يأتي الحوار الوطني الذي انطلقت جلساته العامة الأربعاء الماضي فى ظل ظروف حرجة ودقيقة للغاية، وفى ظل توترات إقليمية غير مسبوقة.. تحتاج بالضرورة إلى التكاتف من الجميع.
فما لبثت مصر أن تعافت من التداعيات السلبية لأزمة كورونا العالمية، حتى جاءت تداعيات الحرب الروسية – الأوكرانية أشد وطأة، الأمر الذي جعل "التحديات الاقتصادية" وكيفية مواجهتها من القضايا المهمة التي يجب أن يدور حولها الحوار بهدف الوصول إلى أفضل الطرق الناجعة لمواجهتها، ويضاف إلى ذلك بالطبع، التحديات والقضايا الأمنية والسياسية والاجتماعية، والتي لن تقل أهمية عن القضايا الاقتصادية.
لذلك تحتم المسئولية الوطنية على كل مشارك أن يسجن داخله كل توجهاته وطموحاته الخاصة ويعلي مصلحة الوطن فوق كل شىء، فلا مناص من استثمار طاقات القوى السياسية والشبابية الاستثمار الأمثل خلال فعاليات الحوار، واستخراج أقصى قدر لديها من الأفكار الإيجابية التي يمكن أن تسهم فى دفع القضايا كافة للأمام، وإيجاد حلول مبتكرة لها.
فلاشك فى أن الحوار سيكون بمثابة تحدٍ أو اختبار حقيقي للقوى السياسية المختلفة من أجل أن تثبت لنفسها أولاً ثم للمسئولين وللرأي العام، أن لديها القدرة والرؤية التي تتيح لها دورًا مهمًا فى عملية البناء والتنمية، وأن المطلوب منها ليس مجرد الحضور والمشاركة، لكن كيف يمكن أن يكون لهذا الحضور قيمة مضافة، تقدم حلولاً ليست للمشاكل الآنية فقط، لكن لما يجب أن تكون عليه الأوضاع مستقبلاً.
النية بدت وتأكدت أنها حسنة من قبل الدولة، فمنذ انطلاق الدعوة الرئاسية خلال إفطار الأسرة المصرية العام الماضي لعقد الحوار، مرورًا بجلسات التحضير وتشكيل اللجان وصولا إلى الجلسات العامة، والتي بدأت الأسبوع الماضي وتذاع على الهواء مباشرة بحضور ومتابعة مختلف وسائل الإعلام المحلية والعربية والأجنبية، وكل المؤشرات والمعطيات تؤكد جدية وإصرار الرئيس عبد الفتاح السيسي والحكومة ومختلف مؤسسات الدولة على إنجاح هذا الحوار وتحقيقه لجميع أهدافه وفى مقدمتها صياغة مستقبل مشرق لمصر وشعبها العظيم.
لذلك على الجميع أن يعلي مصلحة الوطن ولا يفكر أحد فى تحقيق أى نصر شخصي من أى نوع، وعلى جماعة الإخوان أن تعلم وتتأكد أن غيابها عن هذا الحوار هو بمثابة استفتاء شعبي وتجديد للعهد على عدم وجود موطئ قدم لها مرة أخرى فى العملية السياسية المصرية، فهناك موقف مجتمعي موحد رافض لهذه الجماعة الإرهابية التي سفكت الدماء واستقوت بالخارج، وشوهت سمعة مصر.
عيوننا جميعا تنظر إلى جلسات الحوار وتتابع بكل اهتمام ما سيسفر عنه، وتتمنى قلوبنا وعقولنا أن نتفق جميعا على "كلمة سواء" نؤسس بها منهج وأسلوب حياة وطريقًا ممهدًا إلى "جمهورية جديدة" تليق بالمصريين.