رحلة زادها دراهم الصبر

رحلة زادها دراهم الصبرحسين خيرى

الرأى15-4-2023 | 08:23

يرتحل المسلم فى شهر القرآن، ويعتزم قبل سفره تخليه عن رغباته وملذاته، كمن يترك بيته وماله وأهله وقت الرحلة، ويعد نفسه إلى رحلة لها طبيعة خاصة، يكون زاده فيها دراهم الصبر وريالات العفو ودنانير الرضا، ونجاح رحلته مرهون بالتزامه بتنفيذ خط سيرها، كما وضعه الخالق ورسوله الخاتم، قد تكون شاقة عليه، يتكبد فيها آلام الحرمان من شهواته، ويضعف خلالها جسده، ويصفر فيها وجهه، ودائما كل رحلة تستهدف الانتقال بصاحبها إلى الأفضل، وما يفرح القلب، حتى إذا كانت المتاعب الوسيلة الوحيدة للبحث عن الجائزة الكبرى، ورحلات ال إنسان عبر سنوات العمر لا تنقطع، وتتنوع مقاصدها، وما أروع أن يسير المسلم خلال رحلته فى كنف الله، وما أجمل الإحساس بالطمأنينة والأمان حين تستشعر نفسه أنه ليس وحيدًا، وأنه فى معية إلهية على مدار أيام رحلته.

وهبوط سيدنا آدم وبرفقته حواء إلى الأرض ليست سوى رحلة، يلتقطا بعدها أنفاسهما استعدادًا للارتحال مرة ثانية، بحثا عن الطعام والشراب ويديهما خاوية من أى أدوات، ويعتصر صدرهما خلال الرحلة آلام الغربة، والغربة يحترق بها أهل الإيمان، وكما شرف آدم عليه السلام الأرض فى أول رحلته، تعاقبت عليها من بعده رحلات البشر، وصار لكل إنسان رحلته الخاصة من أول يوم لمولده، ركب هذا الدواب وآخر أبحر سعيًا، كانت منها سلسلة رحلات استكشافية، أشهر روادها بن بطوطة الملقب بأمير الرحالة، والإدريسى أول من رسم الخرائط الجغرافية، ولحق بهما الرحالة فاسكو دجاما مكتشف الهند ورأس الرجاء الصالح.

تمر عقود طويلة ويبعث الله أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام برسالته، وتتعدد رحلاته بأوامر إلهية، وغادر بلاده بعد إصرار أهلها على الكفر ووجهته بلاد الشام، اصطحب معه خلال رحلته زوجته سارة، ولوط الذي بعثه الله نبيا على قومه، ثم يرحل إلى مصر، وتتدخل العناية الإلهية لإنقاذ سارة من يد حاكمها الظالم، الذى يمنحها السيدة هاجر لخدمتها، ويعود إبراهيم على الفور إلى فلسطين، ويتزوج السيدة هاجر، وتنجب منه إسماعيل عليه السلام، ويترك زوجته وابنه الرضيع وسط الصحراء القاحلة ببكة، وتسأله الزوجة ءالله أمرك بهذا؟ ويجيب بالقبول، وتقول إذا لا يضيعنا، وبعد مشقتها لإطعام صغيرها ينبع لهما عز وجل ماء زمزم، ويعود الأب ليرفع قواعد البيت الحرام مع ابنه إسماعيل، ويشد الرحال إلى زوجته سارة، ويرزقه الله منها بإسحاق.

وتتوالى رحلات الأنبياء، ويرحل موسى عليه السلام من مصر إلى مدين ومنها إلى سيناء، وترحل مريم العذراء ووليدها عيسى عليه السلام إلى مصر، ويستقر بهما الحال فى الشام، ويختم سيد الخلق بأعظم رحلة، وهي رحلة الإسراء والمعراج، ليخط للبشرية مكانا عليا، ويختصه الخالق بها، لتكون تشريفا له، وتصبح أطول مسافة لم ولن يبلغها بشر من قبل أو من بعد، وأول رحلة تتخطى حاجز الزمن، وسيد الخلق أول إنسان لا يرهقه عناء السفر، والناس تسافر لتشاهد أجمل بقاع الأرض، وسيدنا يرتقى أسمي مكان لا شبيه له على أرض أو فى سماء، ألا وإنه سدرة المنتهى.

أضف تعليق

رسائل الرئيس للمصريين

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2