عاطف عبد الغنى يكتب: كل أموال الإرهابى لن تعوضنا شهيدًَا واحدًا

عاطف عبد الغنى يكتب: كل أموال الإرهابى لن تعوضنا شهيدًَا واحدًاعاطف عبد الغنى يكتب: كل أموال الإرهابى لن تعوضنا شهيدًَا واحدًا

* عاجل22-6-2018 | 13:31

وصفت بأنها الأولى من نوعها، هذه الدعوى التى أقامها – الأسبوع الماضى – عدد من أسر ضحايا الإرهاب القطرى الذى أصاب أولادنا فى الجيش والشرطة والمدنيين، فسقط منهم من سقط شهيدًا، أو جريحًا، وقد تجاوزوا المئات منذ أن نشطت يد الإرهاب الآثمة وخاصة بعد ثورة 30 يونيو 2013، وحتى اليوم.

ولم تهتم وسائل الإعلام المصرية كثيرًا بأخبار هذه الدعوى القضائية، بينما رأيتها صرخة حتى ولو كانت خافتة الصوت، فى الداخل المصرى وليست فى محفل دولى، إلا أنها وصلت للعالم، فى وقت يواصل فيه النظام الحاكم فى الدوحة، فى تبجح غير مفهوم أو مبرر، سياساته الداعمة للإرهاب بكل أشكاله، وينفق الأموال الطائلة من ثروة القطريين التى هى ثروة العرب فى الوقت ذاته، ليمضى هذا النظام فى مغامرته الإجرامية، التى لا تبدو لها نهاية إلا بنهاية هذا النظام ذاته.

(1)

الدعوى طالبت أمير قطر تميم بن حمد –بصفته– بتعويض مقداره 150 مليون دولار أمريكى، ومع الوضع فى الاعتبار أن كل أموال الأرض لن تعوض أم ثكلى أو أبًا مكلومًا أو زوجة مترملة من ذوى الشهداء من أبنائنا فى الجيش أو الشرطة أو المدنيين.

والدعوى القضائية لها حساسيتها السياسية لكن عريضتها (دعوى الاتهام) تستند إلى قائمة كانت قد أصدرتها دول المقاطعة الأربع (مصر والسعودية والإمارات والبحرين)، وشملت هذه القائمة شخصيات وكيانات تأويها وتدعمها قطر، وهذه الشخصيات والكيانات غير أنها مطلوبة من جانب عدة دول لمحاسبتها على ما اقترفته من جرائم إرهابية، فهى مازالت تمثل خطرًا كبيرًا، على الأمن والسلم فى دول المقاطعة الأربع حسبما جاء فى عريضة دعوى التعويض التى لم تتطرق إلى نشاطات قطر فى غير هذه الدول، فى ليبيا واليمن وسوريا، وأخيرا المغرب.

..لقد باتت قطر مثل المجرم الذى أذهله منظر الدم فى جريمته الأولى وذهب بعقله فراح يهدد الجميع بسكينة ويطعن يسارًا ويمينًا من يطول أو يحاول أن يوقفه عن فعله.. هل هذا التشبيه المجازى صحيح؟!

(2)

قد يبدو المشهد صحيحًا فى السياق العام لكن فى التفاصيل التى يتم الكشف عنها كل يوم نكتشف أن النظام القطرى الذى نؤكد أنه لا يفكر أو يخطط لنفسه، وأن هناك من يخطط ويفكر له، ويدعمه فى مواصلة سياساته الشريرة التى تمكنت من ضميره وعقله، هذا النظام الذى صار بمثابة مأزق فى ذاته، ويصدق عليه قول المسئول الليبى السابق أحمد قذاف الدم - فى حديث له أخير - إن هذا النظام مجبر على أفعاله، ونرى نحن أنه اختار فى البداية، لكن الآن تم حصاره فى ركن لا يستطيع فيه أن يتقدم أو يتأخر أو يغادره أو يعود أدراجه لمحيطه العربى.

(3)

..  عمومًا 150 مليون دولار أو أكثر لا تساوى شيئا يذكر فى ثروة النظام القطرى على مستوى الأفراد، أو ثروة الإمارة إحدى أغنى دول العالم، إن لم تكن أغناها، ولعل هذا التعويض إذا قضى به القضاء المصرى، وتحصل عليه أهالى الضحايا، يُذهب ولو قليل من ذنوب تميم وأبيه وأمه والمتعاونين معهم فى نظام «الحمدين» الذى يبعثر أموال القطريين وثروة العرب فى الجرائم وغسيل السمعة.

(4)

وبمناسبة غسيل السمعة فقد كشفت الأسبوع الماضى صحيفة إلكترونية أمريكية «Mother Jones»  فضيحة جديدة لنظام الحمدين، وفى القصة أن حاكم ولاية أركنسو الأمريكية السابق، والمرشح الرئاسى - أيضا - السابق، مايك هاكابى، قام بزيارة إلى قطر وفى عودته نشر هاكابى على موقع التدوينات القصيرة «تويتر» تغريدة يكاد يقرض فيها شعرا للدوحة التى قضى فيها بضعة أيام ووجدها (حسب وصفه) مدهشة، جميلة، حديثة، مضيافة، وأخبر الأخير فى تدوينته جمهوره، بأنه سوف يظهر على قناة «فوكس نيوز»، فى برامج كذا وكذا ليتحدث عن هذه الرحلة.

ولك أن تعرف أن هاكابى لديه ابنة تعمل سكرتيرة صحفية فى البيت الأبيض، وتدعى سارة، وهذا سبب آخر شجع الدوحة على توجيه الدعوة له واستضافته، والقيام معه بالواجب ودفع 50 ألف دولار له على سبيل المكافأة.

ولأن أمريكا دولة مؤسسات أو هكذا يبدو، فقد تم تحويل المبلغ عبر شركة وسيط (يهودى) يدعى يوسف اللحام، وبشكل قانونى، وهو نفس الشخص الذى كان وسيطًا فى توصيل 100 ألف دولار فى شهر أكتوبر من العام الماضى تبرعت بها قطر لجمعية «جنودنا يتحدثون» وهى جمعية يهودية مقرها نيويورك تقوم بتنظيم رحلات لضباط وجنود فى الجيش الإسرائيلى يطوفون بهم فى الجامعات الأمريكية ليتحدثوا إلى الطلبة على أنهم ضحايا الإرهاب الفلسطينى، كنوع من الدعاية وغسيل السمعة للدولة العبرية.

ليس ما سبق فقط هو ما يربط  قطر باليهود والصهاينة الأمريكيين الموالين لإسرائيل فلدى قطر أيضًا شبكة من جماعات الضغط تمارس دور الوساطة مع واشنطن، وإنجاز مهام أخرى مثل استقطاب شخصيات أمريكية لصالحها.

هذا ما تفعله قطر، والأفعال تغنى عن الكلام.. كلامنا أو كلام الغير.

أضف تعليق