أثار اقتراح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، حظر وسائل التواصل الاجتماعي، في إطار التصدي لمزيد من الاضطرابات في فرنسا، عدة انتقادات في المحافل السياسية والبرلمانية وكذلك في وسائل الاعلام الفرنسية.
وكان ماكرون قد أكد في اجتماع أمس الثلاثاء مع أكثر من 200 من رؤساء البلديات الذين تضررت بلدياتهم من جراء أعمال العنف أنه سيكون من الضروري التفكير في استخدام شبكات التواصل الاجتماعي، وقطعها "عندما تخرج الأمور عن السيطرة" خلال الاضطرابات في البلاد.
وقال ماكرون: "نحتاج إلى التفكير في كيفية استخدام الشبكات الاجتماعية... عندما تخرج الأمور عن السيطرة، قد نضطر إلى تنظيمها أو قطعها"، مضيفا "قبل كل شيء، لا ينبغي أن نفعل هذا في خضم هذه اللحظة ويسعدني أننا لم نضطر إلى ذلك"، معتبرا أنه "نقاش حقيقي نحتاج إلى خوضه".
وقد أثارت هذه التصريحات والاقتراحات بقطع شبكات التواصل الاجتماعي أثناء الاضطرابات، عدة انتقادات، الأمر الذي اضطر مصادر مقربة من الرئيس الفرنسي التوضيح بأن الرئيس ماكرون لم يقل في أي وقت من الأوقات أنه يخطط لقطع الشبكات الاجتماعية، لكنه أراد أن يكون قادرا، في وقت محدد وبشكل مؤقت، على تعليق وسائل التواصل الاجتماعي.
إلا أن شخصيات عديدة، سياسية وغير سياسية، انتقدت هذه التصريحات وهذه الفكرة وقارنتها بأساليب بعض الأنظمة غير الديمقراطية التي تمنع الوصول إلى الإنترنت في حالة حدوث أزمة سياسية.
وكتبت النائبة ماتيلد بانو، رئيسة كتلة " فرنسا الأبية" البرلمانية (اليساري المتشدد) تغريدة نددت فيها تصريحات الرئيس ماكرون وقارنته ب زعيم كوريا الشمالية قائلة : "حسنا، كيم جونج اون".
كذلك، انتقد السكرتير الأول للحزب الاشتراكي أوليفييه فور هذه الفكرة قائلا "لايمكن لدولة حقوق الإنسان والمواطنين أن تنحاز إلى ديمقراطيات الصين وروسيا وإيران".
كما استهجن أوليفييه مارليكس، رئيس مجموعة نواب حزب "الجمهوريون" اليميني التقليدي، هذه الفكرة وتساءل "قطع شبكات التواصل الاجتماعي؟ مثل الصين و إيران وكوريا الشمالية؟"، مؤكدا أن ذلك شيء سيء للغاية.
أما زعيم حزب "الوطنيون" الفرنسي فلوريان فيليبور"من مازال يجرؤ على القول إننا في ديمقراطية؟!".
كذلك، كان هذا الاقتراح موضوع تحليل ونقد من جانب العديد من وسائل الاعلام الفرنسية.
وخلال أعمال الشغب التي أعقبت مقتل الفتى نائل برصاص شرطي في نانتير، في غرب باريس، تم استخدام شبكات التواصل الاجتماعي مثل "سناب شات" و"تيك توك" و"تويتر" و"تليجرام"، على نطاق واسع لنقل بعض أعمال العنف.
ويوم الجمعة الماضي خلال اجتماع لخلية الأزمة المشتركة بين الوزارات، دعا ماكرون منصات التواصل الاجتماعي إلى حذف مشاهد الشغب "الحساسة"، مطالبا إياهم التحلي بالمسؤولية.
بدوره، قال المتحدث باسم الحكومة الفرنسية اليوم الأربعاء إن "حظر" بعض المنصات ومواقع التواصل الاجتماعي عندما يسوء الوضع، يمكن أن يشمل تعطيل ميزات معينة أثناء أعمال الشغب، مثل تحديد ومشاركة الموقع الجغرافي، والذي يسمح للشباب بالتجمع في مكان ما.
وأكد المتحدث باسم الحكومة أن السلطة التنفيذية تخطط تشكيل مجموعة عمل مشتركة من البرلمانيين من الأحزاب المختلفة، من جميع الحركات السياسية، للنظر في أي تعديل على مشروع القانون الذي يتعلق بالأمن السيبراني وتنظيم استخدام الأدوات الرقمية.
فقط زعيم الحزب الشيوعي الفرنسي، فابيان روسيل لم يشارك في هذا الانتقاد ، فهو نفسه فكر في حل مشابه لحل الرئيس ماكرون، داعيا إلى إغلاق الشبكات الاجتماعية أثناء الاضطرابات في البلاد.