دكتور محمود ضياء الدين* يكتب: الإعلام والأمن القومى

دكتور محمود ضياء الدين* يكتب: الإعلام والأمن القومىدكتور محمود ضياء الدين* يكتب: الإعلام والأمن القومى

*سلايد رئيسى25-5-2018 | 22:00

أصبحت وسائل الإعلام تمارس دورًا جوهريًا فى إثارة إهتمام الجمهور بالقضايا والمشكلات المطروحة، حيث تعد وسائل الإعلام مصدرًا رئيسًا يلجأ إليه الجمهور فى إستقاء معلوماته عن كافة القضايا السياسية، والثقافية، والإجتماعية بسبب فاعليته الإجتماعية وإنتشاره الواسع، فالإعلام بقدرته على الحراك ومخاطبة القسم الأعظم من المجتمع ، يمتلك الإمكانية على التأثير

الذى لا يأخذ صورة مباشرة وإنما يقوم بتشكيل الوعى الثقافى والسياسى والإجتماعى بصورة غير مباشرة، وبوتيرة متسارعة غير ملحوظة دون مقدمات.

إن الأهداف الإستراتيجية للإعلام والتى ترتبط بالأمن القومى يجب أن تتضمن (المساهمة فى تحقيق التنمية الشاملة - المعاونة فى إرساء الديمقراطية وتعزيز الوحدة الوطنية - توفير المعلومات الصحيحة للشعب وكافة الجهات الحكومية فى الوقت المناسب - تأصيل الروح الوطنية وإذكائها فى مواجهة التحديات التى تواجه البلاد - المساهمة فى تكوين الرأى العام المستنير، وتشكيل الذوق العام الذى يرتبط بالقيم الأصيلة للمجتمع، وبالإتجاهات الحضارية التى تتناسب مع هذه القيم - تعميق التمسك بالقيم الدينية والقومية والوطنية - 00).

وإذا كان الأمن القومى يتعرض، إلى محاولات لإختراقه وإضعاف بنيانه فإن أول الأهداف لتحقيق ذلك هو جمع المعلومات عن الأوضاع العسكرية وتتمثل فى حجم القوات وتدريبها وتنظيمها وأماكن إنتشارها، ومن هنا يصبح لزاماً على وسائل الإعلام أن تمتنع عن الخوض كثيراً فى نشر تفاصيل الأنشطة العسكرية أو صورها إلا ما تسمح به السلطات المختصة بذلك، ولما كانت القدرات الإقتصادية والصناعية والزراعية والتجارية تمثل جانباً هاماً من بنيان الأمن القومى، بل أيضاً المنشآت الحيوية والحساسة فإنها تعتبر هدفاً لمن يتربصون بأمن الوطن سواء بمحاولات إضعافها أو تخريبها أو الضغط عليها، ومع ما هو معروف من أن الحرب هى التهديد المباشر والواضح للعيان، فإن هناك حروباً اخرى تدور فى الخفاء وتحتاج إلى توعية مستمرة، تلك التوعية التى يساهم فيا الإعلام بالدور الأعظم بإعتباره وسيلة الإقناع بالجوانب الغامضة من هذه الحروب والتى من أهم تهديداتها (محاولات الإختراق الثقافى والحضارى وتضليل المواطنين بدعاوى ظاهرها السماحة والبراءة والدعوة إلى القيم النبيلة ، وباطنها السموم والتضليل والخداع - الدعاية والحرب النفسية التى تشن من خلال وسائل الإعلام المعادية بهدف النيل من الروح المعنوية للشعب وقواته المسلحة وتفتيت تماسك جبهته).

وقد ساهمت ثورتى الخامس والعشرين من يناير 2011 ، والثلاثين من يونيو 2013 فى زيادة مساحة الحرية التى إستفادت منها وسائل الإعلام المصرية، وتحديدا وسائل الإعلام الخاصة، والتى بدأ بعضها فى إساءة إستخدام تلك الحرية. الأمر الذى أدى إلى إتسام الإعلام ببعض السمات السلبية والتى يعد أبرزها (الإستقطاب من خلال الترويج لأفكار وتوجهات معينة - عدم إحترام خصوصية الأفراد - شخصنة القضايا التى يتم مناقشتها إعلامياً - إثارة مشاعر الجمهور المشاهدين للحفاظ على نسب المشاهدة العالية للبرامج التلفزيونية - عدم الحيادية فى تقديم الخطاب الإعلامى - التناقض الشديد فى المواقف والرؤى التى يتم عرضها إعلامياً).

وتتمثل الأسباب التى أدت إلى التدهور القيمى فى وسائل الإعلام فى (زيادة عدد القنوات التلفزيونية الخاصة - إحتكار رجال الأعمال للإعلام الخاص - عدم إتباع المعايير المهنية للإعلاميين وللقنوات - المتغيرات السريعة والحادة فى الأوضاع السياسية بالبلاد - إفتقاد التليفزيون المصرى القدرة على المنافسة - الدور السلبى الذى يقوم به الإعلام غير المصرى وعدم وجود قنوات على نفس المستوى قادرة على التصدى لما تبثه تلك القنوات من معلومات مغلوطة يكون لها تداعيات سلبية على الأمن القومى المصرى). الأمر الذى أفرز حالة من عدم الثقة بين المواطن والإعلام.

وختاماً يجب تفعيل ميثاق الشرف الإعلامى فى إطار من الضوابط المهنية التى تحفظ للإعلام حريته، بشرط أن تراعى تلك الحرية الأوضاع السياسية والمجتمعية التى تمر بها البلاد، وفى التقدير محدودية تطوير المشهد الإعلامى دون الإرتقاء بأداء إتحاد الإذاعة والتليفزيون ليكون قادراً على منافسة القنوات الخاصة، ليصبح قاطرة لتوجيه الإعلام الخاص للإلتزام بالقواعد المهنية. كذلك من حقّ أى دولة حماية نفسها من خطر تدفق المعلومات المغلوطة والإدعاءات الباطلة التى يكون لها إنعكاسات خطيرة على مستقبل الدولة؛ فى إطار المفهوم الشامل للأمن القومى، والذى يحتم على جميع الجهات المعنية بالدولة الحفاظ على الأمن القومى فى ظل إنفتاح الحدود والفضاءات وعدم سيطرة الدولة على سلطة حركة الفكر والثقافة.

………………………………….

* الكاتب: إستشارى الدفاع والأمن القومى

زميل كلية الدفاع الوطنى / أكاديمية ناصر العسكرية العليا

أضف تعليق

تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2