذر، علّه يكون هناك من لا يزال يمتلك جزءًا من العقل أو جانبًا من الحكمة.

إن محاولات جر المنطقة إلى حرب شاملة لن يجدى نفعًا فى تحقيق السلام والاستقرار بل سيجنى الجميع ثماره المرّة؛ وعلى واشنطن أن تدرك ذلك فبدلاً من تعزيز انتشار قواتها فى المنطقة فى ظل صراع تحالفات ضخم يحاول استقطاب البعض إلى فريق دون الآخر، أن تقوم بالضغط على إسرائيل لتنفيذ القرارات الدولية والاستجابة لوقف إطلاق النار والعودة إلى المفاوضات بشكل جاد.

(2) جاءت زيارة الفريق أحمد خليفة، رئيس أركان حرب القوات المسلحة، نهاية هذا الأسبوع لمنطقة الحدود مع قطاع غزة لتفقد إجراءات التأمين على الاتجاه الاستراتيجى الشمالى الشرقى والوقوف على مدى جاهزية القوات لتنفيذ المهام المكلفة بها.

وأكد أن المهمة الرئيسية الحفاظ على حدود الدولة على كل الاتجاهات الاستراتيجية وأن رجال القوات المسلحة قادرون على الدفاع عن حدود الوطن جيلاً بعد جيل، مؤكدًا أهمية التحلى بالعلم والإرادة والحفاظ على اللياقة البدنية العالية لضمان تنفيذ كل المهام باحترافية عالية.

رئيس الأركان خلال تلك الزيارة اطمأن على الحالة المعيشية والإدارية للفرد المقاتل، ومنظومة التأمين لخط الحدود الشمالية الشرقية، واستمع إلى شرحٍ مفصل تضمن أسلوب العمل والتنسيق بين كل التخصصات بما يحقق السيطرة الكاملة على خط الحدود الدولية على مدار الـ٢4 ساعة.

(3) الأسبوع الماضى شهدت مصر حدثًا دوليًا مهمًا وهو معرض مصر الدولى الأول للطيران وعلوم الفضاء، بمطار العلمين، جاء انعقاد المعرض بمثابة رسالة وشهادة ثقة من العالم على ما حققته الدولة المصرية من إنجازات خلال العقد الأخير كما جاء حجم المشاركة والذى بلغ 100 دولة و300 شركة عالمية، دليلاً على الثقة فى قدرات الدولة المصرية على تنظيم مثل هذه الفعاليات المهمة، بالإضافة إلى الرسالة الأهم وهى ما استطاعت مصر تحقيقه من إنجاز فى تلك المنطقة فى إطار تنمية قدرات الدولة المصرية فحوّلت المنطقة (العلمين) من مساحة تسكنها الألغام ولا تعرف سوى لغة الموت إلى منطقة تنعم بالحياة طوال العام وترسل إلى العالم رسائل تدلل على قدرة المصريين على بناء دولتهم ومشروعهم الحضاري.

إن انعقاد مثل هذه المعارض الدولية يعمل على تنمية صناعة من أهم الصناعات (صناعة الطيران وتكنولوجيا الفضاء والصناعات العسكرية) ويجعل مصر تقف على آخر تطورات تلك الصناعات بالإضافة إلى عرضها للفرص الاستثمارية المتاحة لديها من خلال الشراكات مع الشركاء الدوليين، وهو ما نجحت فيه الهيئة العربية للتصنيع والتى حصلت على اعتماد مجموعة شركات «سافران» للمحركات الفرنسية لمصنع المحركات التابع للهيئة العربية للتصنيع كمركز دولى وحيد لعمرة محركات اللارزاك للطائرة ألفاجيت، كما تم اعتماد مصنع المحركات مركزًا معتمدًا لعمرة وصيانة محرك الطائرة K8E من قبل شركة هنى ويل الأمريكية، وذلك فى إطار توطين التكنولوجيا وتعميق التصنيع المحلى وجذب الاستثمارات وفقا لرؤية مصر للتنمية المستدامة 2030.

كما تم توقيع عقد تصنيع نظم دفاعية متطورة بين الشركة العربية البريطانية للصناعات الديناميكية ABD التابعة للهيئة العربية للتصنيع، وشركة ELINC الصيني.

كما تم إجراء مباحثات لتعزيز أوجه التعاون والشراكة وتوطين التكنولوجيا فى العديد من الصناعات الجوية والدفاعية مع كل من المدير التنفيذى لجمعية مصنعى الطائرات والفضاء فرنسا؛ والشركة الأمريكية Raytheon، والشركة الروسية JSC، وشركة KAI الكورية، كما عقد رئيس مجلس إدارة الهيئة العربية للتصنيع اللواء مختار عبد اللطيف عددًا من المباحثات مع مسئولى عدد من الشركات منها نورينكو الصينية، والشركة الروسية Russian Helicopters والشركة الروسيةNASC، والشركة الهندية BDL وشركة كاتيك الصينية وشركة إيرباص الفرنسية.

كما عرضت مصر العديد من المنتجات التى استطاعت أن تبهر المشاركين فى المعرض ومنها المدرعتان المصرية الصنع st100-st500 ، ذات الكفاءة العالية.

وكذا الطائرات بدون طيار وطائرات التدريب k8 ، وكذا عمرات طائرات مى 8 ومى 17، بالإضافة إلى الذخائر المتنوعة وكذا عمرات الطيران المدنى من خلال شركة مصر للطيران.

المعرض شهد إقبالاً كبيرًا ليكون بمثابة شهادة نجاح جديدة تحققها الدولة المصرية، فلم يمضِ سوى يوم واحد على انتهاء مهرجان العلمين السياحى الثانى حتى شهدت مدينة العلمين هذا المعرض الدولى والذى زينت سماء العلمين خلاله العديد من العروض الجوية، وأكد وجود هذا العدد الضخم من العارضين والتنظيم الراقى قدرة مصر على تنظيم مثل تلك الفعاليات الدولية.

شكرًا دكتور بدر عبد العاطي

اللقاء الذى عقده الدكتور بدر عبد العاطي ، وزير الخارجية ، الأسبوع الماضى وشرفت بحضوره ضمن رؤساء تحرير ورؤساء مجالس إدارات الصحف كان لقاءً مهمًا ورسالة على أهمية دور الإعلام فى دعم الدولة المصرية لمواجهة التحديات.

كان حوارًا مهمًا تطرق للعديد من القضايا سأتعرض لها فى العدد القادم، كما اتبعه لقاء عقده مع عدد من الزملاء الإعلاميين وكبار الكتّاب.

الحوار رد خلاله وزير الخارجية على كل الأسئلة، ليضع الإعلام أمام مسئوليته فى بناء الوعي، ووعد بتكرار مثل تلك اللقاءات.

شكرًا دكتور بدر عبد العاطي ، وزير الخارجية على اللقاء..

أتمنى أن يحذو حذوه باقى الوزراء فى الحكومة.

أضف تعليق