مصر والسودان

مصر والسودانسعيد صلاح

الرأى2-5-2023 | 09:20

حدثني جدي - رحمة الله عليه - قبل سنوات من وفاته عن صديقه الشاويش محمد، الذي كان يركب جمل ويرتدي زيه الشرطي المميز لفرقة الهجانة، التي كانت ضمن القوة الشرطية ل مصر ، وقد رأيناها جميعا فى فيلم "الأرض"، كما أتذكر أيضا حديث عمى
عن زميل له فى المدرسة الثانوية، كان يقف فى طابور الصباح وقت تحية العلم يجهر بصوته القوي: "تحيا مصر والسودان"، ليظهر متفردًا بين صوت باقي زملائه، الذين كانوا يرددون تحيا جمهورية مصر العربية، فينتبه له الجميع وهو يقف مبتسما مصرًا على أن " مصر والسودان" كيانًا واحدًا وشعبًا واحدًا.

المصريون الأكبر سنًا الآن يتذكرون هذا الزمن وكيف كنا شعبًا واحدًا "شعب وادي النيل"، والأصغر سنا الآن يرون مصر "شقيقة الشمال"، و السودان "شقيقة الجنوب"، وكلاهما "شقيقا الوادي"، نعم تجمعنا الجغرافيا منذ بدء الحياة ويحكي عنا التاريخ
ولا يزال.

ربما تكون علاقتنا الآن ليست مثلما مضت، فلسنا ملائكة، ولكنها – وهو ما يطمئن القلوب – لا تلقي بالًا للتوازنات بين أطراف الصراعات وأطياف المصالح، وإنما ترتكز وتحن إلى سابق عهدها دائما، وتداوي سريعا "الخدوش"، التى تتسبب فيها السياسة فتنتصر الإنسانية على كل الخلافات وفى كل وقت وحين.

ولأن الخدوش ليست دائمة، قررت مصر من منطلق مسئوليتها الإنسانية وفى إطار تنظيمي صارم يحمي داخلها، فتح الحدود أمام أبناء السودان الشقيق، رغم سخونة الحرب المشتعلة لتوها والمرشحة لتخلف تداعيات قد تعاني منها المنطقة لفترة طويلة، ورغم ضغوط اقتصادية كبيرة وأوضاع معيشية تصارع ظروف غاية فى الصعوبة، ورغم مزايدات ومكايدات سياسية من بقايا الجماعة "الإرهابية" الكارهين لأنفسهم والنافخين فى النار، لإنقاذ حلم تبدد فى
30 يونيو 2013، يعاونهم فى ذلك كتائب إلكترونية وميليشيات عنكبوتية، تعبث هنا بغرض التهييج والتسخين بالكذب والتضليل وخلط الأمور ونشر الشائعات والأكاذيب، مستغلة مسألة فتح الحدود، للمزايدة على مصر ودورها ومكانتها وسيادة قرارها.

ورغم هذا كله قررت مصر فتح الحدود، وتستقبل منذ اندلاع هذه الاشتباكات الأخوة السودانيين وغيرهم وتوفر لهم الملاذ الآمن من ويلات قد لا تكون نهايتها الحاسمة قريبة، وقد تحول معبر "أرقين" البري إلى خلية نحل، يستقبل العابرين الباحثين عن النجاة، الجميع يعبر الحدود بسلاسة ونظام وأمان، فى مشهد لا ينم إلا عن مكانة عظيمة وإنسانية بلا حدود لدى مصر الكبرى، التى لا يستطيع أحد مهما كان أن يزايد عليها ولا على مكانتها وموقفها الثابت من اللاجئين والمهاجرين على أرضها.

حفظ الله الجيش.. حفظ الله الوطن

أضف تعليق

وكلاء الخراب

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2