بالأمس كنا نطلق على كل من مصر و ليبيا و السودان بالمثلث الذهبي، ما يجري فى السودان دفعني لاستعادة نتائج زيارات عدة للسودان لشماله وجنوبه قبل وبعد التقسيم وحتى مدن دارفور الثلاثة الجنينة والفاشر ونيالا أكثر من مرة، ولعل الجميع يعرف أن السودان من أغنى الدول العربية تماما كمان كان العراق قبل الغزو الأمريكي الذي من خلاله تمت السيطرة على النفط والذهب واليوم جبل الذهب الموجود فى السودان سيكون مسرحا للنزاع بين أمريكا وروسيا وهذا المشهد ليس ببعيد فهو بدأ فى الخفاء والخاسر شعب السودان والمنطقة العربية وكما ذكرت أن دارفور التي تتلقى المساعدات الخارجية يعد ضربا من الوهم لأنها غنية بثروات طبيعية لا مثيل لها فى العالم ولكن الثروة فى باطن الأرض بسبب سوء الإدارة وضعف إمكانيات استخراجها مع عدم وجود بنية أساسية لاستفادة أهل السودان من خيرات بلادهم واليوم يبدو أن هناك أطرافا بعينها حصدت كل الثروات واقتسمتها مع دولة عظمى مقابل وصولهم لسدة الحكم.
واليوم لماذا أذكّر بالمثلث الذهبي؛ لأن الوضع فى ليبيا لا يقل خطورة عما هو فى السودان وقد تعقدت المشاهد والتدخلات أكثر من ذي قبل ولذا نعترف بأن مصر خسرت ضلعين من المثلث وهذا هو الهدف الأكبر لمن يحاول النيل منها بأى ثمن ولكن حكمة القيادة المصرية ووعي الشعب هما صمام الأمان الذي يجعل من خطط الآخرين مستحيلة التنفيذ وأما السودان فإننى أعتقد أن الأزمة مستمرة لأنها عبارة عن مراحل لتصفية الخلافات الداخلية ومراحل لمسرح عمليات لقوى دولية وإقليمية وكلمة السر (الثروات الطبيعية من ذهب ونفط وغاز وحديد ويورانيوم وخلافه) وقد بدأت حرب السودان بالخلافات بين كل من البرهان وحميدتي والتى ظهرت إلى العلن منذ عدة أسابيع وذلك من خلال حشد ميليشيا الدعم السريع فى الخرطوم وقيام حميدتي بزيارات خارجية واستقبال مبعوثين دوليين بمعزل عن البرهان. ولعل ذلك يوضح طبيعة وإشكالية المشهد السياسي بالغ التعقيد والتشابك فى سودان ما بعد الرئيس السابق عمر البشير. وعلى أية حال يتطلب الإصلاح الهادف لقطاع الأمن ضرورة إصلاح الإطار القانوني فى السودان لإرساء دور قوات الأمن وإنشاء جيش وطني واحد تثق به المجتمعات والأقاليم السودانية، ولاسيما فى مناطق النزاع.
وأرى أيضا أن الدور السياسي فى السودان مهم جدا فى هذه المرحلة لفك الاشتباك الحاصل لتدخلات قوى إقليمية ودولية حتى يترك قرار الحل للأزمة السودانية بعيدا عن الأجندات الخفية التى ظهرت للعلن طيلة معركة الاحتراب.