قال د. علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، إن الإيمان بالوحي من أهم السمات التي تفرق بين المسلم وغيره في العصر الحديث، موضحا كيف سعى الفلاسفة والمفكرون من أبناء الحضارة الغربية لإنكار قضية الألوهية والوحي، وعلمنا شدة العلاقة بينهما، وفي هذه المرة نرى مدى تأثير هذا المنحى الفلسفي على ثقافتنا العربية والإسلامية.
الوحي الإلهي للأنبياء
وتابع علي جمعة من خلال صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”: لقد حاول بعض مثقفينا -ممن ذهب إليهم واعتمدهم مصادر لمعرفته- أن يدعو المسلمين إلى إعادة النظر في قضية الإيمان بالوحي إلا أن المسلمين نظروا إلى وحيهم وإلى كتابهم فوجدوه منزها عن التحريف، ونظروا إلى أوامر الله ونواهيه فوجدوها خالية من الكهنوت وعبادة المخلوقين، ونظروا إلى الإسلام في جملته فوجدوه دينا يدعو إلى السعادة الأبدية في الدنيا والآخر، فلم يزدد المسلم بإعادة النظر إلا إيمانا بالوحي.
وأضاف: اضطرب فريق آخر فتكلم كلاما لا معنى له ينكر في أوله الوحي ويثبته في آخره فلا تعلم ماذا يريد أن يقول، ولا حل لعلاج ذلك الاضطراب في فكر المسلمين وأحوالهم إلا بالرجوع إلى منابع الوحي الصافي ونجدد الإيمان به.
وأشار علي جمعة إلى أن المسلم يعلم أن الله سبحانه وتعالى أوحى لأنبيائه ورسله عبر التاريخ بالتوحيد وأمرهم فيها بالبلاغ وأمرهم بعمارة الأرض وأمرهم بتربية الإنسان وأمرهم بأن يتفاعلوا مع تلك الأكوان وأمرهم فيها بكل خير لهم وجعل لكل منهم شرعة ومنهاجا.
ولفت إلى أن الله اصطفى من عباده الأنبياء وخصهم بالوحي قال تعالى : ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ﴾ [الشورى :51]، فكان الوحي الإلهي للأنبياء على ثلاثة أشكال :
الأول : أن يوحي إليهم بإيصال الكلمات والأوامر والنواهي مباشرة إلى قلوبهم وقد يكون ذلك بالرؤيا أيضا فهذا الشكل هو كلام الله لنبيه مباشرة.
والثاني : أن يكلم الله نبيه من وراء حجاب كما كان حال موسى عليه السلام.
والثالث : أن يرسل ملك الوحي وهو جبريل عليه السلام إلى أنبيائه فيوحي إليهم ما يشاء من شرائع سبحانه.