حالة من عدم الاستقرار ضربت إقليم الشرق الأوسط منذ ما يزيد على عقدين، كانت هناك أحداث تعد بمثابة بداية الإعصار المدمر للإقليم رسمت له سيناريوهات عدة.
تغير العديد منها فى مراحل مختلفة وفق تطورات الأحداث وسرعة استجابتها للمسار المرسوم لها، فسقطت أوطان ودمرت وقتلت شعوب وهُجّرت، وأصبح العالم ينتظر لهذا الإقليم المضطرب غير المستقر، مرحلة إعادة ترسيم حدوده، أو مناطق النفوذ.
لتتقطع أوصال الإقليم وتسيطر عليه الفوضى، وتبقى فقط الدولة الوطنية المتماسكة هي الأكثر قوة وقدرة على مواجهة التحديات والوقوف فى وجه الأزمات والتصدي لها.
تطورات دراماتيكية متسارعة شهدها إقليم الشرق الأوسط وفى القلب منه المنطقة العربية خلال الأسبوع الماضي، تطورات متلاحقة تنذر بكارثة إقليمية ودولية إذا ما اتخذ بعض الموتورين قرارات مجنونة تحت تأثير نشوة انتصار زائف.. أو ينزلق البعض فى منزلقٍ خطيرٍ يتطور معه الأمر إلى حرب إقليمية.
فما إن اتخذت إسرائيل خطوة غير مدروسة حاولت بها أن تثبت للممول والداعم الرئيسي لها ( الولايات المتحدة الأمريكية ) أنها قادرة على تنفيذ المهام، باغتيال قائد المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران ، عقب حضوره مراسم تنصيب الرئيس الإيراني الجديد «مسعود بزشكيان».. وقبل تلك العملية بساعات لم تتعدَ 12 ساعة كانت إسرائيل قد اغتالت القائد العسكري فى «حزب الله» اللبناني «فؤاد شكر».
لترتفع درجة حرارة الإقليم لتفوق درجة حرارة المناخ، وتنذر بكارثة لن يتوقف أثرها على المنطقة فحسب بل سيمتد إلى العديد من الدول المجاورة، وتتأثر به كل دول العالم من الحلفاء والقوى الدولية.
(1)في ذلك الوقت كانت الدولة المصرية تسير بخطى ثابتة للحفاظ على أمن واستقرار الوطن واستمرار مسيرة التنمية والبناء رغم التحديات.
فوسط هذا الإقليم المضطرب استطاعت الدولة المصرية على مدى عقد كامل أن تنجز ما لم تنجزه فى ثلاثة عقود.. نعم كان العبء كبيرًا على المواطن المصري لكنه استطاع أن يعبر بوطنه أهم مراحل مشروعه الوطني لثقته فى القيادة، ولم يلتفت إلى ما حاولت قوى الشر التأثير به عليه.
لقد كانت قوة الدولة فى ترابط شعبها وقيادتها خلال العقد الأخير ولا يزال هذا الترابط القوي هو أحد أهم أسباب نجاح الدولة المصرية وضمان استقرارها رغم تطورات الأوضاع فى المحيط الإقليمي.
لقد شهد الأسبوع الماضي اجتماع الرئيس السيسي مع وزير التربية والتعليم، ومدير الأكاديمية العسكرية للوقوف على أهم المسارات الخاصة بتطوير التعليم، وهي محاور التدريب والتأهيل لمكونات العملية التعليمية، وعلى رأسها دعم وبناء قدرات ومهارات المعلمين، فى ظل ما يمثله المعلم من ركيزة أساسية للمنظومة التعليمية، وكذا آليات انتقاء وإعداد الكوادر العاملة بالمدارس المصرية، حيث أكد الرئيس أن الأولوية التي تمنحها الدولة لتطوير جميع محاور منظومة التعليم، خاصة العنصر البشري، من خلال حُسن الاختيار والتأهيل، سواء الفني أو الشخصي، بما يضمن تحقيق أعلى درجات الموضوعية والحياد والجدارة، بما ينعكس على جودة الخدمة التعليمية، التي يحصل عليها أبناء وبنات مصر فى المدارس.
كما استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، بمدينة العلمين الجديدة ، الرئيس محمد إدريس ديبي ، رئيس جمهورية تشاد، وبحثا سبل تحقيق نقلة فى مسار التعاون الثنائي بين البلدين فى مختلف القطاعات، حيث اتفق الرئيسان على تفعيل عمل اللجنة المشتركة بين البلدين فى أسرع وقت ممكن.
وأكد الرئيس السيسي حرص مصر على تقديم الدعم الكامل للأشقاء فى تشاد.
وأشاد الرئيس التشادي بالدعم الذي تقدمه مصر لتشاد والعلاقات الوثيقة والممتدة بين البلدين، مؤكدًا توافر الإرادة المشتركة بين البلدين لتحقيق نقلة نوعية فى العلاقات بينهما.
وأكد الرئيسان اتفاق الرؤى بشأن جهود وقف إطلاق النار فى السودان ، بما يُعلي من المصالح العليا للشعب السوداني الشقيق.
وشددا على دعم البلدين لكل جهود تحقيق الاستقرار فى ليبيا الشقيقة، وتعزيز الأمن فى منطقة الساحل الإفريقي فى مواجهة التهديدات الإرهابية.
كما التقى الرئيس قبل نهاية الأسبوع الماضي بمدينة العلمين الشيخ محمد بن زايد، رئيس دولة الإمارات، فى زيارة أخوية تؤكد عمق وقوة العلاقات بين الزعيمين وكذا الشعبيين الشقيقين، وقام الرئيس السيسي وضيف مصر الشيخ محمد بن زايد بجولة فى مدينة العلمين وسط احتفاء شعبي بضيف مصر.
المشهد كان معبرًا عن قوة ومتانة العلاقات بين الدولتين وكذا ما تنعم به مصر من أمن واستقرار رغم توترات الإقليم.
كما أن ما تشهده مدينة العلمين حاليًا لهو إحدى ثمار الإرادة المصرية لبناء دولة قوية تستطيع الاستفادة من مواردها المختلفة وتنميتها.
فقبل عقد من الزمان كانت تلك المنطقة حقولاً للموت (حقول ألغام) خلّفتها الحرب العالمية واستطاعت مصر بإرادة قوية أن تطهرها وتحوّلها إلى أكبر المقاصد السياحية على البحر المتوسط.
إن الدولة المصرية تسير بخطى ثابته نحو إتمام مشروعها الوطني فى الوقت الذي انهارت فيه دول ولم تستطع أن تعود مرة أخرى، كما قطعت الفوضى أوصال دول أخرى، وبات من الصعب إعادة وحدتها وهو ما حذرت منه مصر مرارًا.
(2)على الجانب الآخر نجد المشهد يزداد تعقيدًا والأوضاع الإقليمية تتجاوز حدود المعقول، و إسرائيل تستند على الدعم الأمريكي الكبير، الذي كان آخره ذلك المشهد العبثي الذى قدمه الكونجرس خلال الجلسة التي ألقى فيها نتنياهو خطابه المكذوب وأداره بسيناريو هوليودي من الدرجة الأولى، ليصدر الكذب والبطولة الزائفة، فيصفق له أعضاء أعلى سلطة فى الولايات المتحدة الأمريكية، تصفيقًا يؤكد أن أياديهم باتت ملطّخة بدماء الأبرياء من المدنيين والأطفال والنساء الفلسطينيين الذين قتلتهم يد الغدر الإسرائيلية.
كان ذلك الخطاب وتلك الكلمات بمثابة صك أمريكي حصل عليه نتنياهو لتنفيذ تلك العمليات، وبدأ المحللون يذهبون إلى سيناريوهات مستقبلية لما قد تشهده المنطقة والإقليم خلال الفترة القادمة.
فما بين متشائم يرى أن تلك العمليات نذير حرب شاملة فى المنطقة، وآخر يرى أن الردود عليها ستكون مجرد عمليات لحفظ ماء الوجه سواء من جانب إيران أو حزب الله، أو المقاومة.
فى الوقت ذاته يرى فريق ثالث أن تلك العمليات خاصة التي وجهت لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس ، تعد بمثابة بالونة اختبار لما قد يحدث من جانب الإدارة الإيرانية الجديدة، وكذا إرسال رسالة مفادها أن إسرائيل تستطيع أن تصل إلى أي عنصر داخل إيران كما أنها أيضًا موجّهة للمقاومة الفلسطينية.
لكن فى واقع الأمر إن الأخيرة (المقاومة الفلسطينية) لن تثنيها مثل تلك العمليات الغادرة من جانب المحتل عن الدفاع عن أرضها ومواجهته.
وهو ما لم يستطع أن يدركه نتنياهو وحكومته من مجرمي الحرب، أن الأرض تدافع عن أصحابها فلن يترك الفلسطينيون أرضهم مهما كلفهم ذلك من تضحيات، فالأوطان تُحرر بتضحيات الأبطال.
إن محاولة إسرائيل لتوسعة دائرة الصراع، والتي تعمل عليها منذ فترة وحذرت مصر مرارًا من مغبة مثل تلك التحركات، ستكون إسرائيل أول المحترقين بها حتى وإن كانت مدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية أو غيرها من القوى الدولية.
إن فتح جبهات القتال فى أكثر من اتجاه لن تصمد أمامه إسرائيل؛ وعلى الإسرائيلين أن يدركوا أن حكومة نتنياهو ستغرقهم جميعًا؛ ما لم يأخذوا على يد تلك الحكومة بقوة، إذا كانوا يبحثون عن السلام.
إن عمليات الاغتيالات التي تنتهجها إسرائيل منهجًا لن تحقق السلام أو الأمن والاستقرار لشعبها بل تجعله عُرضة لعمليات رد فعل ستكلفهم الكثير من الأرواح وستخلق حالة من الذعر داخل الشعب الإسرائيلي.
لقد حذرت مصر من مغبة زيادة رقعة الصراع وكذا حذرت من مغبة الاستمرار فى حربها ضد الشعب الفلسطيني، مؤكدة ضرورة وقف إطلاق النار والبحث عن حل سلمي لتحريك عملية السلام بشكل حقيقي، وكذا حذرت من أن عملية الاغتيالات لن تحقق الأمن والاستقرار.
إن ما يحدث من تطورات فى الصراع بالإقليم ينذر بمزيد من الاضطرابات ما لم يتم الاستماع إلى صوت العقل والحكمة الذي تتبناه الدولة المصرية، وتعمل جاهدة على ترسيخه لتحقيق سلام حقيقي على الأرض يستهدف البناء والتنمية من أجل مصلحة الشعوب.
إلى رئيس الوزراء: الأزمة والحل
الحوار الذي أجراه رئيس الوزراء على مدى ثلاث ساعات كاملة الأسبوع الماضي مع عدد من رؤساء تحرير الصحف المصرية وعدد من الإعلاميين على الهواء مباشرة، يأتي فى إطار المكاشفة والشفافية والرد على تساؤلات الشارع التي ينقلها الإعلام للحكومة، وهو منهج يؤكد أن الدولة المصرية تسعى إلى التفاعل والتعاون مع كل الرؤى والاتجاهات من أجل العمل على بناء الدولة ومواجهة التحديات وقطع الطريق على مروّجي الشائعات.
وقد تحدث رئيس الوزراء عن أن الحكومة تعمل جاهدة على ضبط الأسعار فى الأسواق لمواجهة من يحاولون العمل على جني مزيد من الأرباح من الأزمة.
وهنا أتساءل لماذا لا يتم العمل على توجيه أصحاب شركات ومصانع تعبئة وتغليف وتصنيع المنتجات الزراعية بتخصيص مساحات من الأراضي لحساب تلك المصانع كمزارع تابعة لها توفر لها المنتجات الزراعية من الخضر والفاكهة لتصنيعها أو تصديرها للخارج حتى لا تؤثر على الأسعار فى السوق المحلي؟! الأمر الذي ينتج عنه وفرة فى المعروض داخل الأسواق مما يخفض من الأسعار فتخلق حالة من الرضا المجتمعي.
خاصة أن مثل تلك الشركات لديها القدرة على استصلاح مساحات ضخمة والتوسع فيها طبقًا للحاجة وكذا استخدام أحدث وسائل الزراعة الحديثة.
ألم تكن شركتا قها وإدفينا تمتلكان مزارع فاكهة خاصة بهما يستخدم إنتاجها فى التصنيع.
لماذا نترك شركات التصنيع والتعبئة والتغليف للمنتجات الزراعية تلتهم معظم الإنتاج فيقل المعروض فى السوق المحلي فترتفع الأسعار ؟!
إن شركات منتجات الألبان أيضًا لديها القدرة على إنشاء مزارع خاصة بها فلماذا لا تفعل ذلك؟!
إن مثل تلك الاتجاهات قد تكون حلاً فاعلاً فى مواجهة الضغط على الأسواق بوفرة المعروض من السلع فتنخفض الأسعار.
كما سيحقق ذلك أيضًا فرصة للقطاع الخاص بأن يكون له دور فى الاستثمار الزراعي وتنمية الثروة الحيوانية.