شعر المصريون بأن الوطن مختطف، وأن مؤامرة تُحاك ضد الدولة الوطنية باستهداف كل مفاصل الدولة لسيطرة عناصر التنظيم الإرهابي عليها.
كانت أكبر محاولة لأخونة مؤسسات الدولة، وانشغل التنظيم ومكتب إرشاده بهذا الملف ظنًا منه أنه قادر على إدارة الدولة لأكثر من 500 سنة، حسب حديث نائب المرشد بأن الجماعة قَدِمت إلى حكم مصر لتظل كل تلك الفترة.
ضربت الأزمات المتلاحقة أركان الدولة المصرية؛ ورفض التنظيم الإرهابي الاستماع لأي صوت سوى أصوات مؤيدويه الذين اعتبروا أن وصولهم إلى السلطة لا عودة عنه قبل خمسة قرون.
كان الشارع يئن من أزمات متلاحقة خاصة أزمة الوقود التي ضربت العديد من القطاعات، وكذا هروب رءوس الأموال بشكلٍ لافت للنظر، وانهيار فى التصنيف الائتماني للدولة المصرية، وانخفاض غير مسبوق فى احتياطي النقد الأجنبي.
ذكرت مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية تقريرًا مطولاً رصدت فيه الأخطاء الكبرى لمرسي التي دمرت مصر، بحسب وصف المجلة.
ووضعت عنوانًا لتقريرها «عليكم بِلَوم مرسي فهو من دمّر مصر فى 369 يومًا»
«أعده Michael Wahid Hanna الذي قال: «إن 30 يونيو 2013، كان يومًا كارثيًا لشرعية وسياسات مرسي، وهو اليوم الذي أثبت أن قدرة رجل الإخوان المسلمين على حكم مصر تراجعت بشكل كبير بالنظر إلى اتساع رقعة الاحتجاجات ضد سياساته، إلا أنه وبالعودة إلى اللحظة التي انتخب فيها مرسي رئيسًا لمصر، ورغم الإرث الاقتصادي والسياسي والاجتماعي الذي تركه النظام السابق، فقد كانت له بعض الخيارات، التي من شأنها تفادي ما وقع، غير أنه اختار الأسوأ».
وذكرت «فورين بوليسي»، «أن مرسي اختار أن ينتصر لجماعته، ولجأ إلى خطاب شعبوي غايته الاستقطاب السياسي، وخلق حالة من عدم الثقة أدت إلى شلل مصر عن الحركة، فلم يدرك مرسي أن المعارضة المجتمعية لها دور فى بناء الديمقراطية، بل سعى إلى تقزيمها وتشويهها».
وأوضح التقرير الذي نشرته المجلة عقب إطاحة الشعب بمرسي «قبل خروج المتظاهرين إلى الشوارع فى الثلاثين من يونيو، كانت وعود الرئيس غير قابلة للتحقق، وطريقة محاورته لخصومه السياسيين تنم عن نوع من التعالي، ليتسبب فى إهدار فرصة التوافق السياسي فى وقت مناسب، ويضع مصر على حافة الحرب الأهلية والصراع العنيف بين مختلف الأطراف».
التقرير الذي عرضته «فورين بوليسي» الأمريكية، استعرض جانبًا من الحالة الكارثية التي كانت عليها الدولة المصرية بعد أن استطاع التنظيم الإرهابي أن يدفع بها باتجاه اللا دولة.
محاولات مستميتة من قبل أنصار التنظيم والتنظيمات الإرهابية الأخرى الموالية له لهدم الشرطة وصناعة الميليشيات المسلحة بديلاً، والتي بدأت بدعوى تطهير الشرطة، والحقيقة هي استهداف وزارة الداخلية واستبدالها بالميليشيات المسلحة الأمر الذي رفضه المواطن المصري مدركًا خطورة المخطط الشيطاني، وحرص وزير الدفاع فى ذلك الوقت الفريق أول عبد الفتاح السيسي على تفويت الفرصة عليهم، فواصل دعم الشرطة لاستعادة الأمن الداخلي، وإعادة بناء الأقسام التي تأثرت من عمليات التخريب الممنهجة من قبل عناصر الجماعة الإرهابية عقب أحداث يناير 2011.
(1)
بعد مرور 10 سنوات على استرداد الشعب المصري لوطنه فى 30 يونيو 2013 علينا أن نتوقف مع تلك الأحداث، فى ظل محاولات بعض من عناصر التنظيمات الإرهابية والموالين لها ممن يحاولون القفز دائمًا على المشهد ويجيدون السطو على مقدرات الأوطان، أن يروجوا لما يسمّونه بالمصالحة، متناسين أن الشعب المصري لن يصالح من لطخت أياديهم بدماء أبناء هذا الوطن أو من عملوا على تقسيمه وإشعال حرب أهلية بعد أن دعموا من حملوا السلاح فى وجه الشعب المصري.
وهنا علينا أن ننطلق من البداية لنتعرف بعد مرور عقد من الزمان، على ثورة الشعب المصري كيف كانت تفاصيل المشهد الكارثية التي لو استمرت وفق الاتجاه الذي حدده التنظيم الإرهابي ومعاونوه، ووفق ما حددته قوى الشر ومكتب الإرشاد، لكان الوضع فى مصر الآن كارثيًا.
وأنا هنا أعني الكلمة بكل ما تحويه من معنى، فلن تكون مصر، سوريا أو ليبيا أو اليمن أو غيرها من الدول العربية التي ضربتها الأحداث فى 2011 وما بعدها، بل كان الأمر سيكون أكثر سوءًا مما شهدته تلك الدول، فالدولة المصرية كان مخططًا لها التقسيم إلى 4 أقاليم، بل إن التنظيم الإرهابي وبحسب الوثائق الأمريكية والتي تمت مساءلة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما بشأنها فى يوليو 2013 بعد أن منح تنظيم الإخوان الإرهابي 8 مليارات دولار للتنازل عن 40% من مساحة سيناء.
طالب الكونجرس الأمريكي أوباما بضرورة استرداد المبلغ، لينكشف حجم المخطط الذي استهدف به التنظيم الإرهابي بيع جزء من سيناء.
لم يكن هذا هو المحور الذي تحركت عليه الجماعة فقط بل إن الدولة المصرية فى الوقت الذي كان يعاني فيه المواطن من نقص حاد فى الوقود، كانت الجماعة الإرهابية وعناصرها فى سيناء تنقل كميات ضخمة منه إلى غزة، ورغم كشف بعض وسائل الإعلام للأمر فى مارس من عام 2013 إلا أن التنظيم الإرهابي ومعاونيه لم يلقوا لذلك بالاً، فكانت سيارات نقل الوقود تتجه إلى سيناء بشكل رسمي على أنها تنقل الوقود لمحطات البنزين فى شمال سيناء، لتفرغ نصف الكمية من البنزين أو السولار فى تلك المحطات ثم تنقل النصف الآخر إلى مخازن مجهزة تحت الأرض فى قرية المهدية ـ رفح، لتنقل تلك الكميات إلى صهاريج مجهزة فى قطاع غزة تصل سعتها التخزينية إلى 50 ألف لتر للصهريج الواحد.
(2)
بلغ حجم ما تم تهريبه بحسب بيان وزارة البترول فى عهد مرسي إلى 380.5 مليون لتر سولار، و52.1 مليون لتر من البنزين فى الفترة من يونيو 2012، وحتى مايو 2013.
فى الوقت ذاته كانت أزمة المواد البترولية تضرب الشارع المصري بعنف وأثرت بشكل كبير على المواطن فأصبح الحصول على البنزين والسولار يتم من خلال السوق السوداء، ومشهد الطوابير الممتدة أمام محطات البنزين هو السائد، وكذا أزمة البوتاجاز التي راح ضحيتها أكثر من 9 أشخاص فى محافظات مختلفة خلال مصادمات للحصول على أنابيب البوتاجاز.
كما بدأت شركات البترول الأجنبية الخروج من السوق المصري بعد أن وصلت مستحقاتها إلى 6.3 مليار دولار خلال عام 2013، مما أثر بشكل سلبي على الإنتاج، واستطاعت الدولة المصرية أن تقوم بسداد المبلغ بعد ثورة 30 يونيو 2013 وعلى مدى 7 سنوات لتعلن فى 2020 سداد كل مستحقات الشركات الأجنبية فى قطاع البترول.
كما أن العمليات التي قامت بها القوات المسلحة عقب ثورة 30 يونيو فى سيناء كشفت عن 150 بيارة لتخزين المنتجات البترولية بالقرب من الشريط الحدودي بشمال سيناء للمنتجات البترولية ونقلها إلى غزة رغم الأزمة التي كان يعاني منها المواطن المصري، وهو ما يدلل على أن الجماعة لم تكن تكترث للمواطن لكنها تهتم بشكل أساسي بالمشروع الخاص بها.
لمَ لا ومرشد الجماعة هو من قال إن الوطن ليس سوى حفنة من تراب عفن فهم لا يؤمنون بالأوطان.
أعود إلى أزمة المواد البترولية والتي تسببت فى خروج معظم محطات الكهرباء من الخدمة بسبب عدم توافر الوقود اللازم لها وهو ما أثر سلبًا على توافر الخدمة، وحدوث عجز كبير فى الكهرباء بلغ 6000 ميجا وات عام 2014، وهي الأزمة الأكبر فى الطاقة الكهربائية مما أثر على إنتاج المصانع والمستشفيات، بل أصبح شراء مولدات الطاقة الكهربائية سمة أساسية، للتغلب على الأزمة من قبل المواطنين وارتفعت أسعار تكلفة الطاقة، وأرجع مرسي أزمة الكهرباء فى أحد خطاباته الرسمية إلى ما أطلق عليه عاشور؛ والراجل المسئول عن رفع سكينة الكهرباء مقابل 20 جنيهًا.
لقد كانت أزمة الطاقة إحدى الأزمات التي كشفت سوءة التنظيم الإرهابي فى إدارته للدولة.
كما كانت كاشفة أيضًا عن ولاء الرئيس للتنظيم الإرهابي ومكتب الإرشاد، وليس للدولة التي أقسم على أن يحافظ على مقدراتها.
إن الطريق إلى 30 يونيو بدأ عقب الـ 100 يوم المزعومة والتي كشفت مخطط التنظيم الإرهابي لاختطاف الدولة؛ فكان التحرك الشعبي لاسترداد الوطن.
أواصل فى العدد القادم معكم تفاصيل الطريق لتحقيق إرادة شعب.
هنا القاهرة
نهاية الأسبوع الماضي احتفلت الإذاعة المصرية بعيدها الـ 89 وخلال تلك الفترة استطاعت أن تؤثر فى وجدان الشعب المصري وكل الشعوب العربية والشعوب الناطقة بلغة الضاد، كانت بمثابة أقوى أسلحة الدولة المصرية وقوتها الناعمة المؤثرة فى الداخل والخارج.
لقد كانت ولا تزال كلمة «هنا القاهرة» عبر الأثير تجعل الجميع ينتبه، وخلال الفترة الأخيرة تشهد الإذاعة المصرية مرحلة حراك وتطوير برامجي غير مسبوقة تستعيد بها مكانتها، وفق استراتيجية متكاملة وضعها رئيس الإذاعة، الإذاعي القدير محمد نوار.
فـتحية للمبدعين من أبناء الإذاعة المصرية فى عيدهم.