أكد المجلس القومي للمرأة أن مكتب شكاوى المرأة مفتوح لمساعدة كل أم تواجه معوقات في سبيل الحصول على قرار الوصاية، من خلال تقديم المساعدة القانونية، والعمل على توفير الحلول، بالتنسيق مع النيابة العامة.
وكشف المجلس- في تقرير أصدره، اليوم الثلاثاء، عن جهوده في ملف الوصاية على المال منذ عام 2017 لخلق بيئة تشريعية وسياسية من واقع اختصاصاته، حيث تقدم بمقترحات وملاحظات للجهات المختصة وقام بإبداء الرأي في مشروعات القوانين واللوائح المتعلقة بمجال عمله.
وأشار المجلس إلى أنه تقدم بعدة مقترحات لتعديل قانون الولاية على المال، كما يلي: النص على الوصاية للأم مباشرة في حالة وفاة الأب والمتضرر هو الذي يقوم برفع دعوي لإثبات تضرره ونيابة شئون الأسرة تتولى المراجعة، وتيسير وتحديث إجراءات نيابة شئون الأسرة للولاية على المال (المجلس/النيابة الحسبية) من خلال تيسير إجراءات صرف الأموال اللازمة في العمليات الجراحية والتعرض للحوادث واستخراج الأوراق الرسمية وتأمين مستقبل الأبناء، وتسريع مواعيد الإجراءات الإدارية والرد على الطلبات، وذلك اتساقاً مع التعديلات الأخيرة الخاصة بذلك (قانون رقم 176 لسنة 2020 (مادة 47) والكتاب الدوري من النائب العام رقم 3 لسنة 2020).
وأوضح أنه من ضمن هذه التعديلات المقترحة أيضا، إصلاح وتيسير إجراءات حصر وجرد التركة/ الميراث والإجراءات الأخرى المتعلقة بالصرف، وكذلك مراعاة الظروف فيما يتعلق بالرسوم التي يتم تحصيلها بناء على إجمالي التركة (حيث يتم رفع قضايا في حالة عدم السداد)، ومنح الأم الوصية صلاحيات الولي الطبيعي، والتخفيف من قائمة المحظورات على الوصي (إذا كانت الوصية هي الأم).
ولفت المجلس إلى أن المقترحات تضمنت ترسيخ ثقافة التعامل مع المرأة كإنسان كامل الأهلية قادرة على التدبير ومؤهلة لإدارة شئون أطفالها والمساواة في التفكير في احتمالية (وجود رجل غير مدبر مثل وجود امرأة غير مدبرة)، وعدم الانتقاص من أهلية المرأة وقدرتها على اتخاذ القرار، وأهمية وضرورية طلبات الأوصياء فإن ذلك يجب أن يتم تقديره على أساس المستوى المعيشي للقصر وليس على أساس أي خلفيات شخصية لمتلقي الطلب.
وتصدى المجلس القومي للمرأة للمعوقات التي تواجه السيدات الوصيات عند حصولهن على قرار الوصاية على صغارهن القصر من الناحية العملية، حيث رصد مكتب شكاوى المجلس القومي للمرأة عددا كبيرا من شكاوى السيدات (سواءً من خلال الحضور إلى مقرات المجلس بالقاهرة ومحافظات الجمهورية أو عبر الخط الساخن 15115 للمكتب) فيقوم فريق عمل ملف الولاية على المال بالعمل على إزالة تلك المعوقات على الفور.
وحرص المجلس على دراسة إشكاليات الولاية على المال والوصاية المالية للمرأة منذ عام 2017، وقام بالآتي: إعداد وتقديم مشروع قانون بمقترح تعديلات على القانونين رقم (119 لسنة 1952) ورقم (1 لسنة 2000)، تم إرساله إلى مجلس الوزراء، والذي قام بإحالته إلى وزارة العدل لمراجعته وذلك خلال عام 2018، وكان الهدف منه هو الوقوف بجانب النساء الأرامل خاصة من ترعى أطفال قُصر، وتسهيل الإجراءات في النيابات والمحاكم.
وبالاتساق مع ما قدمه المجلس القومي للمرأة في تعديلاته على أحكام الولاية على مال في هذا الشأن، صدر قانون رقم 176 لسنة 2020 بتعديل بعض أحكام قانون رقم 1 لسنة 2000 (المادة 47)، يتضمن القانون رفع النصاب القانوني للصرف دون الرجوع الى المحكمة، واستحداث جواز زيادة المبلغ في حالات الضرورة القصوى مثل الحوادث والحالات المرضية، والتي تستدعى تدخلا طبياً عاجلا، ويكون ذلك بقرار مسبب من المحامي العام، مع إلزام تقديم النائب المصرح له بالصرف المستندات المؤيدة للإنفاق في حالة الضرورة قبل تقديم طلب الصرف التالي .
وتلى صدور القانون رقم 176 لسنة 2020، صدور كتاب النيابة العامة الدوري رقم (3) لسنة 2020 لتعديل الحد الأقصى للصرف وسرعة الفصل في الصرف في الحالات القصوى، وبتاريخ 30/9/2021 صدر القرار الدوري للبنك المركزي لتنظيم المعاملات ذات الصلة بالولاية على المال، حيث سهل الإجراءات المالية التي يقوم بها الوصي (في معظم الحالات النساء) بموجب أصل قرار الوصاية.
ومن ضمن جهود المجلس أيضا، توقيع بروتوكول تعاون مع معهد البحوث الجنائية والتدريب التابع للنيابة العامة منذ عام 2018 وحتى مايو 2022 لدعم قدرات معاوني ومعاونات نيابات الأسرة وأعضاء نيابات المال.
ويواصل المجلس عقد اجتماعات تشاورية مع الجهات المعنية وهي (النيابة العامة- وزارة العدل- مصلحة الأحوال المدنية- التضامن الاجتماعي- البنك المركزي) لتوفير الجهد المادي والمعنوي، الذي تبذله الوصية الأم في استخراج أوراق رسمية من كل جهة على حدة، وكان لذلك أثر على الإجراءات التي أصدرها البنك المركزي المعدلة المتعلقة بهذا الشأن.
وتم تعزيز فتح شاشات استعلامات مع النيابة العامة، ويوجد تعاون مشترك مع البنوك المصرية ومصلحة الأحوال المدنية؛ لتيسير سير إجراءات الوصاية وتسهيل حصول الوصية الأم على قرار الوصاية والحفاظ على أموال صغارها القصر.
وضمن الجهود أيضا ، إعداد نموذج موحد بين المجلس القومي للمرأة (ممثلا في مكتب شكاوى المرأة) وبين النيابة العامة؛ للقيام على الفور بإرسال أي شكوى يتلقاها مكتب الشكاوى بشأن إجراءات الوصاية، ومن ثم العمل على حلها على الفور بالتنسيق مع النيابة العامة.
وفيما يتعلق بالقوانين العربية.. فقد أصلحت العديد من الدول العربية من منظومتها القانونية بشأن الوصاية، حيث قامت السعودية في عام 2019 بتعديل النص القانوني بأن "يعد رب الأسرة في مجال تطبيق هذا النظام هو الأب أو الأم بالنسبة للأولاد القصر".
وفي تونس.. "تتمتّع الأمّ في صورة إسناد الحضانة إليها بصلاحيات الولاية، فيما يتعلّق بسفر المحضون ودراسته والتصرّف في حساباته المالية، ويمكن للقاضي أن يسند كل مشمولات الولاية إلى الأم الحاضنة إذا تعذّر على الوليّ ممارستها أو تعسّف فيها أو تهاون في القيام بالواجبات المنجرّة عنها على الوجه الاعتيادي، أو تغيّب عن مقرّه وأصبح مجهول المقرّ، أو لأيّ سبب يضرّ بمصلحة المحضون".
وفي المغرب تنتقل الولاية للأم الراشدة حسب المواد 163 و229 و236 من مدوّنة الأسرة الصادرة في 5 فبراير 2004، أما في العراق فقد نصت المادة (34) على أن (الوصي هو من يختاره الأب لرعاية شئون ولده الصغير أو الجنين ثم من تنصبه المحكمة، على أن تقدم الأم على غيرها وفق مصلحة الصغير فإن لم يوجد أحد منهما فتكون الوصاية لدائرة رعاية القاصرين حتى تنصب المحكمة وصياً).
وأكد المجلس أن قضايا الولاية على المال تتضمن العديد من المفاهيم المغلوطة ومن الواجب تصحيحها، ومنها على سبيل المثال (الولاية على المال.. الولاية علي النفس.. والمواريث) هي جميعها قضايا أسرة، ولكن كلا منها يحكمه قانون مختلف.
وأوضح المجلس- في تقريره- أن كلمة العصب أو التعصيب هي كلمة تتعلق بقوانين المواريث وليس الولاية على المال، وليس للعم أن يحجب الوصاية عن الأم، وكلمة (يحجب) في الأصل ترتبط بقانون المواريث وليس المال، كما أن الولاية التعليمية لا ترتبط بقانون الولاية على المال، وتكون للحاضن عملا وتكون بموجب قرار من النيابة العامة، ولكل ذي صفة أن يستخرج صورًا من القيود المسجلة من مصلحة الأحوال المدنية، ولذلك فيمكن للأم أن تستخرج صورة من شهادة ميلاد أبنائها، ويحق للأم حالياً أن تكون وصية على المال الذي آل للقاصر من قبلها بأن تشترط أن تكون هي الوصية على هذا المال الذي تبرعت به أو وهبته لصغارها عند تبرعها بالمال، ويكون لها أن تعين أي شخص تراه مناسبا وصيا على هذا المال، وقد يكون ذلك بغرض غل يد الأب (الولي) عن التصرف في هذا المال تحديدا، وتفعيل تعليمات النيابة بعدم طلب سماع الصغار إلا في حالات الضرورة القصوى (سماع الصغار كان شرطا في القانون ولكن تم إلغاؤه).
ولفت إلى أن التوعية بأحكام امتداد الولاية بعد بلوغ السن القانوني في حالات الولاية على ناقصي وعديمي الأهلية لأنهم يتحولون من صفة القصر لصفة المحجور عليهم، وفي هذه الحالة تنطبق على المسئول عنهم أحكام القيم وليس الولي، والمعروف أن صلاحيات الولي أوسع من صلاحيات القيم، وبالتالي فإن امتداد الولاية ييسر الإجراءات على الولي القيم.
ويمثل قانون الولاية على المال احتياجا إنسانيا اجتماعيا مهما قبل أن يكون احتياجا قانونيا منصفا، ولذلك هناك ضرورة ملحة لوجود قوانين وإجراءات جديدة بشأن الولاية على المال والوصاية المالية لعدة أسباب، من أهمها أنها أحكام وقواعد صدرت منذ زمن بعيد (منذ أكثر من 70 عاما، ومنها ما قبل ذلك في القرن التاسع عشر) مثل ما يتعلق بالوصاية المالية والإشراف على أموال القصر، علاوة على أن المجالس الحسبية أنشئت في عام 1869 أي منذ 154 عاما مضى!! (مسمى المجالس الحسبية التي أصبحت نيابات الأسرة الآن).
كما أن هذه الأحكام لا تواكب المستجدات والتطورات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية التي تعرض لها المجتمع، ولا تواكب مكانة المرأة المصرية في المجتمع الآن، فعلى سبيل المثال (فقد صدر قانون الولاية على المال في عام 1952 حين كانت نسبة الأمية بين الإناث في عمر 10 سنوات فأكثر تصل إلى حوالي 84% بحسب نتائج تعداد السكان لعام 1947، أما حالياَ فإن إحصاءات الأمية في مصر بلغت 23.5% مع نهاية عام 2022 في الفئة العمرية 15 سنة فأكثر).
علاوة على أن القانون الحالي للولاية على المال ينص على أن الولاية للأب ثم للجد الصحيح إذا لم يختار الأب وصياً للولاية على مال القاصر فهنا الولاية التي تمنح لصاحبها صلاحيات واسعة لا تحتاج إلى قرارات أو طلبات، أما في حالة الوصية للأم فإن ذلك يستدعي تقديم طلب، وعدم وجود جد، وعدم المنازعة على حق المرأة في الوصاية المالية على أبنائها أي عدم وجود مانع لحجب الوصاية عن الأم.
وعلى الرغم من أن فلسفة الوصاية شرعًا وقانونًا هي القيام بإدارة شئون الأطفال والمسئولية عن كل كبيرة وصغيرة في حياتهم والرعاية الصحية والجسدية والنفسية والتعليمية، (وهو ما تقوم به الأم في جميع الأحوال)، إلا أنه لا يزال ينظر للمرأة بعدم الجدارة بإدارة أموال صغارها، وتواجه جميع هذه المعوقات.