أسفر قصف روسي «كثيف» في منطقة خيرسون الأوكرانية (جنوب) عن مقتل 16 شخصا على الأقل، الأربعاء، بينهم 12 في المدينة الرئيسية التي تحمل الاسم نفسه، بحسب النيابة الإقليمية، علما بأن السلطات أعلنت حظرا للتجول ابتداء من مساء الجمعة.
وقالت السلطات في كييف في ساعة مبكرة من صباح، الأربعاء، إن روسيا شنت ضربات ليلية على المدينة، لكن أنظمة الدفاع الجوي دمرت جميع الطائرات المسيرة المستخدمة دون أن ترد تقارير حتى الآن عن وقوع إصابات أو أضرار.
وهذه الجولة من الضربات هي الثالثة التي تشنها روسيا على كييف في غضون ستة أيام.
وظلت صفارات التحذير من الهجمات الجوية تدوي لعدة ساعات في كييف والمنطقة المحيطة ومعظم مناطق شرق أوكرانيا.
وذكرت الإدارة العسكرية لكييف عبر تطبيق «تلغرام» أن المؤشرات الأولية توضح أنه تم «رصد جميع أهداف العدو وإسقاطها في المجال الجوي حول العاصمة». وأضافت أن روسيا استخدمت مسيرات شاهد الإيرانية الصنع في الهجمات. ولم يعرف على الفور عدد الطائرات المسيرة التي جرى إسقاطها.
وقالت كييف إنّ استعداداتها لشنّ هجوم واسع النطاق لاستعادة الأراضي التي تحتلها روسيا في شرق وجنوب البلاد «تقترب من نهايتها»، وأعلنت السلطات المحلية فرض حظر تجوّل في خيرسون الواقعة قرب خط المواجهة ابتداء من مساء الجمعة ولمدة 58 ساعة. وبرّرت «هذه القيود المؤقتة» بـ«ضرورة» تمكّن «قوات الأمن من القيام بعملها» من دون إعطاء مزيد من التفاصيل. وتسري إشاعات في صفوف المحللين حيال موعد هذا الهجوم والمنطقة التي سينطلق منها.
وقال رئيس الإدارة العسكرية المحلية أولكسندر بروكودين على «تلغرام»: «ابتداء من الخامس من مايو سيفرض حظر تجول في خيرسون وسيستمر حتى الثامن من مايو». وأضاف: «خلال هذه الساعات الـ58، سيمنع التنقل في شوارع المدينة. كما سيمنع الخروج من خيرسون والدخول إليها».
والمنطقة المحيطة بباخموت في دونباس، مركز المعارك لعدة أشهر، هي على سبيل المثال، مليئة بالتلال في حين أن المناطق الجنوبية في خيرسون وزابوريجيا مكونة من سهول زراعية شاسعة. ولا تزال روسيا تحتل نحو 20 في المائة من أوكرانيا بينها شبه جزيرة القرم التي ضمّتها موسكو في 2014. واستعادت كييف خيرسون التي احتلتها القوات الروسية لأشهر في 2022 في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إثر هجوم مضادّ ناجح شنّته القوات الأوكرانية في المنطقة. ومنذ ذلك الحين، تتعرّض المدينة لقصف منتظم، فيما يوجد الجيش الروسي على الجانب الآخر من النهر الذي يشكل خط جبهة بحكم الأمر الواقع.
ومن جهة أخرى، شنت روسيا 26 هجوما على الأقل بطائرات مسيرة ضد أهداف في أوكرانيا، الليلة الماضية، طبقا للسلطات الأوكرانية، أمس الأربعاء. معظم هذه المسيرات (21 من 26)، تم اعتراضها بواسطة الدفاعات الجوية الأوكرانية. وذكر مسؤولون استخباراتيون بريطانيون أن روسيا يبدو أنها تغير الأساليب التكتيكية بهجماتها بالطائرات المسيرة والصواريخ على أوكرانيا، التي ركزت سابقا على شبكة الكهرباء في البلاد.
وذكرت وزارة الدفاع البريطانية في تقرير يومي بشأن الحرب أمس الأربعاء أن البنية التحتية العسكرية والصناعية الأوكرانية أصبحت أهدافا لهجمات متزايدة. ويبدو أن الروس يستخدمون صواريخ أقل للإبقاء على الذخيرة، حسب التقرير.
تزداد التقارير في الآونة الأخيرة عن وقوع هجمات واستهداف البنية التحتية على الأراضي الروسية. والتهمت النيران ليل الثلاثاء - الأربعاء مستودع محروقات في قرية فولنا الروسية بمنطقة كراسنودارسكي بالقرب من القرم.
وقال فينامين كوندراتييف حاكم منطقة كراسنودارسكي كراي، حيث تقع القرية، إنّ «النيران اشتعلت في خزّان يحتوي على منتجات نفطية في قرية فولنا في منطقة تمريوكسكي. لقد كان الحريق على درجة عالية من الخطورة»، من دون أن يوضح سببه. وأضاف: «بحسب المعلومات الأولية، لم يسقط قتلى أو جرحى» من جراء الحريق. وطمأن الحاكم إلى أنّه لم يعد هناك «خطر على سكّان القرية»، إذ إنّ السلطات «تبذل كلّ ما في وسعها كيلا تنتشر النيران». وبحسب مصدر في أجهزة الإنقاذ أوردت حديثه وكالة الأنباء الرسمية تاس، فإن الحريق سببه «سقوط طائرة من دون طيار».
وذكرت وكالة المخابرات الروسية «إف إس بي» أنه تم اعتقال مشتبه بهم في القرم، الذين يزعم أنهم كانوا يخططون لشن هجوم على القيادة السياسية في شبه الجزيرة. وقال سيرجي أكسيونوف، حاكم القرم، الذي عينته موسكو، إن هؤلاء المعتقلين، متورطون أيضا في هجوم على أحد خطوط السكك الحديدية في القرم.
وفي الأيام الأخيرة، تعرّضت روسيا وشبه جزيرة القرم لسلسلة هجمات لم تعلن كييف مسؤوليتها عنها. وخلال أربعة أيام، أدّى انفجار عبوّتين ناسفتين إلى إخراج قطاري شحن عن مسارهما قرب الحدود الأوكرانية، كما تضرّر خط للتوتر العالي، في حين تسبب هجوم بطائرة مسيّرة في اندلاع حريق هائل في مستودع للنفط في القرم. ويثير تكثف هذه الهجمات وأعمال «التخريب» مخاوف من أن تلقي بثقلها على احتفالات يوم النصر في 9 مايو التي يعلق عليها الكرملين أهمية. في مواجهة المخاطر «الأمنية»، ألغت عدة مدن روسية الاحتفالات التقليدية التي تنظم في يوم النصر في ذكرى هزيمة ألمانيا النازية في 1945.
وقال أندريه رايكوفيتش حاكم كيروفوراد عبر تطبيق «تلغرام»، إن الهجمات ضربت أهدافا بينها منشأة تخزين نفط في المنطقة القريبة من العاصمة الإقليمية كروبيفنيتسكي. وأضاف: «لم يكن هناك ضحايا. وتحركت كل أجهزة الطوارئ على وجه السرعة». كما أن منطقة دنيبروبيتروفسك الواقعة شرق البلاد كانت هدف الهجمات. وقالت السلطات المحلية إنه جرى إسقاط سبعة صواريخ، ولكن أحدها دمر مبنى إداريا وتسبب في حريق هناك.