عاطف عبد الغنى يكتب: .. نسر الصعيد أم نسر الأمل؟!

عاطف عبد الغنى يكتب: .. نسر الصعيد أم نسر الأمل؟!عاطف عبد الغنى يكتب: .. نسر الصعيد أم نسر الأمل؟!

*سلايد رئيسى18-5-2018 | 14:04

محمود وحيد، هل تعرف هذا الشاب؟! لا أعتقد فهو ليس «نسر الصعيد»، ولم يسع لأن يكدس أسطول سيارات «اللامبورجينى» و«البورش» فى جراج الفيلا، والشاليه، وينتقل بطائرة خاصة كما يشاع بين أوساط الشباب، (صدقا أو كذبا)، ولا يعنينى توجيه الحديث إلى هذه الوجهة التى تسلب الطاقة الإيجابية، وتحبط الأمل.

وحيد شاب من رجال مصر خطفنى إنجازه الذى كرمه لأجله منتصف الأسبوع الماضى حاكم دبى الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رئيس وزراء دولة الإمارات العربية، فمنح مبادرته الخيرية، ومؤسسته الأهلية، مليون درهم إماراتى على سبيل الجائزة.

لقد امتلك بطل القصة التالية شجاعة الاقتراب واقتحام ما يهرب منه أكثرنا، وما نتحاشى أن تسقط أعيننا عليه، إما عن خوف من جرح مشاعر الحساسين منا، أو لأن نفسك تعافه، أما هو وصحبه، فقد وهبهم الله النبل والشجاعة فقرروا أن يقتربوا، ويحنوا، وينقذوا بشرًا كانوا فى حكم الأموات.

(1)

ذات نهار، قبل ما يقرب من 4 سنوات، كان بطل قصتنا محمود وحيد يمشى فى أحد شوارع القاهرة، حين صادفه منظرا بشعا لرجل شبه ملقى على الرصيف، ملابسه رثة، أشعث أغبر اختلطت هيئته بتراب الأرض، وجروحه المتقيحة تتوزع متفرقة على جسده الذى ينهشه الدود.

بشاعة المشهد فاقت قدرة الشاب على الاحتمال، ولم يشأ أن يغادر ويترك الرجل على هذه الحالة، ولكن قرر أن ينقله إلى أحد المستشفيات، وهى مهمة غير سهلة، فقد عانى قبل أن يجد مستشفى توافق على استقبال «الحالة»، وعانى أكثر فى أن يجد دارًا تقبل إيواءه.

ومنذ هذا اليوم، صار وحيد يراقب هؤلاء الذين ألقت بهم المقادير إلى الشارع، يزاحمون الكلاب والقطط الضالة مساحة من الرصيف، ويخالطون هوام الحشرات ويستنشقون ما تلفظه السيارات الخربة من العوادم التى تترك أثرها على هيئتهم.

وبحثت عن وحيد على «يوتيوب» واطلعت على تفاصيل عمله، وحكى أنه بمساعدة من أصدقائه ومعارفه ومن التبرعات الفردية ومساهمات عدد من المتطوعين، أشهر مؤسسة «معانا لإنقاذ إنسان»، وأسس دارا شاملة لإيواء ورعاية المشردين من كبار السن والمسنين، الذين يتم انتشالهم من الشارع وتوفير كل أشكال الرعاية الطبية والنفسية لهم، وإعادة تأهيلهم لسوق العمل، لمن يرغب منهم، إلى جانب البحث عن أهاليهم وإرجاعهم إلى أسرهم.

كان ذلك قبل ثلاث سنوات تقريبا، واليوم تم تأسيس دارى مأوى تابعتين للمؤسسة، ويجرى العمل حاليًا على إنشاء الدار الثالثة، هذا غير مساعدة أكثر من ألف مشرد، معظمهم من كبار السن، سواء بإيوائهم أو بعلاجهم أو بالمساهمة فى إرجاع البعض منهم إلى أهاليهم، حيث نجح حتى الآن فى لم شمل 85 مشردًا مع أسرهم.

ويعمل مع محمود مجموعة من الشباب المتطوعين، كما يدعمه أكثر من 250 ألف متطوع على وسائل التواصل الاجتماعى، يساعدونه فى الوصول إلى المشردين، وتوفير معلومات عنهم وعن أهاليهم، وتضم المؤسسة أيضًا مشرفين وممرضين يتابعون حالة النزلاء على مدار 24 ساعة.

(2)

ولإن الإنسانية ليس لها وطن، ولم يميز الله بها فئة من البشر دون أخرى، ولا عرق دون آخر، وأن الله سبحانه وهبها لأوليائه ومصطفيه الأخيار، الذين أحبهم وأحبوه، فقد قيد الله من يدعم هذا العمل ويمنحه دفعة للأمام، وهذه قصة أخرى عنوانها: «أكاديمية الأمل»، التى أنشأها رجل يؤمن أن صناعة الأمل هو أسلوب حياة، ذلك حاكم دبى الشيخ محمد بن راشد، الذى قرر قبل عامين تقريبا إنشاء كيان مؤسسى ليكون بمثابة حاضنة لإعداد وتهيئة أجيال جديدة من صنّاع الأمل، الذين يسعون إلى التغيير الإيجابى فى مجتمعاتهم، ودعمهم لتحويل مبادراتهم الشخصية إلى مشاريع إنسانية ومجتمعية ذات طابع مستدام.

ووفرت «أكاديمية» الشيخ راشد - وهذا ليس بجديد على الرجل - برامج تعليمية، ودورات تثقيفية، وورش عمل، وتدريب فى مختلف المجالات الإنسانية والخيرية والتنموية يقدمها أكاديميون وخبراء مختصون، وشخصيات رائدة فى صناعة الأمل إقليمياً ودوليًا، وأقامت مسابقة يحكمها جمهور ومتخصصون، يختارون من بين أصحاب المبادرات المتقدمة، ما يستحق دعمه، للاستمرار والتشجيع .

وتقدم هذا العام للمسابقة 87 ألف مشترك بمبادراتهم، تم اختيار 5 منها لتصل إلى التصفية النهائية، وأقيم حفل كبير حضره ما يقرب من 3 آلاف من مسئولين و وزراء ودبلوماسيين متواجدين على أرض الإمارات، وإعلاميين وفنانين ومثقفين وناشطين على منصات التواصل الاجتماعى، استعرض خلاله صنّاع الأمل الخمسة قصصهم.

(3)

واختار الجمهور والمحكمين من النخب التى حضرت الحفل محمود وحيد من مصر للفوز بلقب «صانع الأمل العربى الأول لعام 2018» وإلى جانب وحيد، تم ترتيب الأربعة التالين.

فارس على سودانى.. وقد أطلق مبادرة «الغذاء مقابل التعليم» وحارب الجوع فى مدارس السودان بتوزيع 40 مليون «ساندويتش» خلال 8 سنوات وأسهم فى دمج الأطفال المشردين فى المجتمع.

نوال مصطفى (صحفية مصرية).. تبنت أكثر من ألف مشروع صغير، وبرنامج لإعادة تأهيل السجينات وتدريبهن على حرف ومهن لإعالة أسرهن، وساهمت فى إطلاق سراح أكثر من ألف من الغارمات، وأسست جمعية «رعاية أطفال السجينات» لتسليط الضوء على الأطفال الذين يعيشون مع أمهاتهن النزيلات.

وحسب التعريف المنشور على موقعها الإلكترونى الرسمى، فقد تأسست الجمعية عام 1990، بعد حملة صحفية كبيرة، قادتها الكاتبة الصحفية نوال مصطفى، على صفحات جريدة «الأخبار» وذلك بعد أن ساقها القدر إلى سجن القناطر للنساء فى مهمة صحفية عادية، تعرفت فيها على الحقيقة المفزعة بوجود أطفال يعيشون داخل أسوار السجن والزنازين بصحبة أمهاتهم السجينات، ومن ثم تبع الحملة تأسيس الجمعية للغرض السابق.

أما منال المسلم الفائزة الرابعة، وهى من سوريا، فقد فقدت ابنتها «دانة» فى حادث غرق فأسست «فريق دانة التطوعى».. وساعدت أكثر من 340 ألفًا من النازحين واللاجئين السوريين عبر تنظيم حملات إغاثية لتوزيع المساعدات عليهم.

والخامسة سهام جرجس عراقية، وتبنت العديد من المبادرات الإنسانية والإغاثية للتخفيف من معاناة أكثر من 100 ألف من النازحين واللاجئين العراقيين، ومازالت تساهم فى بناء وترميم بيوت الأرامل وبناء صفوف لذوى الاحتياجات الخاصة وإنشاء محلات تجارية لمساعدة الأرامل على جنى الرزق .

(4)

وحيد وصحبه يصدق فيهم القول إنهم باعوا دنياهم بآخرتهم، وتاجروا مع الله تجارة رابحة.. اللهم اجعلنا من هؤلاء .. وكل عام وأنتم صائمون.

أضف تعليق

وكلاء الخراب

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2