تتميز مصر بتعدد المفردات الثقافية الشعبية التى تميز منطقة عن أخرى فنجد ثقافة النوبة تتميز بمفردات تختلف عن الثقافة السيناوية أو مدن القناة أو مطروح وخاصة بالمراسم المرتبطة بالزواج وشهر العسل، ومن هنا كانت دراسة الباحث الأكاديمى في مجال الدراسات الشعبية محمد أبو شنب التى تتناول طقوس الزفاف فى ثقافة أهل النوبة
ويوضح الباحث محمد أبو شنب أنه فى صباح كل يوم يصحب العريس عروسه في جمع من أصدقائهما إلي شاطئ النيل حيث يغسل كل منهما وجهه بماء النيل، وفي طريق عودتهما تٌختار لهما نخلة كثيرة الفسائل يطوفان حولها سبع مرات ثم يقطفان بعضًا من الزرع الأخضر يعلقانه على جدارن "الديوان" عند عودتهما إلي البيت، وعند باب البيت يوقد لهما نار يخطو كل منهما عليها منفردًا سبع مرات قبل دخول البيت
و يلقى خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار الضوء على هذه الدراسة موضحًا أن الاحتفالات تستمر فى اليوم الثالث أو السابع من ليلة الزفاف، وفيه يحتفل الأهل والأحباب بمناسبة مرور سبعة أيام من زواجهما في بيتهما الجديد، وتصاحب هذه الاحتفالية الأغانى والرقصات الشعبية مع تقديم أشهى المأكولات لجميع الحاضرين إلا أن هذا الاحتفال كان في الماضي مقسم إلي أسبوع يختص به الرجال وآخر يختص به النساء، فالأول كانت تقوم فيه أسرة العروس بتقديم وجبات الحمام إلي أهل العريس وأصدقائه وبعد ذلك يقام الاحتفال بزفاف العريس في النيل بواسطة المراكب"وفي هذا اليوم الذى يعرف بالنوبية بـ "كٌولد"، قديمًا كان يخرج العريس في زفة من الأصدقاء والأقارب رجالاً ونساء، حيث يحملون صوانى الطعام، كما يحمل العريس قطعة من جريد أخضر يتراوح طولها من 60 إلي 75 سم، يٌحفر على ظهرها سبعة عيون تملأ بخليط من عطور مسحوق الصندل والمحلب يقال له "أدي" ويسير الموكب حتى إذا وصل إلي بيت أهله تستقبله أمه وصديقاتها وأقاربها بالزغاريد، ثم تتقدم أمه فتأخذ قطعة من مخلوط العطور وتضع مكانها قطعة من الذهب وتتبعها أقارب العريس
وفى نهاية مراسم الزواج يقوم العروسان بزيارة سبعة بيوت لأقاربهما يستقبلان فيها بأطباق الفشار والبلح والحلوى أو الشاى ووجبات الفطور أو الغداء بحسب وقت الزيارة وتكون الأطقم التى تقدم فيها الشاى أو الوجبات هدية للعروسين يحملها مرافقيهما، مما يوفر لهما جهاز المطبخ في بيت العائلة الذى ينتقلان إليه بعد الأربعين.
وينوه الدكتور ريحان من خلال الدراسة إلى أن العروس تقضى خمسة عشر يومًا كاملة داخل حدود جناح "الديوان"، ولا يجوز لها تخطى عتبته إلي داخل حوش البيت قبل أن يكتمل القمر أي قمر (14) لذا كان يقال لها "كٌلود أون أونتي" أي قمر السبعتين، وكانت هذه المدة تحسب بدورة القمر، فإذا كانت الدخلة قد تمت في أول الشهر العربي تقام لها مراسم الخروج من "الديوان" إلي حوش البيت عند اكتمال القمر، أما إذا كانت الدخلة قد تمت في منتصف الشهر العربي فتقام هذه المراسم عند بذوغ قمر الشهر الجديد وتتمثل هذه المراسم في احتفالية بسيطة تقوم فيها العروس بإعداد قرص من خبيز القمح على أداة "الدوكة" الحديدة، وذلك في حضور جمع من صديقاتها ووالدتها وبحضور والدة العريس، حيث يٌعد العجين من دقيق القمح، ثم تٌغرف منه العروس سبع مرات بكف يدها اليمنى ثم تضعه على مسطح من الفخار معالج ببعض الزيوت يعرف بـ "الدوكة"، وتخبز عليه هذا القرص المعروف عند النوبيين بـ "أوللين كابد"، إعلانًا لإتقانها بإعداد الطعام والقيام بكافة أعمال البيت، وبعدها يسمح للعروس العمل داخل البيت والتنقل في جميع أرجائه وقد تتشابه هذه الممارسة فيما يتم ممارسته حاليًا وتنتهى مراسم الزواج بعد 40 يومًا حيث يسمح للعروس بالخروج من المنزل وممارسة حياتها اليومية بشكل طبيعي.