قال الدكتور سعيد أبو علي الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية ورئيس قطاع فلسطين والأراضي العربية المحتلة، أن سلطات الإحتلال الإسرائيلي تواصل تصعيد ممارساتها وتشن هجمة شرسة وغير مسبوقة على التعليم الفلسطيني وبشكل خاص في مدينة القدس، إذ تتعرض العملية التعليمية لإستهداف ممنهج، ومحاولات مستمرة لفرض مناهج الإحتلال الإسرائيلي، وحذف كل ما له علاقة بالانتماء الوطني الفلسطيني، وذلك بتحريف الكتب المدرسية الفلسطينية وتزويرها وتهديد المدارس الفلسطينية لإرغامها على تبني الكتب المحرفة بالإكراه.
وأكد السفير سعيد أبو علي، خلال افتتاح الدورة (107) للجنة البرامج التعليمية الموجهة إلى الطلبة العرب في الأراضي العربية المحتلة، التى عقدت اليوم الأحد بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بالقاهرة، أن هذا التصعيد يمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الإنساني الدولي، والقانون الدولي لحقوق الإنسان والمواثيق والاتفاقيات ذات العلاقة التي تقضي بحماية حق التعليم الطبيعي.
وأوضح السفير سعيد أبو علي، يأتي إجتماع اليوم بعد أيام قليلة من انتهاء أعمال القمة العربية بجدة في المملكة العربية السعودية، التي أعادت التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية، وتضامن دولنا العربية مع نضال الشعب الفلسطيني ودعم نضاله المشروع بكل السبل والإمكانات لنيل حقوقه كاملة بإقامة دولته المستقلة على خطوط الرابع من يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، والتمسك بنصوص مبادرة السلام العربية كخيار لتحقيق السلام العادل والدائم والشامل وفق رؤية حل الدولتين، ودعم الاعتراف بدولة فلسطين وحصولها على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.
واستطرد، كما يأتي هذا الاجتماع بالتزامن مع ذكرى نكبة الشعب الفلسطيني المشؤومة، وقد استحضرت (قمة جدة) ذكرى النكبة كمأساة وكارثة إنسانية تاريخية، حيث أدان القادة العرب إنكار النكبة بالأشكال كافة، ودعوا لإعتماد يوم 15 مايو من كل عام يوماً عربياً ودولياً لاستذكار النكبة واتخاذ تدابير على مستوى الدول والمنظمات الدولية والإقليمية لإحياء هذه الذكرى الأليمة كأساس يمهد الطريق لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني وممارسة لاجئيه لحقهم في العودة والتعويض، وفقاً لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 لعام 1948.
وتابع السفير سعيد أبو علي، ما زالت نكبة ومأساة الشعب الفلسطيني تتجدد كل يوم وتتفاقم بصورة مستمرة، جراء مواصلة سلطات الإحتلال الإسرائيلي تصعيد عدوانها وحربها وانتهاكاتها اليومية ضد أبناء الشعب الفلسطيني والاستمرار بعمليات الاستيطان والتهجير والقتل وفرض مخططات التهويد التي تطال كل الأرض الفلسطينية بشكل عام ومدينة القدس بشكل خاص، وذلك بتدنيس مقدساتها الإسلامية والمسيحية، والتي كان اخرها اقتحام الوزير المتطرف "ايتمار بن غفير" للمسجد الأقصى المبارك صباح الأحد الماضي، وكذلك عقد حكومة الإحتلال الإسرائيلي جلستها الأسبوعية داخل أنفاق ساحة البراق بالمسجد الأقصى، والتي تأتي في إطار المحاولات الإسرائيلية المتصاعدة لتغيير الوضع القانوني والتاريخي القائم وفرض التقسيم الزماني والمكاني، انتهاكاً للقوانين وقرارات الشرعية الدولية، وأسس الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية.
ونوه "أبو علي" تتعرض في هذه الآونة مدن الضفة الغربية المحتلة خاصة في القدس وجنين ونابلس لتصعيد خطير وانتهاكات جسيمة وسياسة حرب المفتوحة التي تشنها حكومة اليمين الإسرائيلي الفاشية في صورة من أشد صور القهر والاضطهاد وتكريس الفصل العنصري، وفرض التطهير العرقي والتهجير القسري، وكذلك شن حملات عدوان واقتحامات واعتقالات وتنفيذ عمليات إعدام ميداني، بهدف خلق واقع إسرائيلي جديد على الأراضي الفلسطينية المحتلة في إطار سياسة الضم الزاحف وفي تحد صارخ لقيم الإنسانية وتناقض كامل مع المواثيق والقوانين والأعراف الدولية وانتهاك جسيم لأبسط حقوق الإنسان، وبما يطيح بآفاق وفرص إنفاذ حل الدولتين المعبر عن إرادة المجتمع الدولي.
وتابع "أبو علي" الأمر الذي يتطلب من هذا المجتمع الدولي بدوله وهيئاته المتعددة وبخاصة مجلس الامن، للانتقال من حالة الصمت، أو الاكتفاء بالشجب والإدانة، إلى التدخل المباشر والفوري، واتخاذ التدابير العملية اللازمة لتوفير نطام حماية دولي في الأرض الفلسطينية، تطبيقاً وإنفاذاً للقرارات الدولية ذات الصلة، بما يضع حداً لاستمرار هذا العدوان الممنهج والانتهاكات الجسيمة لقواعد وأحكام وقرارات الشرعية الدولية، وذلك على طريق تطبيق هذه القواعد والقرارات بما ينهي الاحتلال، ويمكن الدولة الفلسطينية من ممارسة حقها في السيادة والاستقلال الكامل.
وأدان "أبو علي" السياسة العدوانية الاستعمارية التى تقوم بها حكومة الإحتلال بهدم المدارس والمنشآت التعليمية، مستهدفة بذلك تجهيل أبناء الشعب الفلسطيني، منوها،ً كان آخرها ما قامت به قوات الإحتلال الإسرائيلي بتاريخ 11/5/2023، من هدم مدرسة التحدي 5 في منطقة (جب الذيب) في بيت تعمر شرق بيت لحم، المقامة بتمويل أوروبي كان من المفترض أن يوفر لها ما يضمن بقاءها، لكنها للأسف كانت تهدم ويشرد تلاميذها أمام مرأى ومسمع الدول الأوروبية دون حراك يحول دون ارتكاب هذا الفعل الإجرامي.
ودعا "أبو علي" كافة المؤسسات الحقوقية والإنسانية والإعلامية لتحمل مسؤولياتها إزاء هذه الحرب التي يشنها الإحتلال على المسيرة التعليمية في فلسطين، والمناهج التعليمية الفلسطينية عامة، والذي يستوجب تدخل كل المعنيين والالتفات لمدى التحريض والعنف ومستوى مضامين العنصرية بالمناهج الإسرائيلية التي تشكل انتهاكاً جسيماً وخطيراً للمواثيق الحقوقية الدولية، وانتهاكاً للاتفاقيات والمعاهدات الدولية، خاصة معاهدة جنيف الرابعة وما فيها من نصوص حيال الوضع التعليمي في البلاد المحتلة.
وأشار "أبو علي" إلى أن هناك من يستمع للادعاءات الإسرائيلية، ويبني موقفه بناءً على تلك المزاعم بشأن المناهج الفلسطينية، خلافاً للحقيقة وتبريراً للتحريض الإسرائيلي المكشوف، والذي لا ينفصل عن المخططات والاستهداف الإسرائيلي للعملية التعليمية وللأجيال الفلسطينية والرواية الأصلية الحقيقة للصراع، إمعاناً في محاولات الاحتلال المستمرة لضرب الهوية الفلسطينية وتجهيل وإفقار المجتمع الفلسطيني، فيخضع للتحريض ويتبنى الأكاذيب والخطاب الإسرائيلي المزيف، تبريراً للتقاعس عن نصرة الحق والحقيقة.
وشدد السفير سعيد أبو علي، أن الأمانة العامة لجامعة الدول العربية تؤكد دعمها المطلق للموقف الفلسطيني في مواجهة مخططات استهداف المناهج التعليمية الفلسطينية، ورفض كل المحاولات والضغوط السياسية والمادية التي تتعرض لها السلطة الفلسطينية في مواجهة تلك الضغوط، وتؤكد على أهمية الاستمرار في توفير الدعم العربي والدولي للعملية التعليمية في فلسطين والعمل على رفع المعاناة عن الطلبة الفلسطينيين ودعم صمودهم، في المواجهة والتحدي لإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.
وأكد "أبو علي" أن أعمال هذه اللجنة تساهم بشكل فعال في التصدي لمحاولات تدمير العملية التعليمية التي تمارسها إسرائيل (القوة القائمة بالاحتلال) تجاه أبناء الشعب الفلسطيني، بما يسهم في تحقيق تقدم المسيرة التعليمية وتحسين جودة التعليم للفلسطينيين وضمان جودة التحصيل العلمي لهم، ليقفوا بصلابة أمام كل محاولات الإحتلال وممارساته، وليتمكنوا من بناء دولتهم المستقلة.