دار المعارف
كشف تقرير التنمية البشرية لعام 2016 أن ربع القرن الأخير شهد تقدما كبيرا في التنمية البشرية، ولكن بقي كثيرون محرومين من هذا التقدم، ولم يدركوا مكاسبه بسبب حواجز بنيوية، كثيرا ما تسقط من الحسبان والقياس، موضحا أن منطقة الدول العربية، وهي من المناطق النامية في العالم، تسجل أعلى معدل بطالة بين الشباب وأدنى نسبة التحاق في المدارس بين الأطفال في سن التعليم الابتدائي.
وأشار تقرير التنمية البشرية لعام 2016، الذي أطلقه اليوم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي تحت عنوان "التنمية البشرية للجميع" وزعه مكتب البرنامج بالقاهرة، إلى أن الحاجة أبحت ملحة الآن إلى زيادة التركيز على المعرضين للإقصاء وعلى الإجراءات اللازمة لتذليل العقبات التي تحول دون تحقيق التنمية البشرية المستدامة للجميع.
وأفاد بأنه مع أن متوسط التنمية البشرية سجل تحسنا في جميع المناطق في الفترة ما بين عامَي 1990 و2015 ولكن لا يزال شخص من كل ثلاثة في العالم يعيش على مستوى التنمية البشرية المنخفضة قياسا بدليل التنمية البشرية.
وأوضح أن المنطقة العربية، التي يقل عمر أكثر من نصف سكانها عن 25 عاما، تسجل أدنى معدلات الالتحاق بالمدارس للأطفال في سن التعليم الابتدائي بين سائر مناطق العالم النامية، كما تسجل بطالة الشباب فيها أعلى المعدلات، إذ أن يبقى 29 في المائة من الأفراد في الفئة العمرية 15-24 عاما عاطلين عن العمل، مشيرا إلى أن الشباب وسكان الأرياف، والنساء، والأشخاص الذين يعيشون في مناطق النزاعات يتعرضون لأوجه حرمان كثيرة، بعضها ظاهر والآخر يبقى مستترا.
وقال التقرير إن المرأة في الدول العربية لا تزال أكثر من يعاني من غياب المساواة مقارنة بقريناتها في سائر مناطق العالم، حيث يسجل الفارق في قيمة دليل التنمية البشرية بين الإناث والذكور، قياسا بدليل التنمية حسب الجنس، ثاني أكبر الفوارق بين جميع مناطق النامية (بعد جنوب آسيا) والسبب الرئيسي هو الفجوة في الدخل بين الرجل والمرأة. كما لا تزال الأنماط الكثيرة من الإقصاء التي تطال النساء والفتيات وغياب الفرص لتمكينهن من التحديات الملحة.
وأشار التقرير إلي أن نسبة 22 في المائة فقط من النساء من الفئة العمرية 15 سنة وما فوق، كنّ يعملن خارج المنزل في عام 2015 في مختلف بلدان المنطقة العربية، مقابل 75 في المائة من الرجال وهكذا تسجل المنطقة أدنى مشاركة للمرأة في القوى العاملة، وأوسع هوة بين الذكور والإناث من حيث المشاركة في القوى العاملة بين مختلف المناطق النامية.
ويبين التقرير أن الجغرافيا تلعب دورا مهما في تكريس عدم المساواة في المنطقة وعلى الرغم من أن كل بلدان العالم لا تكاد أن تخلو من فوارق بين المدن والأرياف، إلا أن هذه الفوارق تتّسع في الدول العربية لتتجاوز متوسط البلدان النامية حيث يصل الفارق في قيمة دليل الفقر المتعدد الأبعاد إلى 21 نقطة مئوية، بين سكان المدن (بقيمة 8 في المائة) وسكان الأرياف (بقيمة 29 في المائة).
ودعا التقرير إلى توجيه المزيد من الاهتمام إلى تمكين المهمشين في المجتمع، والاعتراف بأهمية إعلاء صوتهم في صنع القرار وكذلك إلى إجراء تحليلات معمقة لتحديد أوجه العمل المطلوب، في مجالات مثل المشاركة والاستقلالية، مشددا على أهمية خطة التنمية المستدامة لعام 2030 للبناء على ما تحقق من مكاسب.. مشيرا إلى علاقة الترابط بين الخطة ونهج التنمية البشرية.
ونقل التقرير قول مديرة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، هيلين كلارك، في حفل إطلاق التقرير في ستوكهولم اليوم، بحضور رئيس وزراء السويد، ستيفان لوفين، والمؤلف الرئيسي للتقرير ومدير مكتب تقرير التنمية البشرية، سليم جهان. "أن العالم قد خطا خطوات مهمة في سبيل الحد من الفقر المدقع، وتحسين فرص الوصول إلى التعليم والصحة، وتوسيع الإمكانات للنساء والفتيات".
وأضافت :" "هذه المكاسب ليست نهاية الطريق، بل هي مقدمة للتصدي للتحدي الأصعب والمتمثل في التأكد من وصول منافع هذا التقدم العالمي إلى الجميع في كافة بقاع الأرض".