العمل التطوعي بداية العلاج

العمل التطوعي بداية العلاجحسين خيرى

الرأى10-6-2023 | 08:32

إذا ظهرت الكراهية فى أي مجتمع فلابد أن يقلق الجميع، ويصاحب ظهورها بعض الأعراض، أولها زيادة فى أرقام الجريمة، ثانيا انتشار المشاحنات بين الأشقاء والجيران، ثالثا شيوع عبارة "أنا مالي" بين الناس، والمؤشر الرابع ظهور نعرات تصنيف فئات المجتمع على أساس العقيدة واللون والثروة، وتسمي بالعنصرية، وتزحف فى البداية بشكل مستتر ورويدا رويدا تسفر عن وجهها الذميم.

والمجتمع الأمريكي أبرز مجتمع تتوافر فيه تلك العلامات، والحوادث الدالة عليها ومنها جرائم إطلاق النار أمام المدارس وبداخلها وقتل المواطنين السود، ويلحق فى ركابه المجتمعات الغربية، غير أن درجات هذه الأعراض تتباين من مجتمع لآخر، ولا يعني أن باقي المجتمعات فى منأى عن عوامل الكراهية.

والشاهد على ذلك فى السنوات الأخيرة ارتفاع نبرة التقسيم القبلي والجهوي والطائفى فى عدد من المجتمعات العربية, وتدور بين رحاها حروب طائفية أقرب للإبادة، وهو ناتج عن تعنت وإصرار فئات معينة على ممارسة الكراهية، مما سيدفع البعض فى النهاية إلى القفز، ظنا منه أنه قد ينجو بنفسه حين يغرق الجميع.

وتكمن بداية مسيرة العلاج فى نشر ثقافة العمل التطوعي، ويعد الدواء السحري للقضاء على الكراهية، ومن آثاره أن يجعل الناس أكثر تواضعا، ويزرع فى نفوسهم التراحم، والشعور بألم الآخرين، وهو بدوره يدعم السلام بين طوائف المجتمع، ويعزز مساعدة الغير الإحساس بالتضامن وكأنهم شخص واحد، ويؤدي إلى بناء ثقة مجتمعية، يحصل المشاركون فى أعمال الخير على تقدير من الجميع، ومن جهة أخرى يمحو الشعور بالتفرقة بين طرفى العمل التطوعي سواء بين المشارك وذوي الحاجة.

والمنوط على الشخصيات البارزة فى المجتمع توفير الوسائل المادية والمعنوية كافة لتفعيل مبادرات العطاء للفئات الأكثر احتياجا، ونشر ثقافة التوافق المجتمعي عبر المنابر والأبواق الإعلامية، وتعني بصورة أكثر دقة دعوة لمختلف فئات المجتمع لإجراء حوار والتفاعل فى برامج -تخدم تنمية المجتمع.

وتخبرنا "تريستين إناغاكي" عالمة طب الأعصاب بـ جامعة سان دييجو أن الترابط الاجتماعي وأعمال الخير تحفز دوائر الإثابة فى الدماغ، كشعور الإنسان بالسعادة فور حصوله على مكافأة مالية، ويشارك علماء النفس نتيجة إناغاكي، ويقولون إن العمل التطوعي يخفف التوتر العصبي، وذلك من خلال إفراز الدماغ لهرمون "الأندوروفين" عقب الإحسان للآخرين، وهو هرمون الشعور بالراحة النفسية.

ويضيف علماء النفس حقيقة أنه عند مساعدة الآخرين، فإن فئات المجتمع تستفيد من ذلك من حيث لا تشعر، والسبب أن مساعدة الأشخاص اليائسين من صعوبة حل مشاكلهم تقلل لديهم الإحساس بالتشاؤم والعدوان والأفعال القتالية، وعند قراءة مقدمة العلامة ابن خلدون، نلاحظ تركيزه على مصطلح العمران، الذي يشمل معاني متعددة تكسبه قوة وأهمها توفير الأمان للإنسان حتى يستطيع تأسيس مجتمع مستقر.

أضف تعليق