الربيع رحيمة إسماعيل يكتب: تجاوز تأثـير الكـونكـورد.. لم يمضي الكـثير !

الربيع رحيمة إسماعيل يكتب: تجاوز تأثـير الكـونكـورد.. لم يمضي الكـثير !الربيع رحيمة إسماعيل يكتب: تجاوز تأثـير الكـونكـورد.. لم يمضي الكـثير !

* عاجل5-6-2018 | 23:01

كنت مدعوا للعشاء مع أحد أصدقائي والذي بدا لطيفا بشأن الوجبة حين ترك أمر إختيارها لصديقته الهندية "من ذوقك كدا " ولكن بكل أسف وبرغم سعرها الباهظ لم تعجبني  الوجبة و لا حتى هو، وحين كنا نتهامس أخبرته بنيتي في التوقف عن الأكل، فرد عليَ مستنكراً : "لا يا أخي، فقد دفعت الكثير في هذه الوجبة!" ضحكت في سري وقلت: تلك مغالطة التكلفة الغارقة أو ما يسمونه "بتأثير الكونكورد ".

وحمدت ربي حين لم يهتم أيَ منهم  بسؤالي عن ما يسمى بـ "تأثير الكونكورد" لكن لا بأس بأن أتناوله معك عزيزي القارئ في السطور التالية بشرحٍ وافٍ.

بالعام 1976 دخلت الشريكتان بريطانيا وفرنسا مشروع لصناعة الطائرة الخارقة لسرعة الصوت "كونكورد oncorde"وظل هذا المشروع يفشل مرةِ تلو الأخرى حتى توقف بالعام 2003، أما استمرار الشريكتين على هذا المشروع طيلة هذه المدة لم يكن نابعاً سوى من أن المشروع قد ضـَخ عليه الكثير من الأموال و بالتالي لا يمكن أن يتوقف وكانت الخسائر بطبيعة الحال تزداد بين كل حينٍ و آخر.

هذه المغالطة الفكرية نعايشها  على مستوى المؤسسات بل وحتى على المستوى الشخصي، فكثير من المشاريع نجد أنفسنا مصرون على المضي فيها ليس لأي سبب سوى أننا قد أنفقنا عليها الكثير، سواء كان وقتاً أو مادةً.

فأحد الرفاق والذي كان يبدو متزمتاً وناغماً على تخصصه الجامعي، حين ســألته: "لماذا انت مستمر في الدراسة بهذا التخصص برغم مقتك له ؟ لم تكن لديه سوى إحابة واحدة " أنا بالمستوى الثاني الآن ، فكيف لي أن أتوقف!

كمثال آخر على معايشة هذه الظاهرة في حياتنا اليومية نجدها في العلاقات ما بين البعض ف أحدهم علاقته الزوجية تشوبها تشوبها الكثير من المشاكل من قبل الطرف الآخر و حين سؤل عن استمراره في هذه العلاقة بالرغم من عدم وجود معنىً لإسـتمرارها رد " بأنه انفق الكثير من المشاعر على هذه العلاقة، وسيكون من غير الموضوعي التوقف عنها أو إنهائها .

إن محاولة إتخاذ أي قرارٍ منَا تجاه هذا النوع من المشاريع  التي نكون قد أنفقنا عليها الكثير من الوقت والمال يقع أسير هذه المغالطة "كونكورد" مما يجعل المضي قدماً على هذا المشروع أكثر إحتماليةً من التوقف عنه.

لكن المثير للدهشة أن الإستمرار بهذه الصورة لا يؤدي إلا للمزيد من الخسائر سواء على المستوى الشخصي أو على مستوى المؤسسات الكبرى. والشريكتين نموذجاً .

أخيراً تذكر عزيزي القارئ تذكر أن هناك العديد من الأسباب تحثنا على الإستمرار في مشروع ما، ولكن كن صريحاً مع ذاتك  فإن تقلصت لديك هذه الأسباب ولم يصبح هناك أي سبب سوى أنك قد أنفقت الكثير من الوقت والجهد، هنا يجب عليك التوقف فوراً. و تذكر، لم يمضي الكثير !

ومن الطرائف أن الكاتب السويسري "رولف دولبي" كان يشاهد فيلماً مع زوجته و منذ البداية كان واضحاً أن الفيلم لم يعجبهما معاً، فهمس في أذنها  : "هيا نعد إلى المنزل" فردت عليه غاضبةً : " بالطبع لا !!! فنحن لم ندفع 30 يورو في السينما كي تضيع سدىً "

أيضــــاً مغالطة تكلفة غارقة "كونكورد" ، أليس كذلك!

أضف تعليق

حكايات لم تنشر من سيناء (2)

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2