أشاد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار بدور جامعة عين شمس لنشر رسالة المتاحف التعليمية حيث قامت الجامعة بتحويل بدروم متحف قصر الزعفرانة الشهير صاحب الدور التاريخى المعروف ب جامعة عين شمس إلى متحف تعرض به قطع أثرية طبقًا لأحدث أساليب العرض المتحفي
وتم الافتتاح اليوم بحضور الدكتور محمد أيمن عاشور وزير التعليم العالى، ووزير السياحة والآثار أحمد عيسى، والدكتور محمود المتيني رئيس جامعة عين شمس ونواب رئيس الجامعة، والدكتور ممدوح الدماطى وزير الآثار الأسبق وأستاذ الآثار ب جامعة عين شمس والدكتور خالد العنانى وزير الآثار السابق، والدكتور محمد إبراهيم وزير الآثار الأسبق والأستاذ بالجامعة والدكتورة نادية زخارى وزيرة البحث العلمى الأسبق والدكتور أحمد عكاشة رائد الطب النفسى، وسفراء عدد من الدول وعمداء الكليات
وفى كلمته أعرب وزير السياحة والآثار أحمد عيسى عن سعادته بهذا العمل ثمرة التعاون بين المجلس الأعلى للآثار و جامعة عين شمس والتعاون العلمى بينهما من خلال إنشاء هذا المتحف الذى يبرز ملامح الحضارة المصرية ويساهم فى نشر الوعى الأثرى والسياحى والذى لن يقتصر على طلاب جامعة عين شمس بل يفتح أبوابه لكل الباحثين من مختلف جامعات مصر، ويضم المتحف 167 قطعة أثرية تمثل الحق التاريخية فى مصر منذ عصر مصر القديمة وحتى الآن
كما أشاد وزير السياحة والآثار بالتعاون العلمى بين جامعة عين شمس والمجلس الأعلى للآثار فى أعمال التنقيب الأثرى لبعثات الجامعة بمنطقة عرب الحصن لاكتشاف معالم عين شمس القديمة منذ نشأتها وحتى اليوم
ونوه إلى إنجازات وزارة السياحة والآثار فى الفترة السابقة من افتتاح متاحف جديدة منها متحف الحضارة وقرب افتتاح المتحف الكبير وهى هيئات اقتصادية مستقلة وان المتاحف وسيلة هامة لتبادل الثقافات والتعرف على الماضى وربطه بالحاضر والمستقبل
وتطرق وزير السياحة والآثار إلى موازنة المجلس الأعلى للآثار والتى بلغت فى العام المالى المنقضى 3.2 مليار جنيه والذى يتم إنفاقها فى الحفاظ على الآثار وحمايتها وترميمها وصيانتها وأعمال الحفائر لبعثات الآثار المصرية والتعاون مع بعثات الآثار المختلفة ويشرف المجلس الأعلى للآثار على 2000 موقع أثرى وعدد 40 متحف والتى تتطلب ميزانية ضخمة للقيام بدورها وضرب مثلًا بمتحف المتروبيلتان بنيويورك الذى أنفق العام الماضى 300 مليون دولار للحفاظ على المتحف ومقتنياته
وأوضح أن متوسط سعر تذكرة الدخول للمتاحف والمواقع الأثرية كان 48 جنيه عام 2010 وصل إلى 98 جنيه فى العام المالى المنقضى، ومن يرى ذلك يعتقد أنها تعبر عن زيادة فى الدخل ولكن بالمستوى القياسى العام للأسعار فإن المتوسط الحقيقى لسعر التذكرة انخفض بنسبة 80% مما أدى إلى عجز فى ميزانية الوزارة والآثار فى حاجة لتكاتف الجميع لحمايتها وصيانتها والتى تحتاج إلى موارد مالية أكبر من ذلك
واختتم كلمته بالإشادة بدور جامعة عين شمس وقد جاء منها وزيرين سابقين للآثار وهما الدكتور ممدوح الدماطى والدكتور محمد إبراهيم وهما أساتذة بالجامعة وأعرب عن دور الجامعة فى الموافقة على إعارة أساتذتها للعمل بالمجلس الأعلى للآثار ومنهم الدكتور على عبد الحليم الأستاذ بكلية الآثار جامعة عين شمس مدير المتحف المصرى بالتحرير حاليًا
كما أشاد بشكل خاص بمجهودات الدكتور خالد العنانى وزير السياحة والآثار السابق والذى زاره فى منزله عقب توليه الوزارة وأطلعه على كافة التفاصيل والتحديات التى تواجه العمل فى الوزارة وهنأه على اختيار مصر له وترشيحه لمنصب مدير عام اليونسكو
قصر الزعفرانة
وعن قصر الزعفرانة يشير خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان إلى أنه يقع داخل حرم جامعة عين شمس، بني على طراز قصر فرساي في فرنسا، وأنشىء عام 1870 في عصر الخديوي إسماعيل على أنقاض "قصر الحصوة" الذي بناه محمد علي الكبير، وقد عهد الخديوى إسماعيل إلى مهندس يدعى "مغربي بك سعد" بتصميم هذا القصر والإشراف على بنائه، واشترط أن يكون على غرار قصر فرساي في فرنسا الذى قضى فيه الخديوي إسماعيل فترة تعليمه
يطل قصر الزعفران على حي العباسية من أربع واجهات معشقة بنوافذ وشرفات بعقود نصف دائرية، وزخارف جصية بهيئة فروع نباتية وأكاليل زهور غاية في البساطة والرقة، وقد تضمن تصميم القصر فنون النحاس والذهب والزجاج الملون، فضلًا عن أسقفه الملونة بألوان السماء.
أهدى الخديوى إسماعيل القصر عام 1872 إلى والدته المريضة خوشيار هانم لتقيم فيه خلال فترة الاستشفاء من مرض عضال أصابها، حيث نصحها الأطباء بالهواء النقي وقام بزراعة حديقة غناء حول القصر كانت مزروعة بكاملها بنبات الزعفران ذي الرائحة الزكية.
وأضاف الدكتور ريحان أن القصر شهد العديد من الأحداث التاريخية الساخنة التي مرت على مصر خلال تلك الفترة مثل دخول الإنجليز وتوقيع معاهدة عام 1936 الشهيرة، وما زالت المنضدة التي تم توقيع تلك المعاهدة عليها موجودة في مكانها بصالون القاعة الرئيسية وحولها طاقم من الكراسي المذهبة.
جمع القصر من الداخل بين طرازين هما الطراز القوطي وطراز الباروك، وهما من أهم الطرز المعمارية التي كانت تستعمل في كثير من قصور القرن التاسع عشر. ويتقدم المدخل الرئيسي للقصر إحدى الواجهات، وهو يأخذ شكل البائكة بعقود نصف دائرية تعلوه شرفة كبيرة. ويمكن للزائر الصعود إلى المدخل إما مترجلا عن طريق السلالم الرخامية التي تتوسطه، أو داخل عربة، حيث توجد على جانبي المدخل ممرات منحدرة خصصت لصعود العربات عليها، وهي ممرات تعود بالزائر إلى أجواء القرن التاسع عشر، حيث موكب الخديوي بالعربات التي كانت تجرها الخيول، تصعد على الممرات بينما الأمراء أمام باب القصر في شرف الاستقبال.
وأوضح الدكتور ريحان أن قصر الزعفران يتكون من ثلاثة طوابق رئيسية إلى جانب طابق تحت الأرض. الطابق الأول للاستقبال حيث يضم القاعة الرئيسية وإلى جوارها قاعتا استقبال أخريان،فيما تقع حجرة المائدة إلى اليمين وتسع لنحو 49 شخص.
ويعد باب القصر المصنوع من الزجاج المعشق تحفة فنية رائعة الجمال، بألوانه وبما يضمه من أشكال لزهور وشجرة كبيرة ذات ثمار.
ويعد سقف قصر الزعفران تحفة فنية في حد ذاته، وهو عبارة عن زجاج بلوري معشق بالرصاص، تم طلاؤه بألوان زاهية تعكس على السلم ألوان السماء في مختلف حالاتها، كما يضم الطابق الأول مجموعة من الأعمدة ذات الطراز اليوناني الروماني من الرخام الأخضر والأصفر بتيجان مذهبة.
ويضم الطابق الثاني ثماني غرف للنوم، كل غرفة ملحق بها صالون للاستقبال وحمام تركي كبير مصنوع من الرخام ومزود بقطع من الزجاج الملون تجعله يبدو مضاء بإضاءة طبيعية طوال الوقت، أمّا حوائط الحجرات فهي مزينة بأشكال الورد والزهور الملونة إضافة إلى التذهيب بالذهب الفرنسي،ويصل ارتفاع الأبواب الخشبية للقصر إلى نحو أربعة أمتار، فيما يصل ارتفاع الأسقف إلى ستة أمتار، وهو ارتفاع يساعد بالقطع على تلطيف حرارة الجو خاصة في فصل الصيف، فيشعر المقيم فيه دائمًا بتيار من الهواء المنعش، وتعد الأسقف الملونة أهم ما يميز حجرات الطابق الثاني، وهي بلون السماء، ويقال إن معماري القصر نفذها على هذا النحو في غرف النوم، لأن الخديوي إسماعيل كان يحب أن ينظر إلى السماء وهو مستلق على ظهره قبل النوم
المتاحف والتربية المتحفية
ويوصى الدكتور ريحان من خلال دراسة للدكتورة راندا بليغ أستاذ الآثار بكلية الآداب جامعة المنصورة تحت عنوان " التربية المتحفية فى مصر والعالم " بإضافة التربية المتحفية للأنشطة المدرسية مثل التربية الفنية والتربية الموسيقية والرياضية وغيرها وضرورة التنسيق بين المتاحف والمدارس فى شكل مجموعات تأخذ فرصتها فى الاستفادة بتوجيه المعلم المتحفى وتنظيم رحلات لهم ورحلات للأطفال ذوى الاحتياجات الخاصة وعرض أفلام مسلية تعد خصيصًا للمتحف وعمل ورش عمل للأطفال لتعليم صناعة البردى والرسم والنحت وعمل نماذج أثرية للتماثيل والقطع الفنية من مشغولات خشبية وحلى ونسيج بالاستعانة بالحرفيين فى هذا المجال وتنظيم مسابقات علمية لطلبة المدارس والجامعات وتنظيم محاضرات فى التصوير الفوتوغرافى وشرح فنى لمعروضات المتحف والتدريب على استخدام الآلات الموسيقية القديمة وأدوات ومساحيق التجميل القديمة وإقامة الأنشطة فى حديقة المتحف وإدخال التاريخ للأطفال بشكل مسرحى.