قال الدكتور عمرو خالد، الداعية الإسلامي، إن الإنسان لايقتصر دوره في الحياة على السعي من أجل نفسه وأسرته، بل يمتد ليشمل إصلاح وإعمار الأرض، ولابد أن يقدم ما يخدم به دينه على قدر طاقته وقدرته، صغيرًا كان أم كبيرًا.
وأضاف في الحلقة الثامنة عشر من برنامجه الرمضاني "الفهم عن الله": "أي شيء تفعله يكون لوطنك وبلدك، لأنه عقليًا وهندسيًا الأرض التي تبني عليها هي بلدك، وأنت تقف على أرض الإسلام، فأنت تقف على أرض وطنك، ولو كنت تعيش في الخارج، فأي شيء تفعله للإصلاح في المجتمع الغربي، سيحسب للإسلام لأنك واجهة مشرفة له".
الناس أنواع
وأوضح خالد أن الناس أنواع في فهم مراد الله من عباده، وهم:
أربعة أصناف:
الصنف الأول: عندهم أنفع العبادات، وأفضلها أشقها على النفوس وأصعبها.
الصنف الثاني: قالوا: أفضل العبادات التجرد والزهد في الدنيا.. فرأوا الزهد في الدنيا غاية كل عبادة ورأسها
الصنف الثالث: رأوا أنفع العبادات وأفضلها ما كان فيه نفع متعدد، فرأوا خدمة الفقراء والاشتغال بمصالح الناس وقضاء حوائجهم
الصنف الرابع: إن أفضل العبادة العمل على مرضاة الله في كل وقت، بما هو مقتضى ذلك الوقت فأفضل العبادات في وقت الجهاد الجهاد.
أفضل الأعمال فى العشر الأواخر
وأشار إلى أن الأفضل في العشر الأواخر الاشتغال بالصلاة والقرآن والدعاء، والأفضل في أوقات الأذان والاشتغال بإجابة المؤذن، والأفضل في أوقات الفقر والاحتياج إعانة الناس بالمال والجهد والعلاقات والأفكار، والأفضل في وقت ضياع الأمة وانتشار الجهل الإقبال على تعليم الناس، وبذل الجهد لإصلاح الأمة".
أهل التعبد المطلق
ووصف هؤلاء بأنهم "أهل التعبد المطلق، وغيرهم أهل التعبد المقيد، فمتى خرج أحدهم عن النوع الذي تعلق به من العبادة وفارقه يرى نفسه كأنه قد نقص وترك عبادته، فهو يعبد الله على وجه واحد".
وأوضح أن "صاحب التعبد المطلق ليس له غرض في تعبد بعينه يؤثره على غيره، بل غرضه تتبع مرضاة الله تعالى أينما كانت، فهو لا يزال متنقلاً في منازل العبودية، كلما رفعت له منزلة عمل على سيره إليها واشتغل بها حتى تلوح له منزلة أخرى، فهذا دأبه في السير حتى ينتهي سيره".
وتساءل: "كيف تكون عبدًا ولا تصلح في الأرض وتعيش لنفسك، هل هناك عبد لايخدم مولاه؟، هل سمعت من قبل عن عبد يأكل ويشرب وينام بلاعمل لسيده؟ "كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ"، بهذه تكون الخيرية وليس فقط بالإيمان".
لقمة العيش وضغوط الحياة
وحذر خالد من الانشغال بلقمة العيش وضغوط الحياة عن الدور الأساسي للإنسان وسبب وجوده، "فأنت عبد مسؤول عن إصلاح الدنيا والدين، فبدايتك "إنّا عَرَضْنا الأمانَةَ عَلى السَّماواتِ والأرْضِ والجِبالِ فَأبَيْنَ أنْ يَحْمِلْنَها وأشْفَقْنَ مِنها وحَمَلَها الإنْسانُ إنَّهُ كانَ ظَلُومًا جَهُولًا".
وأردف ناصحًا: "تحمل مسئوليتك أمام الله وكن رجلاً بألف رجل، لا تحمل هم ما كفاك مولاك همه، واهتم بما حملك مولاك حمله، حمل عنك هم الرزق والعمر، وحملّك مهمة الإصلاح والرسالة، "عبدي خلقتك لي وخلقت الكون لك وسخرته لك فلا يشغلك ما خلق لك عما خلقت له".
لكن كيف أطبق مقامك حيث أقامك؟
أجاب خالد: "انظر أين أقامك، مهنة أو مال أو مركز اجتماعي، باب مسؤولية، مشروع الإحسان أحسن حيث أقامك في ضوء المتاح لك".
كيف أقوم بمسؤوليتي؟
نصح خالد، قائلاً: "اعملوا لتكتشفوا قدراتكم، لأن كل ميسر لما خلق الله، مصداقًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "اعملوا فكل ميسر لما خلق الله.. وأروا الله من أنفسكم خيرًا"، وأن تعرف نقاط تميزك، حتتى تستخدمها "وأروا الله من أنفسكم خيرًا"، لأنك حتى تحسن في شيء فلابد أن تستخدم مهاراتك".
نموذج سينا يوسف
كيف نطبق هذا النموذج على سيدنا يوسف وعلى سورة يوسف؟
حدد خالد ذلك في مجموعة من السمات التي تحلى بها على النحو التالي:
منطقة شغفه: الإحسان واضح جدًا، الجميع يقول له: "إنا نراك من المحسنين".
أنواع الذكاء التي يتمتع بها: ذكاء بصري – إجتماعي – تحليلي – عاطفي أو روحي – فني – رقمي، خاصة الاجتماعي في التعامل مع الناس، والتحليلي: رفض الخروج من السجن حتى تثبت البراءة في القضية.
الاحتياج المجتمعي، حيث عاصر سيندا يوسف المجاعة وهو في عمر 30: 40، وقام بالتخطيط لمواجهتها، أما الأمر الرابع، فهو: معنى وجوده.. المهمة.
هل تستطيع أن تفعل لنفسك المعادلة الرباعية لخدمة الإسلام؟
حذر خالد من أن تُستخدم فيما لا يرضيه.. أو في ممارسة العبث أو تضييع الوقت والعمر، لأنه خلقك لتكون عبدًا مسئولاً عن إصلاح الأرض بإحسان، فإذا أدركت ذلك تحقق معنى وجودك في الأرض.
وختم بذكر القاعدة الثامنة عشر من قواعد "الفهم عن الله": مقامك حيث أقامك.. فأخرج أحسن ما عندك فيما أقامك فيه. افعل شيئًا متميزًا فيه، سخر ما سخره لك الله، "مقامك حيث أقامك"، دورك حيث أقامك الله في الحياة في عملك، بلدك وفق إمكانياتك.