فى أحدث دراسات الفقيه المصرى المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة المصرى المتخصص علمياً فى تاريخ أنظمة الحكم فى مصر القديمة وتراث الشعوب والمعروف بأبحاثه العلمية الوطنية بعنوان :" رسالة إلى العالم مصر القديمة شعباً وحكاماً ليسوا أفارقة و كليوباترا المفترى عليها فى الفن والسياسة "، وهو الموضوع الذى يحتل الأهمية القصوى عالمياً ويشغل بال المجتمع الثقافى الدولى ويؤثر على ثوابت التاريخ المصرى القديم, ونظرا لما ستعرضه شبكة نتفليكس “Netflix ” 9 مايو 2023 لفيلم باسمQUEEN CLEOPATRA " " الملكة كليوباترا، بظهورها سوداء بمظهر إفريقي ومغالطات تاريخية عن مصر القديمة وعن شخصية الملكة كليوباترا ذاتها , لذا وجب مخاطبة الرأى العام العالمى لمواجهة تزييف تراث الشعوب, وسوف نعرض للجزء الثانى من هذه الدراسة المهمة للفقيه المصرى الذى يعد واحداً من العلماء المتخصصين فى فلسفة وتاريخ القانون المصرى القديم فيما يلى:
أولاً : شهادة المؤرخ اليونانى سترابو : كليوباترا مقدونية شقراء ودليلين أخرين قاطعين
يقول الدكتور محمد خفاجى لقد ولدت كليوباترا في أوائل عام 69 قبل الميلاد ، وهي سليلة سلالة من الملوك المصريين البطالمة أسسها جدها بطليموس الأول رفيق الإسكندر الأكبر ، السلالة في أواخر القرن الرابع قبل الميلاد, وكان بطليموس من أصل يوناني مقدوني نشأ في البلاط الملكي لوالد الإسكندر في مقدونيا – وهى الجزء الشمالي من شبه الجزيرة اليونانية- ، وأثبت نفسه ملكًا لمصر في السنوات التي تلت وفاة الإسكندر, وانحدر نسبها من ملك بطلمى لأخر حتى وصل إلى والد كليوباترا لذلك فإن كليوباترا يونانية مقدونية خالصة .
ويضيف كان لوالد كليوباترا أيضًا عدة زوجات كانت إحداهما أخته ، ولكن مرة أخرى هناك دليل على أن بعض أطفاله الخمسة أنجبوا أمًا أخرى. ومع ذلك ، فإن الجغرافى سترابو - وهو عالم جغرافيا وفيلسوف ومؤرخ يوناني، عاش في آسيا الصغرى خلال الفترة الانتقالية للجمهورية الرومانية إلى الإمبراطورية الرومانية، أطلق العرب عليه اسم "اسطرابون" كان من أهم أحد المصادر المعاصرة القليلة لحياة كليوباترا , كتب سترابو أن جميع زوجات بطليومس الثانى عشر والد كليوبترا كن من النساء ذوات المكانة العالية المهمة ، مما يستبعد أي عبيد أو محظيات ، ويؤكد أن تكون والدة كليوباترا من أصل يوناني مقدوني تقليدي , ومع ذلك تتجه بعض الاَراء المعاصرة إلى احتمالية أن تكون الخلفية العرقية لوالدة كليوباترا من زوجة مصرية لديها أيضًا خلفية مقدونية.
ورغم أن كليوباترا كانت مقدونية الأصل إلا أنها كانت مصرية الانتماء وأنه ليس لديها دم أفريقي أسود , واَية ذلك دليلين الأول أن كليوباترا كانت الحاكم الوحيد في سلالتها الذي عرف ، بالإضافة إلى لغتها الأم اليونانية ، اللغة المصرية , وهذا له دلالته العميقة الدالة على ارتباط وثيق بمتحدثة مصرية ، والدليل الثانى يعدم أي اقتراح بأن كليوباترا لديها دم أفريقي أسود حيث أن الفن اليوناني والروماني والعملات المعدنية جاءت خلواً من أي شيء بخلاف العرق المقدونى الممتزج بالحضارة المصرية ، على الرغم من أن الفنانين فى ذلك الوقت كانوا قادرين تمامًا على إظهار مجموعات عرقية أخرى وهو مالم يحدث فى حالة الملكة كليوباترا
ثانياً: شبكة نتفليكس الأمريكية تمارس التنميط والتلاعب العرقي لأخر ملكات مصر كليوباترا العظيمة
يذكر الدكتور محمد خفاجى أن المؤرخ اليوناني هيرودوتوس الصقلى يقول أن "العرق كان يتحول بانتظام إلى غايات سياسية", والسؤال الذى يطرح نفسه عن الأمهات أى زوجات الملوك البطالمة ؟ فأثير التساؤل حول خلفيتها العرقية , وانتهى رأى جمهرة علماء الغرب المنصفين المختصين بشأن التاريخ والأثار أن زوجات البطالمة الحاكمة من نفس الخلفية المقدونية مثل أزواجهن , ومن ثم حتى وقت الجد الأكبر ل كليوباترا ، كان التكوين العرقي للسلالة لا يزال يونانيًا مقدونيًا خالصًا , ومما أدى إلى تعزيز العرق المقدوني فيما بينهم جميعا ً زواج اثنان من أسلافها من أخواتهم للحفاظ على نقاء الدم الملكى المقدونى.
وحقيقة القول إذن أن كليوباترا يونانية مقدونية الأصل مصرية الانتماء والمنهجية وسرت الحضارة المصرية القديمة خاصة الإلهة إيزيس فى عروقها مسرى الدم فى شرايين الجسد وبالتأكيد ليس فيها مثقال ذرة لأي دم أفريقي أسود كما يصورها فيلم كليوباترا على شبكة نتفليكس الأمريكية.
ومن ثم يمكننا القول بأن شبكة نتفليكس الأمريكية تمارس التنميط والتلاعب العرقي لأخر ملكات مصر العظيمة كليوباترا التى أصبحت ضحية للتنميط العرقي الأمريكى , فلا يوجد دليل أثرى وحيد فريد فى هذا الكون قديما وحديثا على أن كليوباترا كانت أفريقية سوداء.
ثالثاً : لا يجوز لشبكة " نتفليكس " تزييف وعى الشعوب حول حقائق تراث الأمة المصرية القديمة بما يخالف الأدلة الأثرية.
يذكر الدكتور محمد خفاجى لا يجوز لشبكة " نتفليكس " تزييف وعى الشعوب حول حقائق تراث الأمة المصرية بما يخالف الأدلة الأثرية ,وأن كليوباترا بيضاء بدم ملكي خالص بازدواجية يونانية ومصرية خالصة لا يستوعبها العقل الحديث , ذلك أن الجدل الحالي يثور عن الملكة كليوباترا هذه الشخصية المزدوجة والمختلطة ومملكتها ثنائية الثقافة، ويتساءل العقل الحديث ويطرح السؤال التالى : كيف يمكن أن تكون كليوباترا يونانية ومصرية في نفس الوقت ، أو واحدة أو أخرى حسب الجمهور الذي كانت تخاطبه ؟
إن العقل الحديث يبدو من الصعب عليه أن يتصور هذه الازدواجية ، والتي تجبرنا على اختيار هوية واحدة يُنظر إليها على أنها أساسية دون سواها، إن العقلية الحديثة تفرض علينا أسئلة لم تطرحها الملكة ومعاصروها على أنفسهم , هل كانت كليوباترا يونانية أم مصرية ، أوروبية أم إفريقية ، سوداء أم بيضاء؟ لقد أصبحت شخصية كليوباترا اليوم رهينة الصراعات المعاصرة فى مجال السياسة والفن , لكن وفقا للوثائق التاريخية من علماء التاريخ والاَثار المستشرقين المنصفين فى فرنسا وألمانيا وانجلترا وإيطاليا والنمسا ينتهون إلى أن كليوباترا بيضاء بدم ملكي خالص بازدواجية يونانية ومصرية خالصة ومن ثم فلا يجوز شبكة " نتفليكس " تزييف وعى الشعوب حول الحقائق لتراث الأمة المصرية بما يخالف الأدلة الأثرية
ونعرض غدا للجزء الثالث من هذه الدراسة القيمة عن موضوع الملكة كليوباترا الذى يحتل الأهمية القصوى عالمياً ويشغل بال المجتمع الثقافى الدولى.