كشف الحقائق لمواجهة حملات صناعة الأكاذيب

الأسابيع الماضية شهدت حالة استنفار غير عادية من أدوات قوى الشر الإعلامية ضد مصر، مستغلة المساحات الممنوحة لها فى عدد من الصحف والمواقع الأجنبية، لتنشر الأكاذيب وتخلق حالة من الوعى الزائف من خلال تقارير البعض منها حمل اسم كاتبه والبعض الآخر لا يحمل اسمًا لكاتب التقرير، الحالة تلك هى إحدى موجات الحملات المسعورة الموجهة ضد الدولة المصرية، دعمًا لتنظيم الإخوان الإرهابى الذى استطاع الشعب المصرى أن ينتصر عليه، فى ثورة هى من أعظم الثورات فى تاريخ الإنسانية (30 يونيو2013) ودائمًا مع اقتراب تلك الذكرى أو ذكرى اليوم التاريخى فى حياة المصريين يوم تم إعلان إسقاط حكم المرشد (3 يوليو 2013) تسبق تلك الفترة موجة من الأكاذيب ونشر التقارير غير الدقيقة، مستغلة علاقة عناصرها داخل عدد من الصحف أو من خلال شراء التنظيم الدولى لمساحات محددة بمقابل مالى محدد (إعلان) لكنها تُنشر دون الإشارة إلى ذلك وهو يعد من أخطر أدوات التضليل.

خلال الأسابيع الثلاثة الماضية حرصت مجلة The Economist وصحيفة الـ «ديلى تليجراف» البريطانيتان، على نشر مجموعة من التقارير الصحفية حملت العديد من الأكاذيب والمعلومات غير الدقيقة، الأمر الذى يجعلنا نتوقف عند تلك التقارير، لنكشف حجم الحملات الإعلامية المسعورة والممنهجة التى تدار ضد الدولة المصرية.

دعونا نتفق على أن ما نستعرضه هو جزء بسيط من تلك الحملات التى تأتى ضمن حروب الجيل الرابع، مستهدفة تسطيح العقول وتغيير المفاهيم وترويج الأكاذيب وصناعة التضليل لخلق حالة من العقل الجمعى تحركه رؤى وأهداف مستترة خلف شعارات غير دقيقة ظاهرها فيه الرحمة وباطنها من قِبله العذاب.

لم تكن The Daily Telegraph، أو The Economist هى الأولى فى الصحافة البريطانية التى تستهدف الدولة المصرية؛ لكنهما جزء مهم فى تلك الحملة التى يتبادلانها بين الحين والآخر من تقارير مسمومة يتم الدفع بها لتشوّه الحقائق.

فى الأسبوع قبل الماضى، قدمت الصحيفة تقريرًا استهدفت فيه ثورة الـ 30 من يونيو محاولة تشويه المشهد الذى سيظل نقطة مضيئة وعلامة فارقة فى تاريخ مصر الحديث، ليس لأنها ثورة شعبية فقط بل لأنها كانت كاشفة لأكبر تنظيم إرهابي، واستطاعت أن تسقطه بعد أن ظنّ قادته أنهم قابعون فى حكم مصر لمدة 500 عام.

المجلة حاولت تقديم تقرير فى 16 يونيو الماضى وقبل الاحتفال بمرور عشر سنوات على الثورة، لتقدم مشهدًا نسجه خيال كاتبه الذى لم يوقع عليه، واكتفى فقط بأن «كاتب المقال رصد الأحداث من الإسكندرية».

التقرير ردت عليه الهيئة العامة للاستعلامات وفنّدت كل الأكاذيب التى جاءت فيه، لكن المجلة البريطانية لم تكتفِ بذلك فأتبعته بتقريرين فى 26 يونيو الماضى والأول من يوليو الجاري.

جاء فى التقرير الأول الذى حمل عنوانًا فى النسخة المطبوعة من المجلة «لا تهتم كثيرًا بالمال» وبعنوان «بعد سنوات من المفاوضات، الدول العربية تصل إلى طريق مسدود مع صندوق النقد» التقرير الذى قدم من دبى فى النسخة الإلكترونية، شبه الأوضاع الاقتصادية فى مصر بالأوضاع الاقتصادية فى لبنان أو تونس وهو ما ينافى تمامًا الواقع، ف مصر التى تأتى فى المركز الثالث عربيًا من حيث حجم النمو الاقتصادي، شبهها التقرير المغلوط ب لبنان التى تأتى فى المركز العاشر عربيًا وتونس التى تأتى فى المركز الرابع عشر.

كما أن مصر لم تتخلف عن سداد ديونها كما وصف الوضع فى لبنان، بل إن الدولة المصرية تواصل سداد الديون المستحقة وخدمة الدين وتواصل عملية النمو الاقتصادى رغم التحديات الخارجية التى كان لها تأثير عليها مثلما أثرت على كبرى الاقتصاديات فى العالم.

التقرير الذى جاء فى 1078 كلمة ليتحدث عن دول المنطقة العربية وعلاقتها بصندوق النقد الدولى أفرد ل مصر وحدها 661 كلمة أى ما يقرب من ثلثى التقرير، فى حين تحدث بشكل عام عن الدولتين (تونس ولبنان) فى 245 كلمة.

جاء التقرير مُجهلاً تمامًا من المصادر سوى مصدر واحد فى بداية التقرير تحدث عن الوضع فى لبنان.

ويكشف كاتب المقال عن الهدف عندما يأتى إلى الفقرة العاشرة وبعد أن أفرد 8 فقرات سابقة للحديث عن الوضع الاقتصادى وارتفاع حجم التضخم ليرجع الأزمة الاقتصادية فى مصر إلى سيطرة الجيش على الشركات الرابحة، وهو ما يخالف الحقيقة، وتجاهل التقرير تمامًا وثيقة ملكية الدولة وإعلان الرئيس السيسى عن طرح عدد من شركات جهاز الخدمة الوطنية للاستثمار الخاص، وإعلان الحكومة عن طرح عدد من شركات الجهاز بالبورصة.

ليتجاهل كاتب التقرير كل ما سبق ويركّز على ما يستهدفه وهو توصيل رسالة إلى الخارج بأن الجيش يسيطر على الاقتصاد وهو المفهوم الذى تروّج له قوى الشر والتنظيم الإرهابي.

ثم سرعان ما حرص كاتب التقرير على أن يزعم بأن حجم الخدمات الاجتماعية فى الموازنة العامة للدولة قد انخفض، مرجعًا ذلك إلى الأوضاع الاقتصادية التى تمر بها مصر، وهو على غير الحقيقة فلو كلف كاتب التقرير نفسه لحظات بحث فيها على موقع وزارة المالية المصرية لوجد أن حجم الدعم الموجه لبرامج الرعاية الاجتماعية فى الموازنة العامة للدولة المصرية فى العام المالى 2023 /2024 بلغ نحو 199 مليارًا و779 مليون جنيه، بزيادة 21 مليارًا و36 مليون جنيه عما كان مخصصًا فعليًا فى موازنة 22/2023 والذى يبلغ 178 مليارًا و763 مليون جنيه.

ليشمل قطاعات الصحة وبرامج الرعاية الاجتماعية والنقل العام.

الكاشف لحقيقة من يقف وراء مثل تلك التقارير هو حرص ما يعرف بالمعهد المصرى للدراسات السياسية والاستراتيجية، والمملوك للتنظيم الدولى للإخوان، على استهداف الدولة المصرية ونشر تقارير مكذوبة وترويج الشائعات، ويترأس المعهد، الهارب عمرو دراج، وزير التخطيط فى حكومة هشام قنديل وأحد كوادر تنظيم الإخوان الإرهابي.

فقد حرص موقع المعهد على إعادة نشر التقرير على صفحته على الفيس بوك وعمد للترويج لما جاء فيه من أكاذيب على أنها حقائق.

بل لم يكن هذا هو التقرير الوحيد الذى تبع تقرير 15 يونيو، بل نشرت المجلة البريطانية تقريرًا فى الأول من يوليو الجارى تحت عنوان «الجانب الإيجابى للتغيرات المناخية» كتبه مراسل المجلة بالقاهرة، التقرير استعرض أثر التغيرات المناخية على القارة الإفريقية ومصر، لكنه حاول أن يقدم المشهد على أنه سيكون إيجابيًا على القارة، رغم أنه فى التقرير أشار إلى أنه بحلول عام 2050 سيرتفع مستوى سطح البحر مما قد يهدد بغرق عدد من المدن الساحلية، مشيرا إلى أنها فى تلك الحالة قد تكون هناك هجرة من السواحل للداخل لكن التقرير تجاهل تمامًا ما تقوم به الدولة المصرية حاليًا من الاستعداد لمواجهة هذه التغيرات من إقامة حواجز أمواج والاستفادة منها لمنع غرق الشواطئ، بالإضافة إلى إنشاء عدد من المدن الساحلية الجديدة مثل المنصورة الجديدة ودمياط الجديدة والعلمين وغيرها من المدن والمشروعات المقامة على شواطئ البحر المتوسط.

التقرير الذى أفرد للدولة المصرية 227 كلمة تجاهل فى فقرته الأولى عن مصر ما تقوم به الحكومة من تطوير لأساليب الرى الحديثة سواء فى الأراضى المستصلحة حديثًا أو الأراضى القديمة بدءًا من الرى بالتنقيط والرى بالرش وتبطين الترع وإعادة تدوير المياه (الصرف الزراعي، والمعالجة الثلاثية لمياه الصرف) لإعادة استخدامها فى الزراعة.

التقرير الذى بنى على شخص يدعى «رومانى ثابت» 27 عامًا حاول أن ينسج ما هو غير دقيق زاعمًا أن الدولة تحرص على أن تدفع بالهجرة من الريف إلى المدن، وهو ما يتناقض مع الواقع فالدولة المصرية خلال السنوات الأخيرة ومنذ إطلاق مبادرة حياة كريمة فى 2019 وهى تعمل على تنمية الريف المصرى لتحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير كل الخدمات وفرص العمل به لوقف الهجرة الداخلية، وما تسببه من آثار سلبية.

وقد شملت المبادرة تطوير 4584 قرية حتى الآن فى 175 مركزًا وتضم 28 ألف تابع ضمن 20 محافظة، ليستفيد منها 58 مليون مواطن.

ليس هذا فحسب ما تجاهله مراسل المجلة بالقاهرة، بل إنه كشف عن هدفه من المقال خلال ما أشار إليه فى الفقرة الثانية قائلاً: «على الحكومة المصرية أن تجعل المدن أكثر تطورًا لتكون أكثر جذبًا، بدلاً من إنشاء العاصمة على بعد 50 كيلو مترًا من القاهرة، وهو ما يوفر عقودًا ضخمة للشركات المدعومة من الجيش لكن قلة من المصريين يستطيعون العيش هناك»، تلك الفقرة كشفت توجه كاتب التقرير فهو لا يستهدف استجلاء الحقائق بل يستهدف توجيه قراء المجلة إلى صورة منافية تمامًا للواقع، فالحكومة المصرية عمدت على مدى السنوات الماضية إلى تطوير عواصم المدن خلال مشروعها الضخم الخاص بتطوير العشوائيات والقضاء عليها وتطوير المناطق غير الآمنة، وهو ما تحقق لتصبح مصر خالية من العشوائيات، كما أن العاصمة الإدارية الجديدة مملوكة لشركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية وهى شركة مساهمة مصرية تعمل فى مجال الاستثمار العقارى وتخضع لقانون الاستثمار رقم 8 لسنة 1997، ولم تتحمل الدولة المصرية من موازنتها جنيهًا واحدًا لإنشاء العاصمة بل إن شركة العاصمة عملت على تحمل تكاليف كل المحاور والطرق الموصلة إليها، مثل تطوير طريق مصر السويس الصحراوي، والدائرى الإقليمى والدائرى الأوسطي، وتطوير طريق القاهرة العين السخنة، وتطوير طريق مصر الإسماعيلية الصحراوي، ومشروع المونوريل، ومشروعات البنية التحتية وكل الإنشاءات ب العاصمة الإدارية.

لقد حرص مراسل المجلة على أن يقذف باسم الجيش المصرى داخل التقرير ليروّج لمجموعة من الأكاذيب على غير الحقيقة.

إنها جزء من معركة تستهدف تشويه الحقائق وترويج الأكاذيب وعرض لمعلومات غير دقيقة لرسم صورة غير حقيقية لتقديمها وترويجها فى الخارج عن مصر.

لم تتوقف حملة The Economist ضد الدولة المصرية عند هذا الحد من المقالات. ففى إبريل الماضي، نشرت مقالاً سنتوقف عند تفاصيله العدد القادم وكذا تفاصيل المقال الذى قدمته الـ «ديلى تليجراف» البريطانية وروج له تنظيم الإخوان الإرهابى عبر منصاته الإعلامية المختلفة، لنكشف حجم الزيف والأكاذيب التى تقدمها بعض المؤسسات الصحفية الكبرى التى تدعى المصداقية والحيادية وهى بعيدة تمامًا عن ذلك.

أضف تعليق

حكايات لم تنشر من سيناء (2)

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2