كشف الشيخ علي فخر، أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، عن عادات العرب قبل الميراث في الإسلام، وكيفية توزيع المواريث على أصحاب التركة.
وقال علي فخر، إن العرب كانت عندهم عادات في توزيع الميراث، فكان عندهم 3 أسباب للميراث، السبب الأول هو القرابة، والسبب الثاني هو المحالفة، والسبب الثالث هو التبني.
وأشار إلى أن العرب كانوا دائما يتبنون الأولاد سواء كانوا معروفي النسب أم مجهولي النسب، ونسبوه إلى أنفسهم، وكان يتربى وسط أبنائه، فيأخذ كل أحكام البنوة حتى في الميراث.
وأوضح، أنه لما جاء الإسلام، ظل العمل موجود بهذه الأسباب إلى الهجرة، فالنبي ترك العرب على ما هم فيه 13 عاما، حتى هاجر إلى المدينة، ولم يبطل النبي العمل بهذه الأسباب ولكنه أضاف إليها الهجرة والأخوة، لأن النبي آخي بين المهاجرين والأنصار لما أراد بناء الدولة الإسلامية بناء قويا، حتى لا يشعر المهاجر بأنه غريبا بين الأنصار.
وأضاف، أنه بناء على ذلك فإن أسباب الميراث بعد الهجرة صارت 5 أسباب: القرابة ، المحالفة ، التبني، الهجرة، الأخوة، فكان المهاجر والأنصاري يرثان بعضهما.
وذكر أنه لما جاءت غزوة بدر وانتصر المسلمون، كان النبي آخى بين سيدنا الزبير بن العوام وسيدنا كعب بن مالك، فقال سيدنا الزبير بن العوام: فلما وجدت كعبا قد أصابته الجراحة قلت أنه لو مات لورثته، لأنه ليس له قريب.
وتابع: فأنزل الحق- تبارك وتعالى-: (وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) فهذه الآية هي التي أبطلت الميراث بسبب الهجرة والمؤاخاة، فالله لما أبطل سببا في الميراث، أبطل ما كان متأخرا منها، هما الهجرة والمؤاخاة.
وعلى هذا أصبحت أسباب الميراث بعد ذلك، بسبب القرابة والمحالفة والتبني، ثم أبطل التبني لقوله تعالى (ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ) وبقيت القرابة والمحالفة.
وتابع: بقيت القرابة والمحالفة، إلى أن أراد الله أن يبين كيفية الميراث بالقرابة، فالعرب قبل الإسلام كانوا يورثون الرجال دون النساء في الجاهلية، وكانت الزوجة نفسها تورث إلى أخ الزوج، ويورثون القوي دون الضعيف، فكانوا يبنون فكرة الميراث على الغلبة والنصرة، وحينما تأملنا في هذه الأسباب وجدنا أن العرب عندهم أسباب الكسب كانت مبنية على الغلبة والنصرة بسبب الإغارة على أعدائهم فيكتسبون.
ولما أراد الله أن ينقلهم من الجاهلية إلى العلم والتمدن وإقامة الدولة على الحق، أراد أن ينقلهم كذلك من بناء فلسفة توزيع الميراث على القوة والنصرة، إلى أسباب تبنى على القوانين وإعطاء كل ذي حق حقه.
واستشهد بقول الله- تعالى-: (لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ ۚ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا).