أثري :العمارة الإسلامية أعياد دائمة للأمهات في مصر.. وكثير منها حمل اسم "أم"
أثري :العمارة الإسلامية أعياد دائمة للأمهات في مصر.. وكثير منها حمل اسم "أم"
أكد الأثري سامح الزهار المتخصص فى الآثار الإسلامية والقبطية أن القاهرة الإسلامية تزخر بعدد هائل من الآثار المعمارية المتنوعة ما بين المساجد والأضرحة والخنقاوات والأسبلة والكتاتيب والمدارس والبيمارستانات والتي تنتمي إلى بعض النساء ممن شيدوها أو شُيدت من أجلهن.
وقال الزهار- فى تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط بمناسبة احتفال مصر بعيد الأم الذى يوافق يوم 21 مارس من كل عام - إن تلك النساء أصحاب الأيادي البيضاء على العمارة الإسلامية في مصر، خاصة منهن من كانوا من أهل بيت الحكم من أمهات وزوجات السلاطين والخلفاء والأمراء والملوك والحُكام ممن اهتموا بالمعمار والبناء والتشييد، فمنهن من اهتم بالعمارة الدينية ومنهن من اهتم بالعمارة المدنية وآخريات اهتموا بالعمارة الخيرية، مؤكدا أن هذا التنوع في مصر يعد أحد أهم ما يميز العمارة الإسلامية التي اكترثت بها النساء في الحضارة الإسلامية في مصر.
وأضاف أن هناك عددا من تلك الآثار الإسلامية التي تحمل اسم (أم) وجاء ذكر لفظ الأم على بعض العمائر تكريماً لها وإبرازاً لأهمية الدور الإجتماعي والخيري وأيضا السياسي للأم، فلم تكن المرأة في الحضارة الإسلامية مجرد تابعة للرجل، بل كانت مؤثرة في الحراك الإجتماعي والسياسي والثقافي والتنموي.
واستعرض الزهارعددا من نماذج الآثار الإسلامية التي تحمل لفظ "أم"، ومنها سبيل "أم عباس" في الدرب الأحمر وهي نموذج مهم للعمارة الخيرية في مصر، يقع هذا السبيل فى حى القلعة عند تقاطع شارعى الركبية والسيوفية مع شارع الصليبة، وهو أحد أهم نماذج الأسبلة الرائعة في مصر الإسلامية، وخصص لتوزيع مياه الشرب على الناس طلباً للثواب ، كما ألحقت به كتاباً عينت به المعلمين لتعليم الأطفال، وهو أمر توقف عنده بعض المؤرخين في ظل ما عرف عن ابنها “عباس الأول” من اتجاه نحو وقف تيار التحديث في البلاد .
وقال إن من العمارة التي تحمل كلمة "أم" في مصر الإسلامية في زمن المماليك مسجد و مدرسة أم السلطان شعبان 770هـ - 1368م والذى يوجد بشارع باب الوزير في القاهرة، وهو من أكثر عمائر المماليك تميزاً معمارياً و فنياً كبيراً، موضحا أن أم السلطان الأشرف شعبان هي السيدة خوند بركة وهي أيضاً زوجة الأمر ألجاي اليوسفي ، واشتهرت باسم أم السلطان وعرف عنها الحسن والجمال والدين والثقافة والكرم ، وكان السلطان الأشرف شعبان مولع بحب أمه ولا يعصي لها أمراً ، بل ويشاورها في كافة أمور الدولة ولا يبت برأي إلا بعد مباركتها.
وأضاف الزهار أنها عندما ذهبت للحج اصطحبت معها مائة بعير محملة بالبضائع ومائة مملوك وموسيقيين وعرف ذلك العام بعام أم السلطان ، وعند عودتها خرج السلطان لملاقاتها وكان يوماً مشهوداً أقيمت فيه الاحتفالات على طول الطريق حتى صعدت إلى القلعة ، فقد قامت خوند بركة بتشييد مدرسة تدرس فيها المذاهب الأربعة ، لافتا إلى أنه يستدل من الكتابات التاريخية بالمبنى أن السلطان شعبان هو الذي أنشأه لوالدته ، لكن المقريزي وعددا من المؤرخين ينسبون إنشاءه إلى خوند بركة، وأطلق عليه الناس مسجد أم السلطان وقد أمرت بكتابة مصحف تم تدوينه بالخط النسخ وحلي بالذهب واللازورد وضعته بمدرستها ولازال موجوداً بدار الكتب وبعد الإنتهاء من تدوين المصحف مرضت واعتل جسدها وتوفيت وحزن عليها الناس حزنا شديدا .
واشار إلى خانقاة خوند "أم أتوك" بشارع السلطان أحمد الموجود بمنطقة قرافة المماليك ، وأسسها الخواند الكبرى طغاوى الناصرى "أم أتوك " ، وقد كانت مملوكة للأمير تنكزيقا ثم اشتراها الناصر محمد بن الدين حتى اعتقها وتزوجها وعرف عنها أنها كانت مثقفة وجميلة وقوية الشخصية ، كما يوجد بنفس المنطقة قبة خديجة "أم الأشرف" و التي تقع في شارع الوقاد وعرفت باسم خديجة أم الأشرف و يعتقد المؤرخون أن المقصود هو الأشرف برسباى لقربها من مدفنه وخانقاته بصحراء قايتباى.
واستطرد قائلا " إنه يوجد بالقرب من مسجد سيدنا الحسن واحد من أشهر الأضرحة في مصر وهو ضريح "أم الغلام" و يأتيها عدد كبير من دراويش الصوفية والمريدين طول العام لزيارة ضريحها الموجود على مقربة من مسجد الأمير أيدمر البهلوان و مسجد ابن برديك ومسجد آل الجوكندار وسبيل وكتاب أمين أفندي ومسجد العدوي و غيرها و ينتشر حول "ام الغلام" نسيج هائل من الحكايات و القصص الشعبية ذات الثراء الإنساني .
وأكد الزهار أنه يوجد بمصر أعداد أخرى كبيرة جدا من آثار ومبانى النساء التي يطول الحديث عنها ، وإذا نظرنا للأمر بمنظور أدبي واجتماعي فنجد أن الإحتفال بعيد الأم في العصر الحديث يكون يوما واحدا في العام، لكن التراث المعماري المصري بصفة عامة والإسلامي بصفة خاصة قد خلد ذكر عدد كبير من الأمهات من خلال اطلاق أسمائهم بصفة الأمومة على الكثير من المنشآت المعمارية التي وصلت الينا.