30 يونيو.. مصطفى بكري يكشف تفاصيل 10 أيام هزت مصر

30 يونيو.. مصطفى بكري يكشف تفاصيل 10 أيام هزت مصرمصطفى بكرى

10سنوات مرت على أعظم ثورة في تاريخ مصر بل في مسيرة الإنسانية.. ثورة وصفها المؤرخون بأنها أكبر طوفان بشري خرج ليطيح بأحد الأنظمة الفاشية الاستبدادية.. إنها ثورة 30 يونيو، التي خرج فيها أكثر من 33 مليون مواطن مصري يطالبون بزوال حكم الجماعة الإرهابية التي جمعت بين الفاشية الدينية والاستبداد السياسي، التي اختطفت عبر التنظيم الدولي للإخوان، ثورات الربيع العربي في المنطقة وحولتها بدعم من مخابرات غربية إلى خريف الفاشية والظلام والاستبداد..

أحداث عديدة ومتشابكة أدت إلى اندلاع ثورة 30 يونيو 2013؛ لاستعادة الوطن وتصحيح مسار ثورة 25 يناير 2011 «المختطفة» من الجماعة الارهابية.. أحداث لم تبدأ منذ 10 سنوات فقط، ولم تنته بسقوط «حكم المرشد».. بل إن ما خلف الكواليس وما دار في المكاتب المغلقة يحمل العديد من الأسرار وأكثر بكثير مما شهدناه جميعا وعشنا أحداثه.

ولذا وفي احتفال خاص بمرور 10 سنوات على ثورة 30 يونيو المجيدة، وفي محاولة لرؤية الصورة بشكل أشمل والغوص في العديد من التفاصيل والأسرار، استضاف «صالون مجلة أكتوبر وبوابة دار المعارف» الصحفي الكبير والإعلامي البارز النائب مصطفى بكرى؛ ليفتح لنا خزانة أسراره والصندوق الأسود للجماعة الإرهابية وتنظيمها الدولي، ويدلي بشهادته عن ثورتي 25 يناير و30 يونيو..

نحو 120 دقيقة، جرى فيها الحديث مع الكاتب الصحفي والبرلماني مصطفى بكري، عن تفاصيل الأيام العشرة الأخطر في تاريخ مصر المعاصر، وما سبق وتلا هذه الأيام، التى غيرت بالفعل مجرى حياة المصريين من النقيض إلى النقيض، وكواليس الحوار والخلاف والصراع بين الشعب والثورة والجيش من جانب وبين الإخوان والتنظيم الدولي وأجهزة مخابرات غربية من جانب آخر، وكيف كان وعي الشعب المصري هو محور هذا الصراع وراهن الجميع عليه فكان بالفعل الورقة الرابحة والحاسمة، التي انتصرت للوطن.

كما سيجد القارئ في هذا الحوار، الذي ننشره على جزأين، حديثًا ربما يسمعه لأول مرة عن العرض الذي تلقاه بكري للترشح لرئاسة الجمهورية وماذا طلب منه الفريق سامي عنان؟، وماذا كان رد المشير حسين طنطاوي على هذا الطلب؟، وسيجد أيضا حديثا عن المشير طنطاوي وسر رفضه كتابة مذكراته أو شهادته على الفترة التي قضاها في رئاسة المجلس العسكري وإدارة البلاد بعد تنحي الرئيس الأسبق حسني مبارك، والكثير من التفاصيل الأخرى في حوار يشهد ويؤرخ لأحداث كثيرة في غاية الأهمية.. أهمية اكتسبتها من نفس نسيج ثوب الأهمية التي اكتسبتها ثورة 30 يونيو.. ثورة «الشعب» التي أيدها وحماها «الجيش».

كيف ترى ثورة الثلاثين من يونيو ودورها فى الحفاظ على الوطن؟

ثورة الثلاثين من يونيو من الموضوعات المهمة التى يجب أن تكون نبراسا للأجيال القادمة لتعرف ماذا حدث لأننا نتعرض الآن لما يمكن تسميته بتزييف الحقائق وتشويه المعلومات والسعى المستمر إلى إظهار القتلة والمجرمين على أنهم ضحايا والحديث عن الشرعية واختصارها فى جماعة كانت دوما ضد الشرعية من الأساس ولا يمكن فصل الـ10 أيام الأخيرة التى أدت إلى ثورة 30 يونيو، فالأحداث جميعها مرتبطة بدءا من 25 يناير مرورا بالفترة الانتقالية التى تولى فيها المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شئون البلاد حتى وصول جماعة الإخوان إلى السلطة ثم تداعيات وصولهم للسلطة وما حدث.

ما هو ردك على المشككين فى أهمية الثورة وأسبابها الموضوعية؟

لا أظن أن ثورة 30 يونيو قامت بدون أسباب موضوعية أو أنها أرادت أن تختطف الحكم من جماعة تقول إنها جاءت بانتخابات حرة لكن بالتأكيد مفهوم الشرعية هو مصدره الشعب المصرى وليس جماعة بعينها وأن الجماعة التى تحكم أو الحاكم الذى يحكم يكتسب مفهوم الشرعية عندما يلتزم بما أعلنه من برنامج انتخابى سياسى وبمراعاته لمصالح الشعب الذى يمثله من هنا انحاز الجيش المصرى إلى ثورة الخامس والعشرين من يناير عندما وجد الشعب المصرى يخرج فى تظاهرات ضد نظام الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك وانحاز الجيش المصرى لمصالح المصريين لكثير من المواقف خلال فترة الإخوان عندما وجد الإخوان يسلكون طريقا معاديا لمصالح الشعب ومعاديا لمؤسسات الدولة المصرية وانحاز للشعب المصرى فى 30 يونيو باعتبار أن ثورة الشعب فى 30 يونيو كانت تعبيرا عن كل فئات المجتمع المصرى حتى أنه تم رصد 33 مليون مصرى خرجوا فى هذه المظاهرة وأعتقد أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى أدار البلاد فى الفترة الانتقالية برئاسة المشير محمد حسين طنطاوى كان صادقا وصادق الوعد عندما رفض الانجرار وراء أى صدام مع الجماعات الذين يقولون إنهم ينتمون إلى تيارات ثورية متعددة أو لجماعة الإخوان وبعض الحركات السلفية الجهادية التى أرادت الصدام مبكرا لجر المؤسسة العسكرية لهذا الصدام ثم السعى لتفكيك هذه المؤسسة كما حدث مع الشرطة المصرية فى 25 يناير 2011.

كانت هناك كواليس ولقاءات ما قبل الكشف عن نوايا الجماعة الخبيثة؟

أتذكر أن لقاءً جرى بينى وبين المشير محمد حسين طنطاوى فى 19 أبريل 2011 والحقيقة كان هذا أول لقاء يجريه المشير مع شخصية مدنية فى هذا الوقت واستمر اللقاء لمدة ساعة كان موجودا معنا اللواء حسن الروينى وكان قائد المنطقة العسكرية الجنوبية فى هذا الوقت وسألنى يومها المشير إيه رأيك الإخوان يحصلوا على كام فى انتخابات مجلس الشعب التى يمكن أن تتم فى هذا العام؟

وقلت له إن الاخوان أنفسهم قالوا من 25 إلى 35% وقلت له خلينا نصدق مقولتهم إلى أن يحدث العكس والحقيقة أن كافة رموز الجماعة الوطنية فى هذا الوقت لم تكن قد كشفت الإخوان ولا نواياهم، الإخوان ظلوا لفترة طويلة من الوقت سواء داخل البرلمان أو خارجه يتحدثون بمنطق المظلومية وأنهم ضحايا وأنهم مضطهدون وأن لديهم برنامجا سياسيا وأنهم لن يقصوا أى معارض إذا ما وصلوا للحكم وأنهم سيحافظون على كيان وثوابت الدولة المصرية وأنهم سينسون الأخونة لصالح الدولة.

كان هذا كلاما يقال وكان الكثيرون بل جميعنا نصدق أن هذا التيار ربما تكون له وجهة النظر التى نختلف معه فيها ولكن هم فى النهاية قد يكونوا تعلموا من التجارب التى مروا بها على مدى أكثر من 80 عاما فبالتأكيد ممكن يكونوا شركاء فى السلطة أو ممكن يكون لديهم البرلمان ودعهم يثبتوا صحة ما كانوا يقولون.

ولكن حقيقة سقط الإخوان فى أول اختبار حتى قبل أن يصلوا إلى الحكم وأضرب لذلك عدة أمثلة، المثال الأول عندما أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى 26 سبتمبر قانونا انتخابيا وحرص فيه المجلس الأعلى للقوات المسلحة على أن يكون دستوريا بمعنى المساواة ما بين المستقلين والحزبيين، فأصر الإخوان على إلغاء هذا القانون وجاءوا بقانون آخر ومعهم 26 حزبا فحذرهم اللواء ممدوح شاهين بأنه غير دستورى وسيحل مجلس الشعب لكنهم أصروا على ذلك واضطر المجلس الأعلى حتى لا يقع فى الصدام على الموافقة خاصة وأن معهم 26 حزبا سياسيا منها أحزاب كبرى مثل الوفد وغيره.

وبالفعل، أصر المشير على أن تجرى الانتخابات يوم 28 نوفمبر 2011 بقانونهم الذى عملوه وثبت بعد ذلك عندما صدر حكم من المحكمة الدستورية العليا فى
14 يونيو 2012 أن هذا قانون غير دستورى لتعارضه مع الإعلان الدستورى ولم يساو بين المستقلين والحزبيين وأعطى الفرصة للحزبى أن ينزل على القائمة وينزل فردى ولم يعط الفردى أن ينزل على القائمة وهنا حصل الاختلاف فى مبدأ المساواة.

وعندما أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكما بحل المجلس على هذا الأساس ثار الإخوان وقالوا إن هذا من فعل المجلس العسكرى وأنهم لا يريدون مؤسسة بعينها وحملوا الجنزورى مسئولية ما حدث وظلوا يقولون إن هذا معناه أنهم ضد الإخوان ولم يستمعوا بأى حال من الأحوال لكل النصائح التى قيلت فى هذا الوقت.

النوايا السيئة للإخوان وتناقضاتهم بين القول والفعل كيف ظهرت؟

عندما جاء محمد مرسى ووصل إلى السلطة كان أول هدف له إعادة المجلس المنحل وهذا أكد عدم المصداقية والتناقض فى الشعارات لأنهم كانوا يقولون إن الدولة تتدخل فى الانتخابات ويسقطون الإخوان وهذه أحكام غير قانونية وغير دستورية والدولة لا تنفذ أحكام القضاء ثم عندما أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكما باتا ونهائيا لا يقبل الطعن عليه لا يقبل الجدل والنقاش لم يقبلوه.

ثم كان الأمر الآخر عندما وصلوا إلى مجلس الشعب فى 23 يناير 2012 كان الإخوان والسلفيون يشكلون 70% من هذا المجلس ووظفوا المجلس لمصالحهم السياسية والانتقام من الجيش والشرطة فى هذا الوقت واستغلوا حادث بورسعيد وحملوه للشرطة وللجيش ثم بعد ذلك اخترعوا قانونا أسموه قانون العزل السياسى وتقدم به عصام سلطان وعمرو حمزاوى هذا الذى يقول إنه رجل ليبرالى ويدافع عن كذا وكذا وكانت هذه الفترة اختبارا للنخبة التى كانت تقول عن نفسها إنها تدافع عن حق الآخرين فكيف وهم يعزلون سياسيين وأعضاء المكتب السياسى للحزب الوطنى الديمقراطى وقيادات الحزب وكل من عمل مع مبارك دون أن تفرق ما بين أن هذا رجل الدولة وبين من صدر ضده حكم بأنه فاسد سواء سياسى فاسد أو اقتصادى فاسد فظهرت الازدواجية التى تعاملوا بها وكانوا يشتكون الاضطهاد فإذا بهم يمارسون الاضطهاد على الآخرين.

بعد إعلان نتيجة الانتخابات وتولى محمد مرسى السلطة كيف بدت سياسات الجماعة؟

محمد مرسى عندما وصل للسلطة كان هدفه فى البداية إسقاط الإعلان الدستورى حتى يسيطر على كل شيء ويتحكم فيه، فى البداية دعا مجلس الشعب لاجتماع يوم 10 يوليو وكنت عضوا فى البرلمان فى هذا الوقت وأعلنت استقالتى بمجرد صدور الحكم ولو رأيتم أسماء من ذهبوا خلف الإخوان وجلسوا فى مجلس شعب باطل لتوقفتم وتعجبتم أسماء ملء السمع والبصر يحدثوننا دوما عن الديمقراطية وعن احترام القضاء وهم الذين رفضوا حكم المحكمة الدستورية العليا فعقدت الجلسة واستمرت 12 دقيقة ثم قام محمد سعد الكتاتنى وأعلن فض الجلسة وانتهى الأمر.

فالمحكمة الدستورية قالت لهم إن ما تفعلوه باطل قالوا: سنذهب لمحكمة النقض فالنقض أيضا أقرت بعدم الدستورية.

هذا يكشف لنا إن الإخوان عندما تحدثوا عن القانون والدستور هم كاذبون بدليل أن فى 17 يونيو 2012 صدر إعلان دستورى من القوات المسلحة يمنع أى تيار سياسى من التدخل فى المؤسسة العسكرية أو عزل أى من أعضائها وهذا الإعلان جاء بمقتضى السلطة التى يمتلكها المجلس العسكرى فى هذا الوقت باعتباره سلطة تشريعية بعد حل مجلس النواب لكن للأسف محمد مرسى كان هدفه الأساسى كيف يلغى الإعلان الدستورى حتى يستطيع التدخل فى المؤسسة العسكرية وألغاه بالفعل فى 12 أغسطس عندما أقال المشير ورئيس الأركان وقادة الأفرع وبدأ يتدخل فى هذا الشأن.

الأمر الثالث أن محمد مرسى ظل قبل أن يؤدى اليمين الدستورية فى 30 يونيو 2012 بعد نجاحه بـ 24 يوليو ظل يرفض أن يؤدى اليمين الدستورى أمام المحكمة الدستورية وكان يصر أن يؤدى اليمن أمام مجلس الشعب لأنه دستورى وكان مجلس الشعب غير موجود فى ذلك الوقت ودعا أعضاء مجلس الشعب لميدان التحرير ووقف أمامهم يوم 29 يونيو وقال أنا أخاطبكم وأؤدى القسم أمامكم أعضاء مجلس الشعب وأدى القسم بالفعل وهتف من كان موجودا وهذا غير دستورى وعندما ذهب فى اليوم الثانى إلى المحكمة الدستورية العليا وكان يرفض هذا الأمر ولم يستجب إلا بعد إصرار المحكمة الدستورية العليا والتأكيد بأن ما قام به من قسم سيكون باطلا واشترط على المحكمة أن لا يعلن هذا القسم على الهواء مباشرة لحين الذهاب إلى جامعة القاهرة ويقسم أمام أعضاء مجلس الشعب الذين كانوا متواجدين فى ميدان التحرير فأصرت المستشارة تهانى الجبالى ومعها آخرين على ضرورة القسم فاضطر مرسى إلى القسم وأذيع ذلك على الهواء مباشرة.

كيف كانت خططهم لاختطاف الوطن وإسقاط رموز ومؤسسات الدولة؟

عندما ذهب مرسى إلى جامعة القاهرة حرّض محمد البلتاجى وآخرين على أن يهتفوا ضد الجيش وكان المشير وعدد من رجال القوات المسلحة قد تم دعوتهم للحضور.

الأمر الآخر هو الاستهانة بشيخ الأزهر لقد ظل واقفا يبحث عن كرسى بعد أن نزعوا اسمه من على المقعد الخاص به وأجلسوا بدلا منه محمد سعد الكتاتني، فاضطر الإمام إلى أن ينسحب ولم يفكر محمد مرسى أو أى من أعضاء الجماعة أن يرفعوا سماعة التليفون للاعتذار لشيخ الأزهر بل بالعكس كان بعد ذلك احتفال بالكلية الحربية لتخريج دفعة وعندما رأى مرسى فضيلة الإمام تخطاه وهو يصافح الحضور فى الصف الأول وهذا يكشف حقيقة هؤلاء الناس فى تعاملهم مع أى من يعارضهم وعدائهم الشديد للدستور والقانون وهم لا يعترفون بدستورية ولا قانون ولا محكمة نقض ولديهم محاكم أخرى فى دماغهم معروفة ونراها فى بلاد أخرى.

رويدًا رويدًا رأينا كيف تم الانتقام من المستشار عبد المجيد محمود فى 10 أكتوبر 2012 وتحويله إلى سفير فى الفاتيكان دون التشاور معه فعندما انتفض القضاة والمجلس الأعلى للقضاة اضطر أن يعود محمد مرسى عن قراره وجعله نائبا عام وعندما قابل أسعد الشيخة النائب العام قال أمام الجميع كلها شهر أو اتنين وهيمشى فى هذا الوقت وبعد أن انتهى اجتماع المجلس الأعلى للقضاء اجتمع محمد مرسى بالمستشار عبد المجيد محمود وقال له نحن لسنا ضدك ولكن يجب أن تتفاهم معنا وعندما استفسر المستشار عن كيفية التفاهم قال له مرسى أن تبلغنا قبل إصدار أى قرار فى أى قضية عايز تفتح ملف موقعة الجمل أو أى قضية كلمنى فقال له المستشار نحن كيان مستقل، ولا يصح ذلك قال له «بلاش تكلم رئيس الجمهورية كلم المستشار محمود مكي، قال لا الرئاسة ولا حتى مكى فحدث الخلاف».

ثم مضت الأمور فوجدنا نفس العداء بين السلطة القضائية فى 22 نوفمبر 2012 تلقيت معلومة أنه فى نفس اليوم سيطيحون بالمستشار عبد المجيد محمود وسيحاصرون المحكمة الدستورية العليا فذهبت مبكرا لأبلغ المستشار عبد المجيد محمود فكان عنده اجتماع فقابلت المستشار عدنان الفنجرى النائب العام المساعد والمسئول عن التفتيش القضائى فى النيابة العامة وكان معه المستشار مصطفى سليمان المحامى العام الأول لنيابات استئناف القاهرة فقلت لهم سيعزلون النائب العام الساعة السابعة وسيحاصرون المحكمة الدستورية وسيحاصرون النائب العام الساعة الرابعة.

بالفعل الساعة الرابعة حاصروا دار القضاء العالى وكان الأمن قد أبلغ المستشار عبد المجيد محمود قبلها بفترة وجيزة فغادر المستشار مكتبه وفى السابعة مساء جاء البيان الذى صدر من رئاسة الجمهورية فى هذا الوقت والذى بمقتضاه تم عزل النائب العام وتم منع المحكمة الدستورية العليا من ممارسة مهامها وفى اليوم التالى كان يوم جمعة ذهبت أنا والمستشار عادل السعيد إلى منزل النائب العام وكان عنده جمع كبير من رجال القضاء وقال وقتها المستشار عبد المجيد محمود إنه لن يسكت على هذا الأمر.

وكتبنا بيانا أنا والمستشار عادل السعيد وهشام واتفقنا على توزيعه فى اجتماع الجمعية العمومية للقضاة فى 24 نوفمبر وطبعنا البيان فى «الأسبوع» ثم أعطيته للمستشار أحمد الزند وكان اليوم التالى مهما جدا فى تاريخ القضاء المصرى فى هذا اليوم شعرنا أن نظام الإخوان بالتأكيد لن يستمر وكان المستشار عبد المجيد محمود موجود وتكلم عن موقعة الجمل ومن المسئول عنها وبدأنا نرى تدريجيا أساليبهم حيث حاصروا المحكمة الدستورية العليا ورفعوا شعار «اعطنا الإشارة نجيبهملك فى شكارة» وخرج محمد مرسى يتطاول على قضاة مصر، وفى هذا الوقت حصلت أحداث الاتحادية التى حدث فيها الهجوم على المتظاهرين السلميين حول قصر الاتحادية، رفض اللواء محمد زكى وكان قائد الحرس الجمهورى فى هذا الوقت أن يتصدى للمتظاهرين وأن يعتدى عليهم وحدثت أزمة بينه وبين محمد مرسى ورفض اللواء أحمد جمال الدين والفريق أول عبد الفتاح السيسي أى اعتداء ممكن أن يحدث على المتظاهرين ومضت الأمور تتداعى فى هذا الوقت فاضطر الجيش فى 8 ديسمبر 2012 إلى أن يصدر بيانا يحذر فيه كافة الأطراف المعنية من ضرب مؤسسات الدولة ويطلب من الجميع التوافق وأن يجلسوا على مائدة واحدة حتى يتوصلوا إلى حل للأزمة فتواصل الفريق أول عبد الفتاح السيسي مع مرسى لعقد اجتماع مع القوى الوطنية للوصول لحوار موضوعي، حتى تدخل الإخوان وألغوا هذا الحوار.

وكنا ذاهبين لنادى الدفاع الجوى فاضطرينا الرجوع مرة أخرى بعد أن حدد الميعاد وهذا يكشف أن محمد مرسى كان أداة فى مكتب الإرشاد لأن مكتب الإرشاد هو الذى اعترض على هذا الحوار بعد أن وافق عليه مرسى وصارت الأمور على هذا الشكل ورأينا تطاولا من جماعة الإخوان وخرج محمد بديع بتصريح قال فيه إن الجيش المصرى محترم ولكن العيب فى قياداتهم وأن قياداتهم فاسدة وهنا ثار الجيش وطلب القائد العام عبد الفتاح السيسي من محمد مرسى ضرورة أن يعتذر المرشد عن هذا الكلام واضطر أن يعتذر المرشد عن هذا التصريح وهو لم يقصد كذا وكان يقصد كذا صارت الأمور وخرج الدستور وتوقفنا أمام حدث مهم فى هذا الوقت كان فى 23 ديسمبر 2012 عندما أدرك القائد العام عبد الفتاح السيسي أن التواصل بين حماس وجماعة الإخوان وصل إلى أن الإخوان سيمنحون حماس أراضى فى سيناء حوالى 750 كيلو مترا فماذا يفعل الجيش والإخوان هم الذين يحكمون فأصدر القائد العام للقوات المسلحة بصفته وما لديه من تفويض قانونى يحرم ويجرم أى تملك أو إيجار أو حق انتفاع فى عمق 5 كيلو مترات من سيناء حتى يمنع زحف أهالى غزة للإقامة فى سيناء ووقتها خرج تصريح من محمد بديع قال فيه إحنا كلنا أمة إسلامية واحدة وكما يوجد فى لبنان والأردن ماذا سيحدث لو أقام أهالى غزة مخيمات فى سيناء وكان هذا هو المخطط لإقامة دولة غزة الكبرى دولة يسيطر عليها الحمساوية فى هذه المنطقة فقط وتنفصل عن الضفة الغربية هذه كانت البداية حقيقة.

كيف رأيت تحركات الإخوان فى ملف منح الأراضى وأن تراب الوطن لا يعنيهم؟

أولا محمد مهدى عاكف لو تتذكر أصدر تصريحا قال فيه «إحنا بنتكلم عن حلايب وشلاتين، كلها أرض الإسلام» وخرج مستشار فى الرئاسة السودانية فى ذلك الوقت قال إن محمد مرسى قال ليس لدينا مشكلة فى أن تكون حلايب وشلاتين سودانية.

قضية الأرض لا تعنى الإخوان فى شيء ألم يقل كبيرهم سيد قطب: الوطن ما هو إلا حفنة من تراب نجس وقال عاكف من قبل إيه يعنى لو حكمنا واحد أفغانى وقال قولته الشهيرة «طظ فى مصر»، فقضية الوطن لا تعنيهم فى شيء فهم لا يعنيهم سوى تطبيق الشريعة التى لم نرها حتى فى زمانهم وحتى هذه لن يستطيعوا تنفيذها وحدث معهم خلاف بينهم وبين السلفيين بسبب عدم تطبيقهم الشريعة.

الحقيقة أولا أن حماس هى فرع لجماعة الإخوان وتنتمى للتنظيم الدولى وهذا معروف منذ نشأة حماس فـى 1987 والعلاقــــة بينهـــم تمتد مــن الخمسينيات ولكن كانت دائما حماس تتحرك بمنطق أنها فرع تنظيمى للتنظيم الدولى للإخوان ولهذا ثاروا بعد ثورة 30 يونيو وخرجوا بمظاهرات دعم لمرسى، الأمر الثانى أنه فى عقيدة القوات المسلحة المصرية أن الأرض هى العرض ولا يمكن السماح بأى حال التفريط فى تراب الوطن.

وفى 15 يونيو 2013 تحدث محمد مرسى عن خروج القوات المسلحة إلى سوريا لمساندة حرائر سوريا وهذا ما حدث فى اجتماع الصالة المغطاة حيث رد المتحدث العسكرى بأن الجيش المصرى يحمى الحدود المصرية والأمن القومى المصري.

كيف كانت محاولات الجماعة لإسقاط مؤسسات الدولة وفرض إرادتها؟

أرادت الجماعة فرض إرادتها المطلقة والانتقام من الجهات المعنية مثل الشرطة، فالمخطط كان تفكيك الشرطة المصرية من 28 يناير رأينا دعوات تطهير الشرطة وإعادة هيكلة الشرطة وممارساتهم فى مجلس الشعب ضد الشرطة ومحاولة إلصاق كل الاتهامات بالشرطة بما فيها أحداث بورسعيد وعندما رفض وزير الداخلية اللواء أحمد جمال الدين التدخل فى أحداث الاتحادية وخرج هو والسيسي يوم 22 نوفمبر متشابكى الأيدى وأدا عوامل الفتنة التى كانت تتم ما بين الشرطة والجيش أصروا على إقالة أحمد جمال الدين وبالفعل أطاحوا به فى 6 يناير 2013 وجاءوا باللواء محمد إبراهيم وظنوا أن محمد إبراهيم يمكن أيضا احتواؤه فى هذه الفترة ورأوا ضرورة إثارة الفوضى داخل جهاز الشرطة ورأينا كيف كانوا يأخذون بمجموعة من الأمناء لتقفيل أقسام الشرطة الخروج فى اعتصامات وطرد مديرى الأمن وأصبحت أقسام الشرطة ومديريات الأمن مستباحة وكأن هناك اتجاه لخلخلة الجهاز الأمنى فى كل مفاصله الأساسية وبدأنا نشعر بوجود خلل حتى ظهر لنا وجود ضباط شرطة ملتحين وفى المرحلة الأخيرة بدأوا يشكلون فرقا بقيادة عاصم عبد الماجد وأحد السلفيين الجهاديين تنزل الشوارع تحت مسمى الشرطة المجتمعية وتقوم بإيقاف الناس وحدث أن قتلوا أحد المواطنين فى السويس وكان معه خطيبته.

وكان هذا هو النهج الموجود أن تفرض الجماعة إرادتها من خلال عناصرها والمتحالفين معهم ومن ثم تنحى الأجهزة.

وعندما جاء قاسم سليمان قائد الحرس الثورى والتقى خيرت الشاطر فى 2013 فى مطار القاهرة كان الاتفاق على خروج الجيش المصرى من القاهرة وعمل حرس ثورى على غرار ما يوجد فى إيران لإبعاد الجيش عن أى تدخل مباشر لصالح الشعب أو لصالح الدولة.

وما هو مخططها لإسقاط الدولة ومؤسساتها؟

المخطط كان كبيرا وكان يأخذ أكثر من وجه وكان هناك سعى دؤوب لإحداث الفتنة فى الداخل والخارج فى الداخل فتنة الأقباط وحرق الكنائس.

ثم الفتنة الخارجية وإحداث مشكلات بين مصر وشقيقاتها من الدول ومفيش دولة إلا ودخلوا معها فى أزمة وكادت مصر أن تنعزل عن الآخرين ومحيطها العربى فى هذا الوقت لأنهم تعاملوا بمبدأ من هو إخوانى فهو معنا.

أذكر كانت توجد قمة إسلامية فى السعودية السفير هناك تلقى تعليمات بأن يجلس مع الإخوان وأن يترك الصحفيين الآخرين وأن يجلس مع الجاليات المصرية الإخوانية كان هذا ما يحدث منهج انتقائى القصد منه تجييش الإخوان وأخونة الدولة.

ثم عدائهم مع السلفيين وحزب النور، ألم يكن حزب النور حليفا معهم، ألم يعط محمد مرسى لمجموعة عاصرى الليمون ممن وقفوا خلفه فى الفيرمونت وقال لهم سنأتى بنائب رئيس جمهورية من المرأة ونائب مسيحى ونائب سلفى ولم يحدث.

لدرجة أن حزب النور عندما بدأ الإخوان تشكيل الحكومة أخذوا منهم واحدا فقط وزيرا للبيئة، حزب النور أصدر بيانا قال فيه إن الحزب الوطنى يعود من جديد فى صورة حزب الحرية والعدالة وبدأ يحدث الصدام وخرج رئيس حزب النور فى فبراير 2013 وقال إن هناك محاولة لأخونة الدولة وأن لديه أسماء 13 ألف موظف تم إدخالهم عنوة بالجهاز الإدارى للدولة ورأينا ناسا دخلوا فى وظائف فى المياه والكهرباء والإذاعة والتلفزيون بالفعل كانت هناك سيطرة دؤوبة لعناصر الإخوان بعيدا عن أى عناصر أخرى فى هذا الوطن هكذا كان اتجاه الإخوان.

ظل الإخوان على رأس الحكم لمدة عام ما هو تقييمك لتلك الفترة؟

الإخوان لم يفعلوا سوى شيء واحد وهو إنشاء جمعية ابدأ برئاسة حسن مالك و خيرت الشاطر مهمتها جمع الأموال من رجال الأعمال أو ابتزاز رجال الأعمال.

واقتصاديا كانت الدولة بها احتياطى استراتيجى نقدى حوالى 16 أو 17 مليار دولار وسلموها 12.6مليار دولار احتياطى استراتيجى وطيلة العام الذى حكموا فيه نزل الاستثمار الخارجى إلى 1 مليار دولار فقط وهبط معدل النمو إلى حوالى 2.5 ثم إلى 1.8 كانت توجد لديهم أزمة كهرباء لم يستطيعوا حلها لدرجة أن رئيس الوزراء فى حكومة الإخوان دعا المواطنين للبس الملابس القطنية وكل مجموعة تجلس فى غرفة هذا كان حل مشكلة الكهرباء بالنسبة لهم وظلت الكهرباء تنقطع 12 ساعة فى كل ربوع مصر.

الجيش المصرى فى 12 أغسطس 2012 قدم لهم مليارا ونصف المليار دولار لحل مشكلة الكهرباء ولم تحل ورغم أيضا أن الجيش المصرى قدم من موازنته الخاصة حوالى 7 مليارات دولار ضخ فى الاحتياطى الاستراتيجى ومع ذلك لم يفعلوا شيئا.

وارتفعت الديون بشكل كبير وأصبح حجم الدين قياسا بمجمل الناتج القومى المحلى ارتفع من 79.5 إلى 89.5% حجم هذا الدين الكبير قياسا بالناتج القومى المحلى ونحن الآن رغم كل الأزمات والمشروعات حجم الدين.

مصر الآن اقتصادها هو ثانى اقتصاد فى أفريقيا وثانى اقتصاد فى البلدان العربية إذا الإخوان كان لديهم مشكلة حقيقية لا يعرفون الإدارة ولا حل الأزمات ولا حل المشاكل، البطالة كانت لديهم 14.3%، فى هذا الوقت أزمات الوقود ورغيف الخبز والبوتوجاز لم يعملوا بنية تحتية واحدة ولو حتى كوبرى ولا شارع تم رصفه ولا مصنع تم افتتاحه بل بالعكس كانوا يغلقون المصانع.

من هنا كاد الشعب المصرى أن يصاب بالاكتئاب نتيجة الممارسات والخطاب الذى نسمعه ومصطلحات الخطاب المصرى الركيكة فى هذه الفترة ورأينا خديعة سد النهضة إلى أن جاء يوم 28 أبريل 2013 فى هذا اليوم أقامت جامعة المستقبل احتفالا بذكرى تحرير سيناء وحضرت الاحتفال وبدأ الاحتفال ثم قلت للفريق عبد الفتاح السيسي «يا فندم البلد اتخنقت قال لى متخافوش طول ما جيش مصر موجود متخافوش ووقف الفريق أول عبد الفتاح السيسي فى هذا الوقت وقال متخافوش على مصر ولا على جيش مصر، جيش مصر شريف كان فيه 150 ألف جندى فى الشارع لا قتلوا ولا نهبوا ولا أساءوا وهذا الجيش لن يسمح بسقوط الدولة ومصر قد الدنيا وهتبقى أد الدنيا.

أضف تعليق

حكايات لم تنشر من سيناء (2)

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2