تعد أيقونة الجمال وخفة الظل ولها سحر خاص بها، عشقت الفن منذ نعومة أظافرها، دخلت قلوب محبيها من أول طلة لها على الشاشة، تميزت بحضورها القوي واستعراضها وأغانيها المحفوظة عن ظهر قلب وتمثيلها التي طالما أبدعت فيه من خلال أدوارها المحفورة في أذهان الجمهور ومحبيها، فهي بمثابة فنانة شاملة، إنها "سندريلا الشاشة" الفنانة سعاد حسني التي تحل اليوم ذكرى وفاتها.
ميلادها وحياتها الأسرية
من حي بولاق بالقاهرة، ولدت سعاد محمد حسني البابا في 26 يناير عام 1943، فوالدها كان يعمل خطاطاً، ووالدتها "جوهرة محمد حسن صَفّور" مصرية من أصول سورية.
وتعود أصول سعاد حسني، إلى بلاد الشام (تحديداً سوريا) التي إنتقل منها والدها إلى مصر في عام 1912، مع الجد حسني البابا، الذي كان مطرباً في دمشق، كما أن عمها أنور البابا كان فناناً، فنشأت السندريلا في أسرة فنية، أمّا والدها فكان يعمل خطاطاً في المعهد الملكي للخط العربي.
وتكونت أسرتها من ستة عشر شقيق، منهم أشقاء من الأب فقط ويبلغ عددهم ثمان منهم أربع أولاد وأربع بنات، ومن الأم فقط ستة أشقاء منهم ثلاثة أولاد وثلاثة من البنات، ولكن أشقاؤها من الأب والأم هم أثنان فقط "كوثر" و"صباح"، وتعتبر المطربة العملاقة نجاة الصغيرة، هي الشقيقة الكبرى للفنانة سعاد حسني من الأب فقط.
في الخامسة من عمرها انفصل والدها عن والدتها نتيجة لتفاقم الخلافات فيما بينهما، لتتزوج والدتها "جوهرة محمد حسن" من رجل آخر وهو "عبدالمنعم حافظ"، والذي كان يعمل مفتشاً بالتربية والتعليم، وبسبب هذا التفكك الأسري لم تتلقى "سعاد" تعليماً نظامياً وأقتصر تعليمها على البيت فقط.
موهبة فنية في الثالثة من عمرها
ظهرت موهبتها الفنية منذ الصغر، حيث كانت متأثرة كثيراً بشقيقتها نجاة الصغيرة، وشقيقها الذي كان يعمل ملحناً وهو عزالدين حسني، وأشتركت "سعاد" وهي في الثالثة من عمرها في الإذاعة المصرية من خلال البرنامج الشهير (بابا شارو) والذي غنت خلاله أغنية (أنا سعاد أخت القمر).
وأكتشفها في مرحلة شبابها الشاعر عبدالرحمن الخميسي عندما قابلها لأول مرة في بيت والدها محمد حسني البابا، حيث أشركها في مسرحيته (هاملت) لـ شكسبير في دور أوليفيا، وأشيع أن عبدالرحمن الخميسي قد أحبها، وهو ما تم تقديمه في المسلسل الذي يحكي قصة حياتها، ولكن شقيقتها الصغرة جانجا، نفت ذلك وقالت إن ما تردد وما تم تقديمه في المسلسل الدرامي هو مجرد تشويه للحقائق وإن هذا لم يحدث يوماً.
وبعدها ضمها المخرج هنري بركات عام 1958 لطاقم فيلمه (حسن ونعيمة)، وقامت بدور "نعيمة" والذي أصبح بمثابة النقلة الفنية في حياة السندريلا، ثم توالت بعدها الكثير من الأعمال، حيث بلغ رصيدها الفني من الأفلام حوالي 91 فيلماً من بينهما إثنان خارج مصر، بالإضافة إلي ثمان مسلسلات إذاعية ومسلسل تلفزيوني واحد (هو وهي) مع الفنان أحمد زكي.
سعاد حسني والثنائيات الفنية
شكلت سعاد حسني مع العديد من الفنانين ثنائيات فنية، لعل أبرزهم إشتراكها مع الفنان حسن يوسف، في العديد من الأفلام من بينها (البنات والصيف)، (للرجال فقط)، (الزواج على الطريقة الحديثة)، (فتاة الإستعراض)، وغيرها من الأعمال.
أيضا شكلت ثنائي رائع مع الفنان الراحل أحمد رمزي، وقدما معاً أجمل الأفلام من بينها (شقاوة بنات)، (غراميات إمرأة)، (الأشقياء الثلاثة)، و(أول حب).
وشكلت ثنائي رومانسي مع الفنان الراحل رشدي أباظة، وقدموا معاً العديد من الأفلام من بينها (الساحرة الصغيرة)، (صغيرة على الحب)، (الحب الضائع)، و(بابا عايز كده).
أيضاً إشتركت مع الفنان حسين فهمي في العديد من الأفلام من بينها (خلي بالك من زوزو)، (أميرة حبي أنا)، و(موعد على العشاء).
أفلام حققت لها العديد من النجاحات
على الرغم من أن سعاد حسني قدمت العديد من الأفلام والأعمال التي تعتبر جميعها ناجحة، إلا أن هناك ثمة أفلام حققت لها الشهرة وحُفرت في ذاكرة محبيها حتى بعد رحيلها، من بينهم (حسن ونعيمة)، (الزوجة الثانية)، (صغيرة على الحب)، (أميرة حبي أنا)، (خلي بالك من زوزو) الذي جعل محبيها يلقبونها بزوزو، وفيلم (شفيقة ومتولي)، (غروب وشروق).
إعتزالها
يعتبر فيلم (الراعي والنساء) الذي قدمته مع الفنان أحمد زكي، هو آخر أفلامها وظهر على وجهها علامات المرض الذي غير من ملامحها كثيراً، وتضاربت الآراء حول حقيقة مرضها لأنها لم تدلي بتصريحات واضحة عن المرض الذي أصابها في تلك الفترة.
ولكن بعدما قدمت هذا الفيلم قررت الإعتزال والإنسحاب بهدوء من عالم الفن حتى لا تظهر على مشاهديها إلا بشكلها الذي أعتاد الجميع أن يرونها به.
زيجاتها
عبدالحليم حافظ
تزوجت سعاد حسني، خمس مرات، ويعتبر أول زواج لها من العندليب الراحل عبدالحليم حافظ، والذي تزوجته عرفياً، وتكتم خبر زواجهما حتى يتم إعلانه بعد رحيل السندريلا، وتضاربت الآراء حول هذا الزواج بين النفي والإثبات.
ولكن شقيقتها جنجاه عبدالمنعم، أكدت في بعض اللقاءات هذا الزواج وقالت: (كل شخص يقول رأيه وهو رأي إجتهادي ولكنني متأكدة تماماً من أن الزواج قد تم بين سعاد وعبدالحليم وكان زواجاً عرفياً، وعلى الرغم من أن عائلة عبدالحليم حافظ، أصدقاء لي إلا إنهم نفوا هذا الزواج ربما لأسباب خاصة بهم)، وإستمر الزواج لمدة ستة أعوام وكانت "سعاد" تحتفظ بوثيقة الزواج معها، وهي كانت من ضمن الأوراق التي لم نعثر عليها في لندن لكن شقيقتي وأمي أكدوا لي أنهم رأوا هذا العقد.
وأكد الإعلامي مفيد فوزي، في أكثر من لقاء تلفزيوني إنهما كانوا متزوجين عرفياً وأنا شاهد على ذلك، ولكن عبدالحليم حافظ، رفض الإعلان عن الزواج فأنفصلا، وأكد أن "عبدالحليم" كان يحبها حب جنوني وكان يغار عليها كثيراً ولكنه رفض الإعلان عن الزواج، لأن طبيبه الخاص منعه من الزواج ولكن ليس بسبب حرصه على المعجبات كما تردد.
المصور صلاح كريم
تعرفت السندريلا عليه في فيلم (المغامرون الثلاثة) حيث كان يعمل مساعد مصور وبعد أن تعرف على بعضهما البعض طلب منها الزواج، فوافقت على الفور وأخرج لها فيلم (الزواج على الطريقة الحديثة) عام 1968 وأستمر هذا الزواج عام واحد فقط.
علي بدرخان
قصة حب كبيرة جمعت بين سعاد حسني، والمخرج علي بدرخان، إذ كانت قصة غرامية حدثت على طريقة الأفلام السينمائية، انتهت بالزواج، وعاشا الثنائي حياة سعيدة فالعوامل المشتركة بينهما كثيرة، أهمها حب وإحترام الفن، وعشقهما للضحك، وكان الخلاف الوحيد فقط هو أن علي بدرخان كان يتمنى إنجاب ولد، بينما كانت تفضل سعاد إنجاب بنت، وبعد زواج إستمر لـ11 عامًا إنفصلا الثنائي، وترددت شائعات بأن سبب الطلاق هو خيانة علي بدرخان لها.
ومسلسل (السندريلا) الذي جسدت فيه منى زكي، دور سعاد حسني، أظهر خيانة علي بدرخان، وهو ما أغضب الأخير، وقال: هذا المسلسل لا يعبر عن سعاد حسني، هذه ليست حياة "سعاد"، ولم أكن في يوم خائن لها، ولا أعلم لماذا أظهروني في المسلسل خائنًا، على الرغم من أن كل صناع العمل كانوا يعرفونني أنا و"سعاد" جيدًا، لكن لا أعلم لماذا فعلوا ذلك؟
وأضاف "بدرخان" في إحدى لقاءاته: (لم أخن سعاد حسني على الإطلاق، وكل ما حدث أنهم أرادوا إعطاء جرعة بهارات للعمل الدرامي، أما بالنسبة للضعف الذي تتحدثون عنه، فأنا لم أضعف من قبل أمام أي امرأة، حتى أمام سعاد حسني نفسها، وإختياري لـ"سعاد" كان على أساس أبعاد عديدة، وليس جمالها فقط، بل عقلها ومشاعرها، وانسجامنا معاً).
وعن سبب الإنفصال بينهما، قال: (حياتي مع السندريلا كانت جميلة وسعيدة جدًا، لكن الوهن العاطفي الذي كثيرًا ما يتسلل بين الأزواج أصابنا، ولم نريد العيش في هذا المناخ، فقررنا الطلاق، ولم يتحول الإنفصال أبدًا إلى عداوة بيننا، بل أصبحنا صديقين بكل ما تحمله الكلمة من معان، وتعاونا معًا في العديد من الأعمال السينمائية الناجحة).
زكي فطين عبدالوهاب
يعتبر الزواج الرابع لـ سعاد حسني، كان من زكي فطين عبدالوهاب إبن المطربة ليلى مراد عام 1981، الذي يعد من أقصر زيجاتها، حيث إستمر 6 أشهر فقط، وأنفصلا بسبب رفض الفنانة ليلى مراد لهذا الزواج.
حيث كشف زكي فطين عبدالوهاب، قصة زواجهما في لقاء سابق وقال: (تعرفت عليها لأول مرة في معهد السينما وكنت في السنة الأولى وكنت في أسعد لحظاتي, ولقد شعرت بمشاعر الإعجاب تجاهها وتمنيت أن أتعرف عليها وأتزوجها، وبالفعل كانت بيننا قصة حب كبيرة وتزوجنا لفترة ولكن إنتهت العلاقة بيننا، لإنها كانت علاقة غير متكافئة وكان فرق السن بيننا كبير، والذي وصل لأكثر من 20 عاماً، وزيادة على ذلك عدم قبول والدتي بزواجي منها خاصة وإنها فنانة مشهورة وتحيط بها الكثير من المشاكل, ولكن بعدما إنتهى زواجنا إستمرت علاقة الصداقة بيننا.
السيناريست ماهر عواد
سافرت "سعاد" بعد إنفصالها عن "بدرخان" إلى العراق لتشارك في فيلم (القادسية) مع المخرج صلاح أبوسيف، وكوكبة من النجوم العرب، وإنتشرت شائعة حول زواجها من المنتج محمد القزاز، ولكن "سعاد" نفت تلك الشائعة ثم تزوجت من المؤلف ماهر عواد، وكشفت قصة زواجها منه من خلال تسجيل صوتي لإذاعة (مونت كارلو) وقالت خلال التسجيل: (شاهدته لأول مرة خلال برنامج تلفزيوني، وكان يتحدث عن تجربته في السيناريو ودراسته العلمية وهيامه وغرامه بالسينما وعدم تعجله للشهرة، وبعد إنتهاء البرنامج، أعجبتني شخصيته وشعرت بأنه يقدم نوعاً مفقوداً في السينما وهو الفيلم الغنائي الموسيقي الذي برع في تقديمه).
وأكملت قائلة: (بعد أيام إتصل بي هاتفياً وطلب تحديد موعد لعرض سيناريو عليّ، فرحبت جداً وبعد مقابلة قصيرة أعطاني السيناريو وكنت في شوق لقراءته، وتكررت الإتصالات التليفونية بيننا، لظروف ما لم يخرج الفيلم إلى النور، لكن في هذه الأثناء شعرنا بأننا لا نستطيع أن نستغني عن بعض، وعرض عليّ الزواج).
وتم زواج الفنانة الراحلة بالسيناريست "ماهر" يوم 11 يونيو عام 1987، وكان المهر 25 قرشاً مصرياً، وحضر الحفل مجموعة قليلة من الناس، كلهم كانوا من الأهل، وإستمر زواجهما حتى رحيلها في عام 2001.
لغز وغموض وأسرار وفاة السندريلا
لم ترحل سعاد حسني في هدوء، بل أثار خبر وفاتها جدلًا كبيرًا في الأوساط الإعلامية والصحفية، حيث توفيت إثر سقوطها من شرفة منزلها في لندن في 21 يونيو 2001، وقد أثارت حادثة وفاتها جدلاً لم يهدأ حتى الآن.
وهناك أكثر من رواية حول وفاتها، فهناك من يؤكد أنها قُتلت بعد إعتزامها كتابة مذكراتها، فيما قال البعض إن وفاتها طبيعية، وآخرون أكدوا إنها إنتحرت.