كتب: شادى عبدالعال
بعد طول نوم فى العسل، فجأة تذكرنا المشكلة السكانية، والتهديد بالانفجار السكانى، ,احدث تصريحات رسمية تشير إلى أن برنامج تنظيم الأسرة، الذى ينفذه قطاع تنظيم الأسرة والصحة الإنجابية، يستهدف ما يقرب من 15 مليون سيدة فى سن الإنجاب، لرفع الوعى لديهن لتبنى مفهوم الأسرة الصغيرة حفاظاً على صحة الأم والطفل والإسهام فى تنمية الدولة.
هذا ما أعلنه الدكتور أحمد عماد الدين راضى، وزير الصحة والسكان، فى حين أضافت رئيس قطاع تنظيم الأسرة والصحة الإنجابية بالوزارة الدكتورة سعاد عبدالمجيد، أن القطاع المسئولة عنه، يعمل الآن على تنفيذ عدد من المبادرات المستحدثة خلال المرحلة المقبلة، لكنها أكدت أن هذا يأتى استجابة لتوصيات الرئيس واهتمامه بمواجهة مشكلة الزيادة السكانية، أو الزيادة السكانية التى تمثل تحدى خطير يواجه الدولة المصرية ويعيق من معدلات النمو والتنمية.
على الجانب النظرى يمكننا تعريف المشكلة السكانية على أنّها عدم التوازن بين عدد السكان والخدمات والموارد المتاحة، حيث يرتفع معدل الزيادة فى السكان عن الزيادة فى الناتج القومى ويخصم الفرق معدل التنمية المطلوبة، فيؤثر على الموازانة العامة للدولة، ويخصم من الاعتمادات الموجهة للعديد من البنود المهمة بداية من بنود الدعم إلى الميزانيات الموجهة للصحة والتعليم وغيرهما، من بنود الاستثمار التراكمى.
وتشير أحدث الإحصاءات إلى أن عدد سكان مصر فى الداخل والخارج، قرابة (100) مليون نسمة، ولا تتوقف الساعة السكانية التى تعتلى واجهة الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء عن إعلاننا كل ثانية عن إضافة مواليد جدد يحتاجون خدمات ومرافق واعتمادات جديدة، ويمثلون أعباء إضافية على مرافق الدولة.
السكان والنمو
يقول رئيس تحرير الأهرام الاقتصادي السابق الدكتور سالم وهبي لـ « دار المعارف » إن معدل الزيادة في عدد السكان في مصر يصل سنويا إلى2,3% ومعدل الزيادة هذا يقابله زيادة فى معدل النمو - في السنوات السابقة بعد ثورة يناير- 1,8% فان معدل النمو كان سالبا نجحت الحكومات المتعاقبة في عهد الرئيس السيسي أنها ترفع معدل النمو إلى 4,5 إلى 5 % بالتالي أصبح معدل النمو الصافي بعد حذف معدل السكان يصل إلى 3 %كلما زاد عدد السكان كلما تاكلت معدلات النمو وكلما أدى ذلك إلى الضغط على الأسواق وارتفاع الأسعار لأن الزيادة السكانية تتطلب توفير خدمات خاصة بالتعليم والصحة والإسكان وكل هذا يؤدي إلى ضغوط على هذه المسألة ويؤدي إلى ارتفاع في الأسعار وأن الزيادة السكانية اذا لم تكن على مستوى من التعليم والصحة فإنها تشكل عبئا كبيرا جدا على الموازنة وعلى الدولة وعلى المعروض من السلع والخدمات خصوصا إذا كان في دولة مثل مصر تعيش على مساحة لا تتجاوز 8% من مساحتها فإن ذلك يشكل عبئا كبيرا ويتطلب أننا نتوسع توسع أفقي في المساحة السكنية بحيث إننا نستوعب الزيادة السكانية السنوية.
وأكد وهبى أن عدد السكان في مصر تجاوز 100مليون وإذا استمر هذا المعدل في النمو السكاني خلال سنوات قليلة جدا سوف يصبح عدد السكان في مصر عبئا على أي حكومة قادمة وبذلك يجب أن نزيد في معدلات النمو في الناتج المحلي وفي الإنتاج وتخفيض معدلات النمو في السكان بما يتناسب مع احتياجات المواطن من رفع مستوى المعيشة وخدمات تليق بالمستوى الحالي لما يحتاجه المواطن.
مضيفا أن هذه المشكلة تحتاج إلى تضافر جهود الدولة والمواطن نفسه فالمواطنون عليهم دور وعبء كبير لكي يحافظوا على معدل النمو المناسب وفي نفس الوقت الدولة عليها عبء كبير جدا بأنها تقوم بتوفير برامج توعية للمواطنين بحيث لا يرتفع معدلات أكثر من هذا وتوفير الوسائل المناسبة لمقاومة هذه الزيادة وخصوصا إذا كانت الزيادة السكانية بين الطبقات محدودة الدخل أو الطبقات غير المتعلمة والتي تعاني في نقص من توفير الصحة أو التعليم ويؤدي ذلك إلى المزيد من الكوارث لأن الناتج من هذه الطبقات سيكون نوعية غير مطلوبة من السكان. والملاحظ أن الزيادة السكانية تكون من الطبقات الأقل تعليما والأقل وعيا والتي تبحث عن فرص عمل ومن هنا تأتي المشكلة الأكبر لأن الناتج من الزيادة السكانية يشكل عبئا أكثر منه إضافة للمجتمع وأيضا مطلوب من الدولة أنها تعطى حوافز هامة للأسرة التي تقوم بتنظيم نفسها والحفاظ على عدد مناسب من الأبناء.
مزايا
ونوه وهبى إلى أنه كان هناك بعض المقترحات الخاصة بإعطاء مزايا لعدد معين من الأطفال سواء الطفل الأول أو الثاني أو الثالث فقط وفيما عدا ذلك حرمان الأسرة من هذه المزايا وينتج عن ذلك أطفال غير متعلمة وتعاني من سوء الصحة وسوء الغذاء وأنه سيشكل المزيد من العبء عندما يظهر على المجتمع ولكن حقيقة تم رفض هذا المقترح من قبل المجتمع ومن قبل نواب الشعب على اعتبار أن الوليد أو الطفل ليس له ذنب وكما أكد أنه علينا أن نزيد من توعية الأسرة المصرية وخصوصا الطبقات الفقيرة لأنه بالفعل كل مزيد من الأطفال يشكل عبئا على الأسرة وعلى الأنفاق خصوصا في ظل ارتفاع الأسعار التي تعاني منه الأسرة المصرية الآن
الهيئات الدينية
وهناك دور هام جدا على الهيئات الدينية سواء الإسلامية أو المسيحية لتوعية المواطنين بأنه لا يوجد تحريم في فكرة تنظيم النسل وفي الحفاظ على عدد الأسرة وأن المواطن النافع لمجتمعه هو الذي يتمتع بقوة بدنية جيدة وصحة جيدة وتعليم جيد هو المواطن الصالح الذي تبحث عنه الأديان والذي تؤيده الأديان السماوية وبالتالي فهذه دعوة من كل الأديان في الحفاظ على الصحة ونحتاج من رجال الدين المزيد من التوعية.
ومناهج التعليم
وكذلك مناهج التعليم لا بد من أن يدرج في المناهج للأطفال فكرة الأسرة الصغيرة التي تتمتع بمميزات كبيرة والعكس الأاسرة الكبيرة التي لا تجد ما تتمتع به من مميزات نظرا للعدد الكبير داخلها وأن قوة الأسرة لا تعتمد على العدد ولكنها تعتمد على نوعية المواطن وما يتمتع به من صحة جيدة وتعليم .
إدارة الزيادة السكانية
وفى نفس السياق أوضح الخبير الاقتصادي، الدكتور وائل النحاس لـ "دار المعارف" كيفية إدارة الزيادة السكانية، وضرب العديد من الأمثلة بدول مثل الصين وباكستان والهند، وكيف استفادت هذه الدول من الزيادة السكانية الموجودة لديها واستغلال القوة البشرية وتحويل السكان إلى قيمة مضافة «كيفية إدارة الشعوب» وأن الهدف الذي نسعى إليه أان يكون كل مواطن له هدف في الناتج المحلي وله دور في المجتمع عن طريق تدريب العمالة وتشجيع الصناعات اليدوية داخل البيوت وتحدث عن تجربة الجزائر في التعامل مع مشكلة الزيادة السكانية باستغلال مخلفاتهم بتوليد الغاز الطبيعي.
وعن الآثار السلبية الناجمة عن المشكلة السكانية، قال النحاس إننا يمكن أن ندرجها فى الآتى:
1- تؤثر على انخفاض الدخل القومي وتدني مستوى المعيشة.
2- عدم الكفاية في الإسكان والمدارس والمستشفيات والغذاء والبنية الأساسية ككل.
3- انخفاض المستوى التعليمي وضعف في الإمكانيات التعليميّة.
4- ازدياد نسبة الأميّة في مصر.
5- انتشار العشوائيات الإسكانية.
6- انخفاض في الرقعة الزراعية نتيجة الكثافة السكانية والعمران.
7- ازياد مستوى البطالة والفقر انتشار الأمراض والأوبئة نتيجة عدم كفاية المرافق الصحية.
8- امتصاص جميع عائدات الإنتاج والتنمية
الحلول
وعلى ضوء ذلك طرح النحاس بعض «الحلول» والتي يمكن أن تقلل من التداعيات السلبية للمشكلة السكانية في :
1- العمل على خفض معدلات النمو السكاني خلال السنوات القادمة وذلك بالتنسيق بين الأجهزة المسئولة عن تنفيذ السياسات السكانية وتفعيل دور أجهزة الاتصال الجماهيري في تبني مفهوم الأسرة الصغيرة .
2- تفعيل دور برامج التنمية وبصفة خاصة ما يتعلق منها بالتنمية البشرية بالاهتمام بتحسين جودة التعليم والصحة العامة ومقاومة ظاهرة التسرب.
2- تعزيز مكانة ودور المرأة في الحياة الاجتماعية والسياسية لتقوم بدور أساسي في التوعية بمدي خطورة المشكلة السكانية على أفراد المجتمع. بالإضافة إلى ذلك يبرز مدى أهمية تفعيل مشروعات التنمية الاقليمية لتحقيق التوظيف الاقليمي لمواطني الأقاليم الاقتصادية وتقليل حجم الهجرة الوافدة إلى الأقاليم الأخرى.
4- تحسين الخصائص البشرية للسكان وذلك من خلال تفعيل البرامج الخاصة بالصحة العامة والتعليم والبرامج الثقافية فضلا عن توفير فرص العمل للارتقاء بمستوى معيشة الأفراد الأمر الذي يسهم في زيادة الدخول الحقيقية للأفراد.
وختم النحاس بالقول أن مواجهة المشكلة السكانية ليست الدولة بمفردها ولا مسئولية وزارة بعينها بل هي مسئولية تضامنية بين كافة أطراف المجتمع المواطن والدولة
ويأتي التصدي الحقيقي لهذه المشكلة من خلال التوعية و العمل على الاستمرار في خفض معدلات النمو السكاني وتحقيق الاستخدام الأمثل لتوظيف الموارد البشرية المؤهلة لتلعب دورا هاما في تغيير الثقافة الاجتماعية للأفراد بحيث يسود مفهوم الأسرة الصغيرة.