الطريق لتحقيق إرادة شعب "4" 10 سنوات على استرداد الوطن

10 سنوات مضت على أيقونة الثورات، عندما هتف الشعب المصري فى الميادين معلنًا «يسقط يسقط حكم المرشد» لم تكن العبارة التي هتفت بها حناجر المصريين أكثر من 30 مليون خرجوا إلى الشوارع بعد أن وقّع أغلبهم على استمارات أعدّتها حركة «تمرد» معلنين رفضهم فاشية التنظيم الإرهابي.

لم تدرك الجماعة الإرهابية وهي تقفز إلى السلطة أنها أمام أهم اختبار فى تاريخها منذ التأسيس، ولم يدرك معاونوها وداعموها من قوى الشر أن صناعة التنظيمات الإرهابية لا يمكن لها أن تنتصر على الدول الوطنية.

فالشعوب المؤمنة بأوطانها، الضاربة بتاريخ يشار له بالبنان، لا يمكن أن تقبل بنموذج اللا دولة.

لم يتوقع التنظيم الإرهابي أن الشعب سيزيحه عن سُدة الحكم، ليستعيد وطنه خلال هذه المدة القصيرة.

أخطأت كل مراكز الدراسات الخاصة بهم، كما أخطأت التقارير البحثية التي قدموها دفاعًا عن وجهة نظرهم فى دعم التنظيم الإرهابي.

(1)

ظنّت قوى الشر وعناصر التنظيم أنهم قادرون على التصدي لأي محاولة من قبل الشعب المصري لاسترداد الوطن.

فى المقابل كان التنظيم الإرهابي لا ينشغل سوى بثلاث قضايا محورية.

أولاً: تقديم فروض الولاء والطاعة لأي قوى خارجية مقابل الحصول على الدعم والمساندة حتى وإن اضطر التنظيم إلى التنازل عن جزء من الوطن «الصفقة التي تمت بين إدارة باراك أوباما وخيرت الشاطر مقابل 8 مليارات دولار ويتنازل الدكتور محمد مرسي عن 40% من مساحة سيناء لتكون وطنًا بديلاً للفلسطينيين، والتي أشار لها مرشد الجماعة قائلاً: إيه المشكلة كلها بلاد المسلمين».

ثانيًا: العمل على أخونة كل مؤسسات الدولة، والمؤسسات التي تفشل الجماعة فى السيطرة عليها يتم مهاجمتها بشراسة تحت دعوى التطهير وهو ما ذكرته تفصيلاً فى الحلقتين الثانية والثالثة فى نفس المساحة خلال الأسبوعين الماضيين؛ ومنها الدعوة إلى تطهير القضاء، والداخلية، ومحاولة تشويه قيادات الجيش واعتبارهم جزءًا منفصلاً عن الجيش المصري، والذي جاء على لسان مرشدهم فى ذلك الوقت محمد بديع؛ فكان الرد قويًا بضرورة أن يعتذر، وعاد بديع معتذرًا، قائلاً: «إن تصريحاته فهمت خطأ»، الأمر الذي كان على غير الحقيقة.

ف التنظيم الإرهابي كان يستهدف من تصريحات مرشدهم محاولة إشعال الفتنة، لكنهم لا يعلمون أن الجيش المصري على قلب رجل واحد لا يشغله سوى هدف واحد وهو الحفاظ على الوطن وترابه المقدس.

ثالثًا: خلق كيانات موازية لمؤسسات الدولة من أجل تفكيك المؤسسات حال الحاجة إلى ذلك أو حال محاولة إزاحة التنظيم عن الحكم، فتم التجهيز لتكوين ميليشيات مسلحة فى سيناء وهو ما هدد به التنظيم الإرهابي قبيل إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية عام 2012، وكذا العمل على ما أسموه ب الجيش المصري الحر والبدء فى تكوين هذا التنظيم فى ليبيا لتنتقل عناصره بعد ذلك إلى مصر لمواجهة الجيش المصري.

لكن التنظيم الإرهابي وقوى الشر الداعمة له لم يكن فى مخيلتهم أن الشعب الذي كشف مخططهم الفاسد لتدمير الدولة الوطنية لن يصبر عليهم طويلاً وسيطيح بهم لاسترداد الدولة.

(2)

لقد خلق تحرك المثقفين حالة زخم شديدًا خاصة بعد اعتصامهم بوزارة الثقافة اعتراضًا على الوزير الإخواني، «علاء عبد العزيز».

كما كان تعيين عادل الخياط، محافظًا للأقصر، والذي كان رئيسًا للجماعة الإسلامية وأحد المتهمين فى مذبحة الأقصر 1997، وقد لاقى الخبر استهجانًا ورفضًا كبيرًا على المستوى الداخلي والخارجي.

واعتصم المواطنون أمام مبنى المحافظة لمنع المحافظ من الدخول فى 23 يونيو مطالبين بإقالته.

فى الوقت ذاته كانت حركة تمرد تلقى قبولاً واسعًا لدى الشارع الذي ضربت به الأزمات المتتالية وغابت السلع لتظهر بشائر أكبر عملية لاسترداد الوطن قام بها المصريون، فى 28 يونيو 2013 عندها خرج المتظاهرون فى الجمعة الأولى وقبل التاريخ المحدد 30 يونيو لتكون بمثابة بروفة للثورة الشعبية التي ستقضي على الجماعة الفاشية.

كان رد التنظيم الإرهابي أن ما يحدث لن يخرج عن كونه مظاهرات عادية وقللت من حجم الأعداد التي خرجت إلى ميدان التحرير والميادين الرئيسية فى المحافظات، ليزحف المتظاهرون إلى ميدان التحرير ويتحول الميدان إلى كتلة بشرية تمتد إلى الشوارع والطرق الجانبية.

الملايين يتوافدون على ميدان التحرير استعدادًا لـ 30 يونيو «يوم الخلاص»، بعد أن أعلنت حركة تمرد حصولها على 22 مليون استمارة وهو ما يعد إسقاطًا لشرعية الرئيس الإخواني.

عملت الجماعة التي لا تعرف سوى لغة الدم على الدفع بعناصرها فى مواجهة المتظاهرين فى ميدان التحرير بالقاهرة، والقائد إبراهيم بالإسكندرية، وعملت على إرهابهم والاعتداء على المتظاهرين كما حدث قبل ذلك فى أحداث الاتحادية.

ظنت الجماعة أنها بتحريك عناصرها ستوقف زحف الشعب إلى الميادين مطالبًا بإسقاط مرسي، وأن المصادمات وسقوط الشهداء سيرهب المواطنين إلا أنه زادهم إصرارًا على مواصلة التحرك لإسقاط حكم الجماعة الإرهابية.

(3)

حذر الأزهر الجماعة الإرهابية من اندلاع حرب أهلية، لكنها لم تلتفت لذلك الأمر ولأنها تعمل وفق مخطط ترسمه لها قوى الشر، فكما استبقت إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية، دعت عناصرها للتجمع فى ميدان رابعة العدوية معلنين تأييدهم لمرسي، كما حرّكت الموالين لها من تيارات الإسلام السياسي الأخرى للتظاهر بميدان النهضة، ليظهر التنظيم الإرهابي فى تظاهرات تأييد موازية للتظاهرات الشعبية الرافضة لحكم مرسي منددًا بإدارة مكتب الإرشاد لشئون البلاد.

كما عملت الكتائب الإلكترونية ووسائل الإعلام التابعة للتنظيم الإرهابي فى الداخل والخارج على التقليل من أعداد المتظاهرين.

فى ذلك الوقت كانت ملايين الشعب تنطلق نحو الميادين مطالبة «مرسي» بالرحيل ومطالبة بإسقاط حكم المرشد.

حذرت الداخلية من أي محاولة للاعتداء على المتظاهرين السلميين، وطالبت القوات المسلحة فى بيان لها الجميع بضرورة الحوار ومنحت الجميع مهلة 48 ساعة وذلك فى الأول من يوليو بعد أن اكتظت الميادين عن آخرها بالمتظاهرين المطالبين برحيل «مرسي».

رفضت الجماعة الحوار ظنًا منها أنها تستطيع أن تكسر إرادة الشعب المصري، لم يدر فى خلد قادة التنظيم الإرهابي لحظة واحدة أن الشعب الذي خرج إلى الشوارع فى مظاهرات حاشدة والمعتصمين فى الميادين وفى بعض الدواوين مثل محافظة الأقصر ووزارة الثقافة لن يعودوا إلا بإسقاط نظام «مرسي».

كما ظنت قيادات التنظيم أن التسويق للصورة التي حرصوا على تقديمها خارجيًا من أن مصر بها تظاهرات معارضة للنظام وأخرى مؤيدة له؛ ستقف حائلاً فى مواجهة رحيل مرسي عن الحكم.

لكن هيهات أن يحدث ذلك لقد تعالت هتافات المتظاهرين مرددة «انزل يا سيسي.. مرسي مش رئيسي».

وواصلت الجماعة الإرهابية الترويج لأكاذيبها بدعوى الشرعية، والتي جاءت على لسان «مرسي» فى خطابه الأخير مرددًا إياها 59 مرة فى 45 دقيقة.

وتجاهل مرسي وجماعته أن الشعب هو مصدر السلطات وهو الذي يمنح الشرعية أو ينتزعها إذا أراد.

وهو ما حدث فى 30 يونيو.. لقد ظلت ملايين الشعب المصري فى الميادين حتى صدور البيان الذي أجمعت عليه القوى الوطنية، وألقاه الفريق أول عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع فى ذلك الوقت، معلنًا خارطة الطريق للدولة المصرية وفق إرادة المصريين والقوى الوطنية.

وتتحول الميادين إلى أفراح بانتصار إرادة الشعب وإسقاط حكم التنظيم الإرهابي واسترداد الوطن؛ ولتبدأ خطوات حقيقية.

وبعد مرور 10 سنوات على ثورة 30 يونيو.. ثورة استرداد الوطن والحفاظ على الهوية المصرية.

نتوقف فى العدد القادم عند ما حققته تلك الثورة ونقيّم الموقف فى ظل حالة من الاضطراب تضرب المنطقة، وحرب تزداد شراسة مستهدفة التضليل ونشر الأكاذيب وترويج الشائعات باحترافية شديدة، الأمر الذي سنتوقف معه بالتفصيل فى العدد القادم، فقد حرص خلال الأسبوعين الماضيين عدد من الصحف الغربية والموالية للتنظيم الإرهابي على نشر العديد من التقارير المغلوطة بشأن الدولة المصرية.

معجزة المصريين

سيظل دائمًا هذا الشعب العظيم صانعًا للمعجزات، الأسبوع الماضي وخلال تواجدي مع الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، روى لنا تفاصيل ما حدث فى أزمة السفينة «إيفرجيفن» وكيف أن الاقتراح الذي تقدم به أحد شباب المهندسين بهيئة قناة السويس سجل لأول مرة فى تاريخ تعويم السفن باستخدام إلكتريك، فنجحت عملية تعويم أكبر سفينة حاويات، دون خسائر، واستطاعت مصر أن تكسب ثقة العالم واحترامه.

تذكرت معه ما حدث خلال الإعداد لحرب أكتوبر 73 والبحث عن حل لفتح ثغرات فى خط بارليف لتحقيق العبور، وجاء الحل على لسان الشاب الضابط المهندس «باقي زكي يوسف» باقتراح استخدام الطلمبات لتصبح المياه أقوى سلاح فى مواجهة الساتر الترابي.

إنها عظمة المصريين عندما تأتي إليهم المنحة من رحم المحنة، فيتحقق الإعجاز على أياديهم.

أضف تعليق

حكايات لم تنشر من سيناء (2)

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2