اصطياد لصوص الحضارات.. «المتحدة» تتصدى لتزييف التاريخ الفرعوني

اصطياد لصوص الحضارات.. «المتحدة» تتصدى لتزييف التاريخ الفرعونيالملكة كليوباترا

فنون1-5-2023 | 20:50

«ملعونون هم الذين يقلقون راحة الملك»، عبارات تهديد ووعيد حملتها لصوص الأهرامات و المقابر المصرية القديمة لحمايتها من اللصوص والمعتدين، وجاءت التحذيرات لكل من يحاول التعدى على كنوزنا القديمة، حتى بدت كأنها لعنة تصيب كل من تسول له نفسه سرقة هذا الإرث.

ويبدو أن هذه العبارات يمكن أن تنطبق على بعض الحركات الفكرية التى تحاول نسب الحضارة المصرية وبعض الحضارات القديمة إليها وظهر هذا جليًا مع حركة «الأفرو سنتريزم».

وفى محاولات التصدى لهؤلاء اللصوص أعلنت شركة المتحدة أنها سترد على هذه الحملات الممنهجة بإنتاج فيلم وثائقى ضخم للتوثيق العلمى للتاريخ المصرى الفرعوني.. وأعلنت قناة «الوثائقية» بقطاع الإنتاج الوثائقى فى شركة المتحدة للخدمات الإعلامية، بدء أعمال التحضير لإنتاج فيلم وثائقى عن الملكة كليوباترا السابعة ، ابنة بطليموس الثانى عشر، وهى المعروفة باسم «كليوباترا»، آخر ملوك الأسرة البطلمية، تلك الأسرة التى حكمت مصر فى أعقاب وفاة الإسكندر الأكبر.

وذكرت القناة أنه انطلاقًا من المعهود دومًا فى جميع أعمال قطاع الإنتاج الوثائقى وقناة الوثائقية، فإن هناك جلسات عمل منعقدة حاليًا مع عدد المتخصصين فى التاريخ، والآثار، والأنثروبولوجى؛ من أجل إخضاع البحوث المتعلقة بموضوع الفيلم وصورته لأقصى درجات البحث والتدقيق .

وظهر التعدى الفكرى جليًا حينما أعلنت منصة «نتفليكس» الأمريكية عن إنتاج مسلسل وصفته ب «الوثائقى الدرامى» بعنوان «الملكة كليوباترا» لكن حمل الإعلان الدعائى صورة بطلة المسلسل « أديل جيمس» ذات البشرة السمراء والملامح الأفريقية مما أثار الغضب لترد بهجومها على المنتقدين من خلال تغريدة صادمة عبر حسابها الرسمى على منصة التغريدات المصغرة «تويتر» وقالت: «لعلمكم، لن أتسامح مع هذا السلوك على حسابى الخاص، سيتم حظركم دون تردد» وأضافت جيمس: «إذا لم يعجبك اختيار الممثلين، فلا تشاهد المسلسل، أو شاهده وتعرف على رأى الخبراء الذى يختلف عن رأيك. على أى حال، أنا سعيدة وسأظل كذلك».

وتتنافى صورة بطلة العمل مع الحقيقة حيث كانت الملكة كليوباترا من أصول يونانية ذات بشرة بيضاء ولم تكن ذات أنف أفطس، وهذا ما يؤكده د. زاهى حواس، عالم الآثار والمصريات، بأن كليوباترا كانت كغيرها من الأميرات والملكات المقدونيات والدليل على ذلك التماثيل الخاصة بها وكذلك العملة ولا يوجد دليل على أنها كانت ذات بشرة سمراء.

وأوضح حواس أن الحضارة المصرية القديمة لم تكن حضارة سوداء وهذا مدون على جدران المعابد والمقابر فالفرعون له جداريات أثناء ضربه للأعداء وأمامه أشخاص من جنوب مصر وليبيا وآسيا وكل منهم ملامحه واضحة، حتى على الرغم من أن مملكة كوش حكمت مصر فى الأسرة ال 25 إلا أن هذا كان فى العصر المتأخر وليس لهم أى صلة بالحضارة الفرعونية.

طرح هذا المسلسل بإنتاج منصة أمريكية لدعم أفكار «الأفرو سنتريزم» فتح الباب أمام تساؤلات عديدة عن ماهية هذه الحركة الفكرية وأهدافها وبداية ظهورها وأشهر المؤمنين بها وكل ما يتعلق بمعتقدات هذه الحركة.

«الأفرو سنتريزم» الذى يروج له العمل الفنى هو أيديولوجية ومنظمة عالمية تتمركز خاصة فى الولايات المتحدة الأمريكية عند الأفرو-أمريكان، وأصبح لها انتشار واسع الآن بين الجاليات الأفريقية جنوب الصحراء فى أوروبا وحتى بين الأفارقة جنوب الصحراء وعند الأقليات فى شمال أفريقيا والشرق الأوسط، وهى حركة عالمية عنصرية تتمحور حول التعصب العرقى للجنس الزنجى وخاصة للونه الأسود، ومن أهم أهدافها: القضاء على الجنس الأبيض فى أفريقيا الشمالية والجنوبية خصوصًا «الأمازيغ والناطقين بالعربية والأفريكناس أى الأوروبيون فى أفريقيا الجنوبية» والترويج لكون الحضارة المصرية القديمة والحضارة المغربية والقرطاجية حضارات زنجية.

ويزعم الأفرو سنتريك أن المصرى الحالى ليس له علاقة بالمصرى القديم، وأن المصرى القديم مات أو هجر الجنوب وإن كل من هم فى شمال مصر هم جنسيات كثيرة بعيدون عن العرق المصرى، حتى إنهم زعموا أن إحدى ملكات مصر «تيى» زوجة أمنحتب الثالث فى الأسرة ال١٨ أنها مصرية قديمة ذات ملامح أفريقية ولون أسود مؤكدين أن المصرى القديم كان أسود أفريقيا.

يؤكد كل هذا د.عبد الرحيم ريحان، عضو المجلس الأعلى للثقافة بلجنة التاريخ والآثار ورئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية، ويضيف: أنه ضمن مزاعمهم الكاذبة أن علماء المصريات الحاليين يقومون بتلوين المقابر باللون الأبيض لتزوير التاريخ، وأن كسر أنوف التماثيل لإخفاء ملامح الأنف الأفريقى، وهذا مغاير تماما للحقيقة لأن المصريين القدماء كان لديهم عادة كسر أنوف التماثيل لاعتقادهم بأن التماثيل تتنفس وحتى تُحجب عنها الحياة يكسر الأنف فى حالة كان التمثال لصاحب شخصية مكروهة أو بسبب بعض الحركات الدينية فى مصر القديمة.

أضف تعليق

حظر الأونروا .. الطريق نحو تصفية القضية الفلسطينية

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2