أبدًا ليس السيسي هو المقصود، بل هي مصر.. أقول كلامي هذا بلا مواربة ولا رياء. من واقع تحليل معلومات وأحداث هي صلب تخصصي وعملي كأحد رجال المعلومات، التي قضيت عمري كله أعمل فيها جمعًا وتحليلًا وتقييمًا، ولا أظن أحدا ينكر عليَّ ذلك إلا أصحاب الهوى والميول.
أما المعلومات والأحداث التي أقصدها فهي نتاج بعض أعمال المتابعة والرصد لبعض المواقع والقنوات الإخوانية منها، وأصحاب الأجندات التي تعمل لصالح جهات لا تضمر لمصر أي خير، بل هو الشر والشر وحده لا سواه.
وهذه بعض الملاحظات على سبيل المثال، وليس الحصر والتحديد:
فمثلًا هؤلاء الذين يكيلون للسيسي أسوأ الصفات والأفعال، دائمًا ما يرجعونها إلى خلفيته العسكرية، ولكونه أحد رجال هذا الجيش وقادته الذين تربوا على (... إلخ)، وأربأ بقلمي أن يعيد مثل هذه الألفاظ التي يرددونها زورًا وبهتانًا من هول الصفعة التي تلقوها من جيش مصر يوم 3 يوليو2013، ناسين ومستنكرين أن الجيش لم يفعل ذلك من تلقاء نفسه، بل تلبية لنداءات واستغاثات الملايين التي لم تجد طوق نجاة تتلقفه بكل قوتها إلا جيشها الذي أنشأته وربته لمثل هذا اليوم، ولم يخذلها من قبل وتشهد له بذلك ثورة عرابي عام 1881م التي طالبت برفع الظلم والضرائب المضنية التي فرضها الخديوي توفيق على الفلاحين، بل وطالبت ببرلمان للشعب أسوة بشعوب أوروبا، كما تشهد أيضًا ثورة يوليو 1952 بمبادئها الستة التي كانت كلها من أجل الشعب المصري.
إنهم يحاولون أن يفصلوا بين الشعب وجيشه بشتى الطرق، ليس حبًا فى الشعب بل لتجريده من سيفه ودرعه الذي يحميه، لكي ينفردوا به ويسوقونه كيف يشاؤون، وليس أدل على ذلك من كل الإجراءات التي اتخذوها قبل 30 يونيو 2013 ضد الشعب ومحكمته الدستورية، وأحداث الاتحادية ومكتب الإرشاد الداميتين وغيرهما.
على مضض وبكل الصبر على تجرع المُر كنت أستمع إلى أحاديث ذلك المذيع الإخواني أحمد منصور فى لقاءاته مع بعض الشخصيات، الذين أطاح بهم يوم 3 يوليو، ويقول كلامًا عن جيش مصر أتحداه لو قال أو يقول بعضًا منه على جيش إسرائيل، نعم يتكلم عن الجيش المصري، وليس عن السيسي.
الأغرب من ذلك هو كلام (أخرق يعقوبيان)، الذي لا هو إخواني ولا هو معلوم الهوية السياسية، الذي يحاول أن يدلي بدلوه فى أحد أيام الاحتفالات بنصر أكتوبر فيقول: «إن النصر الذي حققه الجيش المصري فى حرب أكتوبر1973، يرجع الفضل فيه إلى الجنود أبناء الفلاحين وليس إلى الضباط».. أي فتنة تلك التي يوقظها بل يزرعها هذا الأخرق الذي يُقسم الجيش إلى طبقتين طبقة جنود هم الفلاحين، وطبقة أرستقراطية هم الضباط - من أين أتى بهذا؟ وهو المولود والمتربي فى الحانات، ألا يعلم أن السواد الأعظم من الضباط ومنهم كبار القادة هم من أبناء الفلاحين والعمال وهناك أعداد لا حصر لها بين الجنود من أبناء الطبقة فوق المتوسطة والأكثر ثراءً من الضباط، وكلهم يذوبون فى كيان واحد على قلب رجل واحد لا يأكل القائد قبل أن تأكل جنوده، ولا يستريح قبل أن يستريحوا، والكل منهم يفدي الآخر بحياته.
وأيضًا هذه الفرية التي يتشدق بها بعض أصحاب النفوس المريضة من هذه الفئة الضالة أن ضباط القوات المسلحة هم أصحاب المجاميع الصغيرة فى الثانوية العامة -فى محاولة لإظهارهم بالأقل ذكاءً- والحقيقة التي يعلمونها ويحاولون طمسها أن الكلية الحربية بل والكليات العسكرية لا تقبل إلا أعلى المجاميع من الحاصلين على الثانوية العامة ومعظمهم لا يقل مجموع أحدهم عن 90% أما تحديد الحد الأدنى للقبول بـ ٦٥% فإن هذا شرط للتقدم فقط لدخول الاختبارات، وفى النهاية يتم اختيار الأعداد التي تحتاجها كل كلية من الحاصلين على أعلى الدرجات من الذين يؤدون كل الاختبارات الطبية والرياضية والنفسية. وبعد ذلك يحصل الضباط بعد تخرجهم على أعلى درجات التأهيل العلمي من ماجستير ودكتوراه داخل البلاد وخارجها كشرط للترقي وتولي الوظائف الأعلى.
أما الدور الوطني للجيش فى المشروعات الاستراتيجية، سواء الاقتصادية منها أو بناء وإنجاز للبنية التحتية التي لا غنى للبلاد عنها لكي تنفتح على العالم وتأخذ مكانها بين الأمم المتقدمة منه، فإن ذلك يرجع إلى حكمة ومهارة القيادة أو الإدارة التي تولت شئون مصر؛ لأن دورها وواجبها هو حشد وإدارة إمكانات الدولة لتحقيق أهدافها.
ومن ينظر إلى مصر التي عادت إلى المصريين بعد الثلاثين من يونيو 2013، يجد أن معظم مؤسساتها كانت فى حالة لا تمكنها من القيام بدورها بالسرعة والدقة التي تحتاجها تلك المرحلة، فكان لزامًا على القيادة استنهاض تلك المؤسسات وإعطائها قوة دافعة لزيادة قدرتها، وهنا تم استخدام القوات المسلحة بخبراتها ومنظوماتها فى القيام بهذا الدور الذى نجحت فيه تمامًا بالتعاون مع تلك المؤسسات، التي انطلقت تؤدى دورها كأفضل ما يكون الأداء وتحقق معدلات غير مسبوقة، وهو ما لا يرضاه الحاسدون، ويحاولون باستمرار تشويه كل إنجاز.