كشفت دار الإفتاء المصرية عن حكم تكرار أداء العمرة خلال السفر الواحد.
وقالت الإفتاء على موقعها الإلكترونى على شبكة الإنترنت، نصا: "تكرارُ العُمرةِ أكثر مِن مَرةٍ جائزٌ شرعًا مُطلَقًا، بل الإكثار منها مُستحبٌّ مُطلَقًا، وهو مذهب جماهير علماء المسلمين سلفًا وخلفًا، وهو قول الحنفية والشافعية، وقول جماعةٍ مِن المالكية؛ كالإمام مطرف وابن المواز، وقول إسحاق بن راهويه ورواية عن الإمام أحمد، ومِمَّن حكاه عن الجمهور الماورديُّ والسرخسيُّ والعبدريُّ والنووى".
وحكاه الإمام أبو بكر بنُ المنذر عن عليِّ بن أبي طالب وابنِ عُمر وابنِ عباس وأنس وعائشة وعطاء وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم، ويدخل في ذلك المُتَمَتِّعُ بعد التحَلُّل مِن عُمرته الأولى التي نوى بها التَّمَتُّعَ بالعُمرة إلى الحج وقبل إحرامه بالحج، ومَن فَعل ذلك فقد أتى بأمرٍ مُستحبٍّ مُثابٍ عليه شرعًا؛ حتى عدَّ الإمامُ الشافعي رضي الله عنه وغيرُه المَنعَ مِن أداء العمرة أكثر مِن مرةٍ في السنة أمرًا مخالِفًا لِسُنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
والدليل على جواز التكرار قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «العُمْرَةُ إِلَى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا» أخرجه البخاريُّ ومسلمٌ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه؛ فلم يُفرق النبي صلى الله عليه وآله وسلم بين أن تكونا في سَنةٍ أو سنتين، والمُطلَق يُؤْخَذُ على إطلاقه ما لم يأتِ ما يقيده.
واضافت دار الإفتاء: "الإكثارَ من مُكَفِّرَات الذُّنُوب مطلوبٌ شرعًا مُطلَقًا، ويؤيِّدُ ذلك الحديثُ الصحيح الذي أخرجه الترمذيُّ عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "تَابِعُوا بَيْنَ الحَجِّ وَالعُمْرَةِ، فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الكِيرُ خَبَثَ الحَدِيدِ، وَالذَّهَبِ، وَالفِضَّةِ، وَلَيْسَ لِلْحَجَّةِ المَبْرُورَةِ ثَوَابٌ إِلَّا الجَنَّةُ"، فالتكرار والمُوَالاة يَدخُلان في عموم الأمر بالمُتابعة بين الحج والعُمرة كما هو ظاهر".
وتابعت: "أمَّا ادِّعاءُ نَقْلِ الإنكارِ عن بَعضِ السَّلَفِ فليس بصحيح، وما نُقِلَ عن طاوس مُقابَلٌ بما عليه جماهيرُ علماءِ المسلمين سَلَفًا وخَلَفًا مِن القول بالمشروعية والِاستِحباب على ما تَقَدَّمَ ذِكْرُه. على أنَّ قول مَن كَرِهَ تكرارَ العمرة أو مُوَالَاتها مُنْصَبٌّ على الأفضلية والأولوية لا على الجواز، كما أنه يَنبغي حَملُهُ على أهل مكة لَا على مَن يأتيها مِن أقاصي البلدان. وتكرار العمرة يكون بالخروج مِن الحَرَمِ والذهاب إلى أدنى الحِلِّ للإحرام منه؛ كالتنعيم مثلًا".
واختتمت دار الإفتاء: "بِناءً على ذلك؛ فإنه يَجوزُ بل يُستَحَبُّ لِلمسلم أن يَعتَمِرَ ويُكَرِّرَ العُمرةَ ويُوَالِي بينها، ويَدخُلُ في ذلك المتمتعُ قبل أن يُحرِمَ بالحج، بخلاف المُفرِدِ والقارن، وكلُّ مَن فرغ مِن النَّفْرِ الأول بعد الرمي في اليوم الثاني مِن أيام التشريق، وهذا هو مَذهَبُ جماهيرِ العلماء سَلَفًا وخَلَفًا، وذلك بأنْ يَخرُجَ في كُلِّ مرةٍ إلى أدنى الحِلِّ فيُحرِم منه بالعُمرة، ولا يُشتَرَطُ الرجوعُ إلى أبيار على".